غادر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان متوجهاً إلى موسكو الثلاثاء الماضي خلال زيارة رسمية.
أثارت هذه الزيارة مستوى كبيراً من ردود الفعل في وسائل الإعلام وكذلك في الدوائر السياسية، وكان توقيت الزيارة في دائرة الضوء أكثر من أي موضوع آخر.
لأنه من جهة، تمت زيارة أمير عبد اللهيان إلى موسكو في خضم العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، ومن جهة أخرى، خلال الأسبوع الماضي، أثارت وسائل الإعلام والسياسيون الغربيون موجةً من الدعاية حول خطة روسيا لعرقلة إحياء الاتفاق النووي.
لكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن هو، ما هي أهداف وإنجازات زيارة أمير عبد اللهيان إلى موسكو؟
تعزيز العلاقات الثنائية
الهدف الأول والأهم لوزير الخارجية الإيراني في خضم موجة واسعة من التطورات الدولية، يمكن اعتباره تعزيز العلاقات الثنائية.
وفي هذا الصدد، نرى أن وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان، ولدى وصوله إلى العاصمة الروسية، في إشارة إلى أهداف هذه الزيارة، قال: “اليوم، تأتي زيارتي إلى موسكو مع الوفد الذي يرافقني لعدة أهداف؛ الهدف الأول هو متابعة الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال زيارة السيد رئيسي لموسكو في يناير، والاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الرئيسين”.
وشدد أمير عبد اللهيان، خلال لقائه مع سيرغي لافروف، على أهمية تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال زيارة رئيس جمهورية إيران الإسلامية لموسكو، منوهاً بعزم طهران على تطوير العلاقات مع دول الجوار ومن بينها روسيا، واعتبر ذلك من المحاور الرئيسية وذات الأولوية في السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية الثالثة عشرة.
کما أکد وزير الخارجية الإيراني على أن عملية تطوير العلاقات مع الجيران وروسيا ستحدد وستستمر بشكل مستقل عن أي عامل ثالث أو تطورات دولية، بغض النظر عن نتائج محادثات فيينا.
من ناحية أخرى، أكد لافروف، في إشارة إلى ضرورة تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال الاجتماع الأخير للرئيسين في موسكو، استعداد بلاده لتطوير التعاون مع إيران في جميع المجالات، وخاصةً في المجال الاقتصادي.
كما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي: “في المفاوضات مع نظيري الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بدأنا عملية الاتفاق على وجود إيران الدائم في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي”.
وإذ قيَّم بشكل إيجابي بداية عملية عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون، قال: “لقد بدأنا أيضًا عملية إبرام اتفاق بشأن الوجود الإيراني الدائم في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. لطالما كانت إيران طرفًا في الاتفاقية المؤقتة للاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وقد بدأنا الآن عملية إبرام اتفاقية دائمة بين إيران والاتحاد”. وأضاف: “من الواضح تمامًا أن هذا الاتفاق يصب في مصلحة المشاركين في اتفاقية الاتحاد الأوراسي”.
التنسيق في مفاوضات رفع العقوبات
إلى جانب العلاقات الثنائية، فإن أهم قضية في زيارة وزير الخارجية الإيراني لروسيا تتعلق بمسألة التقارب الوثيق بين البلدين، في اتجاه التنسيق في مفاوضات رفع العقوبات.
وفي هذا الصدد، أثناء وصوله إلى موسكو، ذكر أمير عبد اللهيان أن أحد الأهداف المهمة لزيارته هو متابعة محادثات فيينا لرفع العقوبات.
وشدد علی أنه “في التصريحات والأخبار، يُنشر أنه إذا توصلنا إلى اتفاق في فيينا مع الجانب الأمريكي والأطراف الغربية الأخرى، فقد لا يدعم الجانب الروسي الاتفاق في فيينا کما ينبغي، بالنظر إلى بعض القضايا التي أثيرت في وسائل الإعلام.”
ومع ذلك، فإن أهم إنجازات زيارة أمير عبد اللهيان الأخيرة، هو اطمئنانه وحصوله علی الضمان بشأن موقف روسيا الإيجابي وحسن نيتها تجاه الاتفاقات والمفاوضات في فيينا.
وفي هذا الصدد، نرى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وبعد لقائه أمير عبد اللهيان، أعلن دعم روسيا الكامل للانتهاء من الاتفاق في فيينا، مؤكدًا أن روسيا لن تعرقل التوصل إلى اتفاق في فيينا خلافًا للمزاعم الأمريكية، وستحافظ على نهجها البناء في الجهود الجماعية في هذا الاتجاه حتى النهاية.
وبالتزامن مع هذه التصريحات، غرَّد ميخائيل أوليانوف، مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، يوم الثلاثاء الماضي: “نشهد تكهنات حول مطالب روسيا في اللحظة الأخيرة في المرحلة الأخيرة من محادثات فيينا، والتي تعرقل إحياء الاتفاق النووي. كما غرّدت عدة مرات خلال الأسبوع الماضي، هذه كذبة؛ كما تم قبول بعض الطلبات أيضًا”.
إضافةً إلى تصريحات المسؤولين السياسيين الروس، غرَّد وزير الخارجية الإيراني بعد لقائه لافروف: “عقدت اجتماعاً بناءً مع وزير الخارجية الروسي حول القضايا الثنائية، ومحادثات فيينا، وأوكرانيا، وسوريا، واليمن، وأفغانستان. لقد طمأننا أن روسيا ما زالت تعمل للتوصل إلى اتفاق نهائي في فيينا. واليوم أكثر من أي وقت مضى، الكرة في ملعب أمريكا لتقديم الإجابات اللازمة لانتهاء المفاوضات بنجاح.”
وبالتزامن مع التأكيد على أن روسيا لن تعرقل محادثات فيينا، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في بيان، إن موسكو قدمت على الدوام “مساهمات كبيرة” في محادثات فيينا، مضيفةً إن نص الاتفاقية المرتقبة في محادثات فيينا قد تم تعديله لحماية التعاون الإيراني الروسي.
کذلك، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، على أن واشنطن لن تفرض عقوبات على روسيا لمشارکتها في المشاريع النووية الإيرانية.
مجموع هذه المواقف والتصريحات يدل بوضوح على أن أمير عبداللهيان قد حقق إنجازاً مميزاً للغاية في مجال الاتفاق النووي ومحادثات فيينا.
زيادة التعاون بين البلدين في مجال الأزمات الإقليمية
الهدف الآخر، وبالطبع الإنجاز الآخر لزيارة أمير عبد اللهيان، كان تعزيز التعاون والتنسيق بين مسؤولي البلدين.
لا شك أنه في ظل الوضع الراهن، فإن الأزمة الأوكرانية هي أحد الموضوعات الجادة التي يناقشها المسؤولون من مختلف البلدان مع القادة الروس؛ وبالطبع، تحاول طهران، كدولة مستقلة، لعب دور إيجابي في إحلال السلام بين الجانبين وإنهاء النزاع.
بشأن أوكرانيا، شدد أمير عبد اللهيان في بداية زيارته لموسكو: “لا يمكننا أن نكون غير مبالين بهذا الحادث؛ نحن ندين صراحةً الحرب في أوكرانيا أو في أفغانستان واليمن أو في أي مكان في العالم. ومثلما ندين العقوبات ونعتبر العقوبات أحادية الجانب ضد البلدان والشعوب طريقةً خاطئةً، فإننا نركز أيضًا على إيجاد حل سياسي لقضية أوكرانيا”.
أيضًا، كما في السنوات القليلة الماضية، فإن إحدی النقاط الرئيسية في زيارة أمير عبد اللهيان لروسيا تتعلق بالتعاون الإقليمي بين البلدين، ولا سيما في سياق الأزمة السورية. وفي هذا الصدد، يبدو أن محادثات مهمة جرت بين وزير الخارجية الإيراني ونظيره الروسي من أجل زيادة التنسيق.
المصدر: الوقت
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال