لقد سعى الرئيس زيلنسكي رئيس أوكرانيا خلال زيارة له لأوروبا استمرت عدة أيام التقى خلالها بمسؤولين أوروبيين مختلفين للحديث عن خطة النصر، التي لا تتوفر تفاصيل كثيرة عنها، وقد تحدث مع الزعماء الأوروبيين لإقناعهم بدعم أوكرانيا بشكل أكبر. ومع ذلك يبدو أن نتائج هذه الزيارة لم تكن كما كان يأمل الرئيس الأوكراني، حيث تبدو أوروبا غير راغبة في مواصلة الحرب الشاملة.
الحقيقة المرّة!
أوضحت نتائج هذه الزيارات للرئيس زيلنسكي إلى العواصم الأوروبية، التي شملت روما ولندن وباريس وبرلين، أن قادة هذه الدول لا يرغبون في تصعيد التوتر مع روسيا ويسعون إلى حماية أنفسهم من الأذى والمواجهة المباشرة معها. وربما باستثناء فرنسا التي أولت اهتمامًا كبيرًا لمطالب أوكرانيا فإن باقي الزعماء الأوروبيين اكتفوا بالدعم اللوجستي المحدود.[1]
يبدو أن زيلنسكي يجب أن يقبل بهذه الحقيقة وهي أن القادة الأوروبيين يبتعدون عن مواجهة روسيا ويفضلون حربًا استنزافية تهدف إلى إقناع روسيا في النهاية بالسلام. بمعنى آخر دفع الناتو بقيادة الولايات المتحدة أوكرانيا إلى حافة الحرب مع روسيا لتقليل قدرتها القتالية والاقتصادية. وقد حققت هذه الاستراتيجية بعض النجاح حيث تواجه روسيا الآن أشد العقوبات. والآن لا تسعى الولايات المتحدة إلى زيادة مستوى التوتر والصراع لأنها يبدو أنها حققت معظم أهدافها. لكن أوكرانيا في هذه الأثناء أكثر من كونها بطلة أصبحت ضحية. قد يتعين على زيلنسكي أن يقبل بأن القادة في العالم الغربي ليس لديهم رغبة كبيرة في استمرار النزاع ويبدو أنهم قد ملوا من هذه الحرب التي مضى عليها أكثر من عامين. إن سياساتهم وخصوصًا الرئيس بايدن تشير إلى أنهم أصبحوا على استعداد لرؤية أوكرانيا تستسلم بالكامل.[2]
خطة النصر
تُعتبر خطة النصر الاستراتيجية الجديدة لأوكرانيا للاستمرار في القتال ضد روسيا. وعلى الرغم من عدم نشر تفاصيل هذه الخطة أوضح مستشار الرئيس الأوكراني أن هذه الخطة تمثل برنامجًا شاملاً يمكن أن يُجبر روسيا على التراجع ويحقق النصر لأوكرانيا إذا حصلت على دعم الدول الغربية. في هذه الخطة تعيد الحكومة الأوكرانية طلب استخدام الصواريخ بعيدة المدى الأميركية والبريطانية لشن هجمات في عمق الأراضي الروسية. إنهم يعتقدون أن هذا قد يسهم في تقليل القدرة القتالية لروسيا وإجبارها على قبول شروط أوكرانيا. وللوصول إلى تقديم أفضل لهذه الخطة،[3] نفذت أوكرانيا هجومًا واسع النطاق في منطقة كورسك وتمكنت من السيطرة على جزء من الأراضي الروسية ومع ذلك يبدو أن أيًا من هذه الإجراءات لن تؤدي إلى نتيجة ملموسة، لأن هناك غيابًا للإرادة لدى القادة الغربيين لدعم أوكرانيا بشكل أكبر. وقد أشار بعض قادة الاتحاد الأوروبي إلى فكرة خطة السلام وإنهاء الحرب، كما نصح بايدن أوكرانيا بأن "التوصل إلى اتفاق سيئ أفضل من الدمار". جميع هذه المواقف تشير إلى أن أوكرانيا يجب أن تسير بمفردها في هذه المرحلة بدعم ضعيف من الغرب، أو أن تستعد لقبول السلام.
بينما تلعب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة دورًا مهمًا في مستقبل أوكرانيا. فإذا فاز ترامب فمن المحتمل أن نشهد تحولات كبيرة في جبهة القتال في أوكرانيا، أما إذا فازت هاريس فمن المحتمل أن يستمر نفس المسار الحالي والذي سيكون الرابح فيه هو الولايات المتحدة في حين ستكون أوكرانيا هي الخاسر الرئيسي.
لماذا السلام؟
يمكن تقديم عدة أسباب حول جهود الدول الأوروبية لإقناع أوكرانيا بالسلام. من بين هذه الأسباب أن الضغوط الاقتصادية وتفكك أمن سلسلة إمدادات المواد الغذائية للعديد من بلدان أوروبا ومناطق أخرى من العالم، وأدى ذلك إلى زيادة التكاليف وانخفاض مستوى الرفاهية في البلدان الاوروبية. وقد يهيئ هذا الأمر لبدء أو توسيع الاحتجاجات الاجتماعية في دول مختلفة.
بالإضافة إلى ذلك إن الخوف من المواجهة المباشرة مع روسيا سيكلف الدول الأوروبية الكثير مما يجعلها عرضة للخطر أمام روسيا خاصة مع كونها قد منحت جزءًا كبيرًا من معداتها لأوكرانيا. كما أن روسيا تمتلك أحد أكبر الترسانات النووية في العالم، وإذا استخدمتها فمن المؤكد أن ذلك سيؤدي إلى كارثة كبيرة.
فضلًا عن ذلك نظرًا لتزايد التوترات في جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا وقضية تايوان، فإن الحكومات الأوروبية ترغب في حل أزمة الحرب في أوكرانيا في أسرع وقت ممكن لتقليل احتمالية الأضرار المستقبلية التي قد تلحق بها ولتكون في وضع جيد لمواجهة الأحداث المقبلة.
في الواقع تسعى أوروبا وحتى الولايات المتحدة إلى إنهاء المغامرة الجيوسياسية مع روسيا، وربما تكون خطتهم التالية هي الصين لتحدي هذا البلد أيضًا كما تحدت روسيا. على أية حال يبدو أنه يجب الانتظار حتى الانتخابات الأمريكية لنرى ما هي الخطط التي يحملها القادة الغربيون لأوكرانيا سواء كانت نحو السلام أو الحرب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال