أشار قائد الثورة الإسلامية الإيرانية، بعد تأكيده استشهاد السيد هاشم صفي الدين، إلى قضية مهمة وهي أن "حزب الله بفضل حكمة وشجاعة قادته كالسيد هاشم، استطاع أن يحفظ لبنان من خطر التمزق والانهيارويبطل فعل التهديدات التي وجهها النظام الغاصب إلى لبنان، والذي كانت قواته تمارس الإجرام في بيروت في بعض الأحيان. اليوم، يُعتبر حزب الله هو الطرف الأقوى المدافع عن لبنان وأقوى درع مقاوم ضد مطامع النظام الصهيوني الذي سعى منذ زمن بعيد إلى تقسيم لبنان. ويسعى العدو الجبان إلى إنكار الدور البطولي لحزب الله في لبنان. لذا على المخلصين والشرفاء في لبنان ألا يسمحوا لهذه الكلمات الباطلة أن تخرج من أفواه هؤلاء المجرمين."
لذلك وفي هذه المقالة سنحاول تسليط الضوء على بعض من الأعمال المؤثرة والمهمة لحزب الله من أجل حماية لبنان، حيث يتمتع حزب الله بجذور شعبية عميقة ودافع دوماً عن شرف وكرامة واستقلال لبنان، حتى يمكن القول إن جميع الطوائف اللبنانية لها تمثيل في قوة المقاومة لحزب الله. في الواقع أن حزب الله في لبنان متعدد الطوائف والعشائر وهو ملك للجميع.[1]
منذ عام 1992، حينما تمكن ثمانية من أعضائه من دخول البرلمان، أصبح حزب الله واحدًا من الأعضاء الرئيسيين في الحكومة اللبنانية، كما إنه يشغل منصبًا في الحكومة منذ عام 2005. في آخر انتخابات وطنية والتي جرت عام 2022 حصل حزب الله على 13 مقعداً من أصل 128 مقعداً في البرلمان اللبناني.
تدير هذه الحركة شبكة واسعة من الخدمات الاجتماعية التي تشمل البنى التحتية، والمرافق الصحية، والمدارس، وبرامج الشباب، والتي كانت جميعها مؤثرة في جذب دعم اللبنانيين الشيعة وغير الشيعة لحزب الله.[2]
حزب الله ليس على غرار الجيوش الكبيرة مجهزًا بالطائرات المقاتلة والدبابات، ولكنه من خلال الحفاظ على هيكله شبه العسكري، استطاع تجميع قدرات صاروخية ومسيرات متطورة. وتشير التقديرات إلى وجود 150 ألف صاروخ وقذيفة بالإضافة إلى الآلاف من الطائرات المسيرة في ترسانة هذا الحزب. كما أن عدد قوات حزب الله يتجاوز 100 ألف مقاتل، مما يجعله أعلى بنسبة لا تقل عن 2.5 مرة من قوات الجيش اللبناني. أساسًا أحد أسباب شعور حزب الله بالواجب فيما يخص الشؤون العسكرية هو الضعف الشديد للجيش اللبناني في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية؛ كما يجب مراعاة التاريخ المضطرب لهذا الجيش، بما في ذلك تعاون بعض قادته وضباطه مع تل أبيب.[3]
في مجال السياسة الخارجية، يؤمن حزب الله بعمق كبير باستقلال لبنان ويرفض أي تدخل للقوى الخارجية في شؤونه الداخلية. لقد كانت تطورات هذا الحزب في التسعينيات مدهشة لدرجة أنها أثارت إعجاب محللين ومراقبين لشؤون منطقة شرق المتوسط. حيث يقول "نيكولاس بلاند نورد"، مراسل مقيم في لبنان حول مكانة حزب الله بين مختلف شرائح المجتمع اللبناني: على الرغم من أن حزب الله، حزب شيعي، فقد استطاع أن يحظى باحترام وتضامن ملحوظين بين الأحزاب السياسية الأخرى في المجتمع الطائفي اللبناني وتمكن من كسب مكانة خاصة.
يُعرّف حزب الله قبل كل شيء نفسه كحركة جهادية، أي حركة مقاومة تسعى لتحرير أرض لبنان من الاحتلال الإسرائيلي من خلال المقاومة المسلحة. لذا يعتبر مقاومة الاحتلال الإسرائيلي هي من أهم الأولويات عند حزب الله، ويعتبِرها خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه. ففي نهاية المطاف يَعتبر إسرائيل العدو الرئيسي لحزب الله وتعود جذور هذا الصراع إلى فترة احتلال الجنوب اللبناني من قبل إسرائيل عام 1978.[4]
خلال الأشهر الأخيرة، بدأ نظام الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ هجمات شاملة على لبنان طامعاً في تحقيق انتصارات سريعة على غرار الحروب السابقة التي خاضها ضد الدول العربية. ولكن يبدو أن هذا النظام قد نسي في حساباته أن لبنان يمتلك عنصراً قوياً يتمثل في الشعب المدافع عنه، المتمثل في حزب الله الذي يمتلك القدرة على تغيير معادلات الهيمنة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي وحلفاؤه مما يمكنه من جعلهم يتذوقون طعم الهزيمة.
وبينما يسعى الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق انتصار سريع في لبنان، فإنه قد شهد بالفعل قوة حزب الله في سنوات 2000 و 2006. في تلك الأوقات تبين في لبنان غياب وعدم حضور الحكومة وعدم وجود جيش قوي، وكانت قوة حزب الله هي القوة التي تمكنت من تحرير أراضي لبنان وطرد جيش الاحتلال. الجيش الذي كان يدعي أنه خامس أقوى جيش في العالم، اضطر تحت المقاومة البطولية لحزب الله إلى الهروب والانسحاب بشكل مذل من معظم مناطق جنوب لبنان.
بعد ذلك أصبحت انتصارات حزب الله في طرد الإسرائيليين من لبنان بمثابة مكسب مهم لهذا الحركة، مكسب أدركه حتى معارضو حزب الله من الداخل والخارج. لقد حوّل حزب الله جنوب لبنان إلى فيتنام بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، وبسبب الهجمات غير المتكافئة والجهود المباركة والبطولية التي قدمها أبطال الحزب، أجبر الاحتلال الإسرائيلي على إعادة النظر في خططه تجاه لبنان. في تلك الفترة، صرح رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بأن حزب الله هو اليوم الجيش الحقيقي للبنان ويعتبر القوة العسكرية الأهم في هذا البلد. وفي الوقت نفسه تحظى شعبية هذه الحركة باحترام كبير من مختلف الطوائف والأعراق اللبنانية وليس فقط من الشيعة.[5]
مع ذلك يبدو أنه يجب على لبنان وبعيداً عن التدخلات الخارجية، أن يتمكن من خلق حوارات وتعاونات وطنية مع الأخذ بعين الاعتبار الدور الحيوي لحزب الله في بناء الاستقرار والحفاظ على الأمن في البلاد. يجب أن يتمكن لبنان من الخروج من الأزمات العميقة التي تفرض أثقالاً مضاعفة على شعبه. هذا هو السبيل الوحيد المتاح أمام السياسيين والمجموعات اللبنانية والشعب، وعليهم أن يدركوا بأن التفاهم والتعاطف والتفكير المشترك هم السبيل للوصول إلى نتيجة واضحة ومحددة لمستقبلهم. ومع ذلك إذا أرادت أي دولة أجنبية التدخل في الشؤون الداخلية للبنان أو وضع شروط كما تفعل الولايات المتحدة أو بعض الدول الأوروبية فسوف نشهد تعميق الأزمات واستمرار لوضعية الحروب في هذا البلد.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال