بعد أسابيع من التكهنات حول هجوم روسي محتمل على خاركيف، أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية، صباح الجمعة 10 مايو ، تقدم الجيش الروسي إلى هذه المنطقة الواقعة في شرق أوكرانيا.
وبحسب الأخبار المنشورة وبعض تصريحات السلطات الأوكرانية، فإنه خلال الساعات الأولى من هذا التقدم فقط، تقدمت القوات الروسية عدة كيلومترات في المناطق الشرقية من خاركيف داخل الأراضي الأوكرانية. وفي هذا السياق، قال الرئيس الأوكراني فولاديمير زيلينسكي في مؤتمر صحفي أن :"روسيا بدأت نوعا جديداً من العمل الهجومي وتدور حالياً معارك ضارية في هذا الاتجاه".[1]وذكرت وزارة الدفاع الأوكرانية في بيان يوم الجمعة أن روسيا نفذت خلال اليوم الأخير غارات جوية بالقنابل الجوية الموجهة في قطاع فوشانسك المتاخم لمنطقة بيلغورود الروسية. وبدأت روسيا عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا منذ أكثر من عامين وما زالت هذه العملية مستمرة، وعمليا فتحت روسيا جبهة جديدة في الحرب مع أوكرانيا بمهاجمة خاركيف.
بداية تجدر الإشارة إلى أنه في الأشهر الأخيرة، وبسبب الدعم العسكري المكثف من أوروبا والولايات المتحدة وحلفائهم لأوكرانيا، كانت الأوساط الإعلامية في جميع أنحاء العالم تنتظر أخباراً عن هجوم مضاد أو عملية لاستعادة المناطق المفقودة من كييف. لكن في ميدان المعركة الحقيقي نرى إعادة تنشيط الروس لعملياتهم وتقدمهم القوي في ساحة المعركة. على الجانب الآخر، تواجه أوكرانيا العديد من المشاكل تحت ضغط أكثر من عامين من الحرب مع روسيا على جيشها لتجديد صفوفه المنهكة والمتعبة. فقد تضاءلت حماسة الأوكرانيين السابقة للانضمام إلى القتال ضد القوات العسكرية الروسية، ولفترة طويلة نسبيا انحدر الدعم الشامل الذي يقدمه الغرب لأوكرانيا. وفي مثل هذه الحالة، يقول القادة الأوكرانيون إنه ليس لديهم ما يكفي من الجنود للعمليات الهجومية والهجمات، وهذا العدد من القوات بالكاد يكفي للحفاظ على المواقع الحالية أثناء تصاعد الهجمات الروسية.[2]ورغم أن السلطات الأوكرانية سبق أن قالت إن أجهزة المخابرات قدرت أن الهجوم الروسي على منطقة خاركيف كان وشيكاً، لأن الآلاف من القوات الروسية تجمعوا على طول الحدود الشمالية الشرقية للبلاد، وأخيراً، تم توجيه الأوامر للقوات الروسية بالبدء أولاً بالمدفعية والصواريخ والقصف الجوي، ثم هجوم بمركبات مدرعة على منطقة خاركيف في شمال شرق أوكرانيا.
وفي هذا السياق، قال جيلبرت دوكتورو، الكاتب والمحلل في الشؤون الروسية: "في الواقع إن الأزمة الحالية خلقها الأوكرانيون بخطئهم الاستراتيجي. خلال السنوات الأخيرة حاولوا إنشاء حصن حول أنفسهم و قطعوا الاتصالات مع الروس، لكن رغم أنهم حاولوا بمساعدة الغربيين القيام بذلك، إلا أنهم عملياً لم يتمكنوا من تقوية الكثير من خطوط دفاعهم، والآن نرى أن نقاط ضعفهم انكشفت في الحرب التي قامت. لقد هُزموا عدة مرات على يد القوات الروسية".[3]
تجدر الإشارة إلى أن مخاوف أوكرانيا بشأن نوايا الكرملين في منطقة خاركيف زادت عندما دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إنشاء منطقة عازلة داخل أوكرانيا. وأشار إلى أن هذا الإجراء يأتي ردا على إرسال أسلحة وذخيرة أمريكية جديدة إلى أوكرانيا، وأكد أن إنشاء هذه المنطقة العازلة ضروري لحماية روسيا من القصف الأوكراني والهجمات الحدودية.[4]
ووفقا لمعهد الدراسات الحربية ISW))، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، حققت القوات الروسية "إنجازا تكتيكيا كبيرا" عندما استهدفت منطقة خاركيف في أوكرانيا يوم الجمعة. وبحسب صحيفة أوكراينسكا برافدا الأوكرانية، فإن خرائط معهد الدراسات الحربية تظهر أن القوات الروسية تهاجم نقطتين على الجانب الآخر من الحدود، وسيطرت خلالها على قرى ستريلتشا وكراسني وبيلنا وبوريسيفكا.[5]وتعد خاركيف، التي تقع على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود الروسية، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا وتتعرض لقصف جوي وصاروخي مكثف منذ أشهر. ومن المرجح أن تقوم القوات الروسية بالمرحلة الأولية من العملية الهجومية شمال مدينة خاركيف، والتي لها أهداف عملياتية محدودة، ولكنها تهدف في النهاية إلى تحقيق التأثير الاستراتيجي المتمثل في جذب القوى البشرية من مناطق المواجهة الحيوية الأخرى في شرق أوكرانيا. وتظهر خريطة معهد الدراسات الحربية أن القوات الروسية هاجمت منطقة خاركيف مرتين، "واحدة شمال مدينة خاركيف في اتجاه ليبيتسيك وأخرى شمال شرق مدينة خاركيف بالقرب من مدينة فوتشانسك". وبالنظر إلى الحالات المذكورة أعلاه، فلن يغيب عن البال أن نعتبر روسيا هي المنتصرة في هذه الجبهة الجديدة المفتوحة في شرق وشمال شرق أوكرانيا، والتي ستظهر نتائجها الاستراتيجية والعملياتية في الأيام والأسابيع المقبلة تركيز القوات الأوكرانية على هذه الجبهة الجديدة وإهمال الجبهات الأخرى.
768
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال