دراسة الأبعاد القانونية لعملية الاغتيال البيولوجي للسيد حسن نصر الله على يد الكيان الصهيوني
في مساء يوم الجمعة 27/9/2024 قامت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بقصف منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت بشكل كثيف ما أدى إلى اغتيال واستشهاد السيد حسن نصر الله ومن كان معه من حاشيته التي كانت تتألف من كوادر رفيعة المستوى في قيادة حزب الله اللبناني وعدد من المستشارين العسكريين رفيعي المستوى للجمهورية الإسلامية الإيرانية. في هذه العملية استخدم سلاح الجو الإسرائيلي 85 طنًا من قنابل BLU الخارقة للتحصينات لإنجاح عمليته الإرهابية.
لكن بعد هذه العملية وبعد فحص مكان استشهاد السيد حسن نصر الله وفريقه، تبين أن السبب الحقيقي لاغتيالهم لم يكن انفجار وتأثير قنابل BLU. لأن أجساد الشهداء؛ كانت بحالة جيدة ولم تتعرض للتشويه. ما تم العثور عليه في المسح البيئي لموقع الاستشهاد وبقايا القنابل المنفجرة؛ أظهر أن قنابل BLU كانت مليئة بمواد كيميائية سامة وقاتلة للغاية. وكانت هذه المواد خطيرة لدرجة أن الشهيد السيد حسن نصر الله استشهد فور استنشاقه لها. ونالوا الدرجة العالية من الشهادة على الفور. في الواقع كانت هذه القنابل من نوع BLU التي استخدمها سلاح الجو الإسرائيلي في هذه العملية الإرهابية قنابل كيميائية.
الشيء الآخر هو أن قنابل BLU هي قنابل خارقة للخنادق. القنبلة الخارقة للتحصينات (1) هي نوع من القنابل المصممة لاختراق الهياكل الصلبة مثل المخابئ العسكرية أو المرافق تحت الأرض. تُستخدم هذه المتفجرات القوية عادةً في الحروب لاستهداف مخابئ العدو المحمية بالخرسانة السميكة أو الفولاذ. تستخدم القنابل الخارقة للدبابات مزيجًا من السرعة والوزن لاختراق الطبقات الواقية قبل الانفجار. يمكن إسقاط هذه القنابل من الطائرات أو إطلاقها من أنظمة أرضية. ورغم فعالية هذه الأسلحة في العمليات العسكرية فإن استخدامها يثير تساؤلات أخلاقية حول تأثيرها على المدنيين والبيئة. وفي العديد من البلدان فرض القانون الدولي قيوداً على استخدام بعض أنواع هذه الأسلحة.
تتمتع هذه القنابل عادة بجسم ثقيل ومعزز يساعدها على تحمل تأثير ضرب هدف صلب واختراقه. عند إطلاقها من الطائرة فإنها تكتسب السرعة والتسارع الذي يساعدها على اختراق طبقات الخرسانة أو الفولاذ. وتستخدم بعض القنابل الخارقة أيضًا فتيل تأخير مما يعني أنها تنفجر بعد اختراق الهدف مما يتسبب في المزيد من الضرر داخل الكتلة المستهدفة. إن هذا الجمع بين الوزن والسرعة والتكنولوجيا المتقدمة يجعل القنابل الخارقة فعالة في العمليات العسكرية.
ومن الجدير بالذكر هنا أن معايير القانون الدولي لا تحظر صراحة استخدام هذا النوع من القنابل ضد المدنيين. ولكن وفقاً للعديد من معايير قانون النزاعات المسلحة بما في ذلك اتفاقيات أعوام 1896، 1907، 1929، 1949، و1970، هناك قواعد تتعلق بالحرب لا بد من القول إن النظام الصهيوني قد انتهكها بارتكاب هذه العملية.
وعليه فإن القواعد والأنظمة المتعلقة بالحرب تنظر عموماً إلى ثلاثة أنواع من العمليات القتالية:
أ- تحديد ساحة المعركة
ب- الحد من أسلحة الحرب
ج- حصر العمليات القتالية على المقاتلين
ومن هنا فمن الواضح تماماً أن منطقة الضاحية التي كانت هدفاً للعملية الإرهابية لسلاح الجو الإسرائيلي هي منطقة سكنية وهذه كانت أول جريمة ترتكبها تل أبيب في هذه العملية.
وكانت النقطة الأخرى هي استخدام النظام الصهيوني للأسلحة الكيميائية في هذه العملية. وبموجب الاتفاقية الدولية للأسلحة الكيميائية، فإن استخدام هذا النوع من الأسلحة محظور عموماً.
الاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية (2) هي أهم معاهدة دولية تحظر إنتاج وتخزين واستخدام أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الكيميائية. صدّق عليها في باريس ونيويورك ممثلو 165 دولة عضوًا في الأمم المتحدة في 13 يناير/كانون الثاني 1993، بعد سنوات قليلة من استخدامها من قبل سلاح الجو التابع لنظام البعث العراقي ضد أكراد سردشت، كردستان الإيرانية، ودخلت حيز النفاذ في 29 أبريل 1997.
إن الجهة الضامنة لتنفيذ الاتفاقية الدولية للأسلحة الكيميائية هي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وهي هيئة حكومية دولية أنشئت في عام 1997 مع دخول اتفاقية الأسلحة الكيميائية حيز النفاذ. يقع المقر الرئيسي للمنظمة في لاهاي بهولندا ويخضع لها جميع الدول الموقعة على اتفاقية الأسلحة الكيميائية.
انضمت 190 دولة إلى الاتفاقية الدولية للأسلحة الكيميائية. ومع ذلك لا تزال ست دول أعضاء في الأمم المتحدة (3) بما في ذلك أنجولا وبورما ومصر وإسرائيل وكوريا الشمالية وجنوب السودان ترفض الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية.
ومن ثم فمن الواضح أن النظام الصهيوني؛ وحتى في هذه العملية تم ارتكاب جرائم واضحة وفظيعة. بالإضافة إلى كل هذا ارتكب النظام الصهيوني في هذه العملية عمليات اغتيال مستهدفة وإعدامات خارج نطاق القانون الدولي. كل هذه الجرائم قد حدث في ظل الدعم غير المشروط والكبير الذي تلقته تل أبيب من الحكومة الأميركية.
أمين مهدوي
1- Bunker buster
2- Chemical Weapons Convention
3- Organisation for the Prohibition of Chemical Weapons
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال