رغم ان امريكا هي التي مزقت الاتفاق النووي وفرضت عقوبات غير مسبوقة على ايران، ورغم نكوث فرنسا والمانيا وبريطانيا لعهودها، وتواطأت مع الموقف الامريكي، وفشل روسيا والصين في اتخاذ اجراءات يمكن ان تعوض ايران عن الخسائر التي منيت بها بسبب هذا الانتهاك الغربي الصارخ لاتفاق دولي كان مدعوما بالقرار 2231، رغم كل ذلك قررت ايران مرة اخرى ان تحضر محادثات فيينا من اجل وضع الاطراف الاخرى امام مسؤولياتها ازاء الاتفاق النووي.
حضور ايران في فيينا سيكون مختلفا هذه المرة، حيث اعلنت وبشكل واضح، ان المحادثات القادمة في فيينا لن تكون حول القضايا النووية ، فهي قضايا قد تم الاتفاق عليها سابقا وبالتفصيل، لذلك سينصب البحث حول إلغاء الحظر المفروض على ايران بجميع أشكاله، وعودة الاطراف الاخرى الى التزاماتها، وليس هذا فحسب، بل يجب ان تكون هناك ضمانة قوية وكافية بأن امريكا لن تنسحب من الاتفاق النووي مرة أخرى.
اكثر من مسؤول ايراني، اعتبر رفع جميع العقوبات المتعلقة بالاتفاق النووي شرط ضروري لنجاح المفاوضات، وان المفاوضات النووية ستفشل في حال عدم الغاء كل اجراءات الحظر المفروضة على ايران، واي تقدم في المفاوضات يجب ان يترافق مع الغاء كل اجراءات الحظر الاميركية، وليس لدى ايران وقتا لتهدره في مناقشات عقيمة، حول من يجب ان يعود الى الاتفاق النووي اولا؟، ومن يجب ان يتخذ الخطوة الاولى؟، فالجميع يعلم، ومن ضمنهم ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن وحلفاء امريكا الغربيين، ان امريكا هي التي انسحبت من الاتفاق وهي التي يجب ان تعود اليه، ولا طريق يمكن ان تعود من خلاله الى الاتفاق النووي، الا طريق رفع الحظر.
يبدو ان ادارة بايدن، راهنت على سياسة الضغوط القصوى الفاشلة، التي اعتمدتها ادارة سلفه ترامب، وكان بايدن يتوقع ان تثمر مواصلة هذه السياسة، عن تنازلات ايرانية، ولكن الذي حصل كان عكس ذلك تماما، بعد ان قلصت ايران التزاماتها في الاتفاق النووي، دون ان تنسحب منه، الامر الذي جعل ادارة بايدن تستشعر بضغط الفشل الذي ارتكبته، عندما واصلت سياسة الفاشل ترامب.
من اجل تذكير اطراف الاتفاق النووي بمسؤولياتها، وعدم تكرار اخطاء الماضي، اكد المسؤولون الايرانيون، لنظرائهم الاوروبيين تحديدا، تلميحا تارة وتصريحا تارة اخرى، ان على الدول الاوروبية، خاصة فرنسا وبريطانيا والمانيا، عندما تجلس الى طاولة المفاوضات، ان تتمكن من متابعة سياسات مستقلة عن امريكا، والا لماذا يجب ان تجلس الى طاولة المفاوضات، وهي تسير كالاعمى خلف امريكا، كما حصل عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي.
المطلوب ايرانيا من الاوروبيين، الاعضاء في الاتفاق النووي، الذين نكثوا عهودهم ولم يلتزموا على ما وقعوا عليه، ان يعوضوا ايران هذا المرة، عبر اتخاذ خطوات عملية لرفع الحظر، وعدم الاكتفاء بالكلام ورفع الشعارات، فإن الوقت الذي يعتقدون انه سيفا مسلطا على ايران، بسبب العقوبات القصوى، هو ايضا سيفا مسلطا على رقاب الاوروبيين والامريكيين، فكما مرّ، يكون نصله قد نفذ في رقابهم اكثر، فإيران عام 2021 ليست ايران عام 2015، فقد ولى زمن الالتزام الاحادي الجانب بالتعهدات، فإما ان يلتزم جميع الاطراف بتعهداتهم، وإما لا ينتظروا من إيران إي التزام.
سعيد محمد
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال