غطت وسائل الإعلام في منطقة غرب آسيا لقاء رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع نظيره الروسي خلال اجتماع دول آسيا الوسطى الذي عُقد في جمهورية تركمانستان.(1) ويُعتبر هذا اللقاء استمراراً لسياسة الإقليمية التي تنتهجها الحكومة الإيرانية الجديدة ويحمل أهمية كبيرة من عدة جوانب. تخوض روسيا حربها مع أوكرانيا وقد تعرضت لفرض عقوبات صارمة من قبل الدول الغربية بينما تشهد إيران في منطقة غرب آسيا حالة من التوترات الناجمة عن صراعها مع النظام الصهيوني. يوجد بين البلدين في هذه الفترة الزمنية العديد من القواسم المشتركة. وفي اللقاء الذي جمع الرئيسين في تركمانستان، دعت روسيا رسمياً رئيس جمهورية إيران لزيارة رسمية إلى موسكو خلال الأسابيع المقبلة. أبعاد هذه الدعوة في هذا التوقيت تحمل نقاطاً جديرة بالدراسة وسنتناولها في ما يلي.
التهديدات المشتركة
على مدار السنوات الماضية تعرضت كل من إيران وروسيا اللتين رسمت كل منهما أهدافاً ومصالح مختلفة لنفسها لتهديدات مشتركة. فقد قامت الولايات المتحدة وأوروبا في العامين الأخيرين بخلق مخاطر وتحديات لكلا البلدين حسب المواضيع المشتركة بينهما. في هذه الحالة التي نراها بشكل واضح في العلاقات بين البلدين تدفع كلاهما إلى محاولة الاقتراب أكثر من بعضهما البعض بشكل منطقي. إن الحرب مع أوكرانيا وحرب غزة هما القضيتان اللتان قادتا إلى تقارب البلدين هذا العام. في الأسابيع الأخيرة ووسط تصاعد الأحاديث عن الحرب في غرب آسيا بين إيران والكيان الصهيوني شهدنا دعماً لوجستياً كبيراً من روسيا لإيران.(2) بالطبع هذه المسألة تعتبر رداً على دعم روسيا في الأشهر الماضية حيث يمكن رؤية الأسلحة والمعدات الإيرانية في أي معركة تحققت فيها إنجازات لروسيا في صراعها مع أوكرانيا.
تعزيز محور الشرق
في عالم تقوم فيه الولايات المتحدة والدول الأوروبية بفرز الدول إلى صديقة وغير صديقة، تسعى الدول الشرقية أيضاً إلى تعزيز برامجها المشتركة. حيث تم الانتهاء من التفاهمات الاستراتيجية المشتركة بين إيران وروسيا والصين وسنكون على موعد مع توقيع هذه الاتفاقيات العليا في الأسابيع القادمة.(3) القضية الأساسية في تفاهم الدول الشرقية تكمن في التهديد المشترك لها، بالإضافة إلى المصالح المتبادلة الناجمة عن تعزيز العلاقات فيما بينهم. وقد أدى ذلك إلى أن تسعى كل من الصين وروسيا وإيران لمزيد من الاقتراب من بعضها البعض.
انتخابات الولايات المتحدة
ومن الأمور المهمة التي سنشهدها في الأسابيع القادمة هي إجراء الانتخابات في الولايات المتحدة. إن وصول رئيس جديد إلى سدة الحكم نتيجة لهذه الانتخابات قد يؤدي إلى تغييرات وتحولات في الملفات الدولية الهامة المفتوحة لدى مختلف المناطق في العالم. إن دعوة روسيا لرئيس إيران للحضور في موسكو تشكل فرصة مناسبة للبلدين للتخطيط لتطورات محتملة قد تحدث عقب انتخابات الولايات المتحدة. القضية المتعلقة بالحرب في أوكرانيا وحرب غزة تعد من الملفات المهمة لكل من إيران وروسيا، وفي حال فوز مرشح ديمقراطي أو جمهوري، يمكن تصور مستقبل مختلف لهما.
خلاصة القول
بشكل عام يمكن القول إن دعوة رئيس جمهورية إيران إلى روسيا في خضم تصاعد التوتر مع الكيان الصهيوني قد تعكس تخطيط البلدين لتعزيز العلاقات بينهما أكثر.(4) يمكن أن تتم تقوية العلاقات بين البلدين في جميع المجالات وليس فقط في المجال الأمني والعسكري. كما إن اقتصاد كلا البلدين فُرضَ عليه عقوبات غربية ويمكن أن يعزّزوا اقتصادهما من خلال التعاون المشترك فيما بينهم. لقد أظهرت إيران أنها صديق موثوق به في أوقات الحاجة كما أظهرت لها روسيا أنها تعتمد عليها في قضاياها الهامة. في الأسابيع الأخيرة وفقاً للتقارير الإعلامية وفرّت روسيا احتياجات إيران العسكرية في مجال الدفاع الذاتي. وتشعر الولايات المتحدة والدول الأوروبية بالقلق إزاء تزايد هذه العلاقات بين البلدين. يمكن لدول محور الشرق أن تظهر بصورة أكثر تنظيماً في ساحة العلاقات الدولية وتمتلك القدرة على عدم البقاء في وضع دفاعي دائم، بل وضع تخطيطي وهجومي لتحقيق أهدافها المشتركة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال