حرب غزة؛ والقيادة العالمية للصين وليس لأمريكا 746

حرب غزة؛ والقيادة العالمية للصين وليس لأمريكا

حافظت منطقة غرب آسيا عبر الزمن على أهميتها وأهمية دورها الكبير وذلك بالنسبة للقوى العظمى التي اتخذتها كإحدى القضايا الرئيسية على مستوى النظام الدولي، وفي السنوات الأخيرة، أصبح دور الصين أكثر تنوعا في هذه المنطقة إلى جانب الولايات المتحدة.

وفي عام 2023، ظهرت الصين أمام العالم كقوة عالمية، مسؤولة ومهتمة بتغيير "قواعد اللعبة" القائمة في غرب آسيا والعالم أجمع. وكان الهدف المعلن لشي جين بينغ هذا العام هو تعزيز تشكيل "الإنسانية ذات المصير المشترك". ومنذ يناير 2023 شهدنا زيادة في زيارات وزراء خارجية دول المنطقة إلى بكين.

كما أن وساطة الصين الماهرة والحكيمة بين السعودية وإيران دفعت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى وصف هذه الوساطة بأنها علامة على طموح الرئيس الصيني وتقديم بديل للنظام العالمي الحالي برئاسة الولايات المتحدة. ونجاح الصين في هذا المجال جعل شي جين بينغ يظهر كرجل دولة عالمي، يوضع في مصاف شخصيات عظيمة مثل شارل ديغول، وتيتو، وجواهر لعل نهرو، وأحمد سوكارنو، ونيلسون مانديلا. وبحسب التقرير، أظهر استطلاع رأي المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في خريف 2023 في ثماني دول (البرازيل، الصين، الهند، إندونيسيا، روسيا، تركيا، السعودية، وجنوب أفريقيا) وأظهر الرأي العام في هذه الدول، أن الصين أكثر شعبية من أمريكا.[1]

في مايو 2023، اقترحت الصين مفاوضات للوساطة بين إسرائيل وفلسطين، واستضافت رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومن أجل تحقيق وقف إطلاق النار، دعا إلى "حماية حياة المدنيين" و"منع وقوع مآسي إنسانية أكبر".

كان موقف الرئيس الصيني شي جين بينغ بشأن حرب غزة قريباً جداً من موقف بكين بشأن الحرب الأوكرانية. وفيما يتعلق بحرب أوكرانيا، أعلنت الصين أيضًا حيادها المبدئي وبذلت جهودًا من أجل السلام، لكنها في الوقت نفسه عمقت علاقاتها مع روسيا. خلال هذه الفترة التي استمرت فيها الحرب في غزة، وضعت بكين قضية حقوق الإنسان في أولوية بياناتها وتصريحاتها ومواقفها الإجرائية.

لكن القضية المهمة هي أن بكين سعت إلى استغلال هاتين الأزمتين في حربي أوكرانيا وغزة من أجل إضعاف الولايات المتحدة وتعزيز قيادتها العالمية. بالإضافة إلى الحد من طاقة وفعالية الدبلوماسية الأمريكية والسياسة الخارجية، فإن حرب غزة تساعد الصين أيضًا في حرب الممرات. وقبل ذلك، حاولت أمريكا بالفعل تحدي مبادرة "الحزام والطريق" الصينية من خلال الإعلان عن الممر الأوسط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والذي يمر عبر جزء من الأراضي المحتلة. ومع استمرار حرب غزة، ستواجه هذه المبادرة الأمريكية تحديات أمنية كبيرة، في حين حققت مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها بكين تقدما كبيرا.[2]

قضية أخرى هي أن الولايات المتحدة فقدت مصداقيتها ومكانتها لدى دول العالم الجنوبي من خلال دعمها الفاضح للنظام الإسرائيلي، أما بكين فقد كانت مواقفها اتجاه الحرب معتدلة من خلال دعم حل الدولتين، ورفض إدانة حماس، وبذلت جهوداً جلية لجذب الرأي العام في الدول النامية لدعم وقف إطلاق النار؛ لأنها تعتبر تراجع نفوذ الغرب بمثابة زيادة في نفوذها.[3]

كما أن رحلة عدد من وزراء خارجية الدول العربية إلى بكين للتشاور بشأن حرب غزة، بغض النظر عن أنها لم تؤد إلى أي نتائج، يمكن اعتبارها رمزا لنجاح دبلوماسية بكين الرسمية في العالم.

وأخيرا، لا بد من القول إنه منذ وجود صراعات معقدة ومتقاطعة إلى جانب المصالح الواسعة للقوى العظمى في منطقة الشرق الأوسط، أصبح تبني سياسة الشرق الأوسط هو الأصعب وفي نفس الوقت الأكثر حيوية في مجال السياسة للقوى العظمى. لذلك، وبينما أظهرت الولايات المتحدة، انطلاقاً من قوتها العسكرية والاقتصادية، حضوراً فاعلاً في الأزمات الإقليمية، فإن دولة مثل الصين، تعتمد في الآونة الأخيرة على المبدأ الأساسي المتمثل في عدم التدخل في أزمات وقضايا الدول الأخرى. وعلى مدى عقدين من الزمن، اتبعت بحذر التعاون مع أقطاب إقليمية غير متجانسة للاستفادة من مصالحها الاقتصادية؛ وهو نهج يعرف باسم التوازن الإقليمي. وفي شرح أسباب اعتماد هذا النهج، فعلى الرغم من أن مناقشة المصالح الوطنية للصين وهيكل الحكم مؤثرة، إلا أنها متأثرة بهذه العوامل الأساسية، حيث تبدو هذه العوامل على المستويات الثلاثة، المحلية والإقليمية والعالمية فعالة في تحقيق وتبني هذه السياسة. ويُعد وضع الصين في المرحلة الانتقالية التنموية، ومبدأ احترام السيادة والسلامة الإقليمية، وعامل الإسلام، ثلاثة مكونات مهمة على المستوى الوطني. وعلى المستوى الإقليمي، تعتبر عوامل مثل أهمية الأسواق الإقليمية وموارد الطاقة والحفاظ على الشركاء الإقليميين مهمة، وأخيرا على المستوى العالمي، المنافسة والتعاون المتزامن مع الولايات المتحدة ومبادرة طريق الحرير الجديد والقوة الناعمة لهذا البلد. وقد كان تبني الدولة لهذا النهج في الصين فعالاً في الشرق الأوسط.

حكيمة زعيم باشي


1. https://www.mashreghnews.ir/news/1572341
2. https://www.irna.ir/news/85345568
3. https://rasadkhone.ir
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال