سليماني ؛ رجل فوق كل الجوانب والتيارات 12

سليماني ؛ رجل فوق كل الجوانب والتيارات

مرت
ثلاث سنوات على استشهاد الشهيد قاسم سليماني أبرز الشخصيات الوطنية والقومية
والعالمية. لقد استشهد الجنرال واعتبرته العديد من الدول الإسلامية وغير الإسلامية
نموذجًا للعدالة في العالم. كان رجلا خارج كل الحدود والجهات والتيارات، ولم يكن يقاس
بأي حد من الحدود، لقد أصبح رمزًا للوحدة الإسلامية ومنقذاً للمظلومين وسنداً لهم
بما في ذلك المسلمين والمسيحيين واليزيديين والتركمان...وغيرهم. في المشهد السياسي
الإيراني كان من الشخصيات النادرة التي ساهمت في إرساء الوحدة الوطنية في البلاد، ولم
يتخذ موقفا متطرفًا في المجال السياسي ولم يكن له مسار متحيزٌ لليسار أو اليمين
مما ساعد على تقوية الوحدة الوطنية.

معارضة
الجهات السياسية

إن
عدم دعم الجنرال للحركات السياسية لا يعني أنه كان شخصًا محايدًا في السياسة
الداخلية بل على العكس من ذلك فهو الذي كتب الرسالة الشهيرة لدى قادة القوات
العسكرية إلى رئيس الجمهورية آنذاك وحدد موقفه بوضوح في فتنة 1378ه‍. لقد كان خطه
الأحمر هو الجمهورية الإسلامية والثورة والمرشد الأعلى للثورة. لطالما قال إنه لا
يقبل التقسيمات وأن كل الناس إن كانوا من عائلات متدينة ونساء محجبات بالكامل أو
نساء ذات حجاب عادي جميعنا متحدون تحت راية واحدة وتحت ظل قيادة شخص واحد ولا مكان
للانقسام والتفرقة بيننا.

كان
الحاج قاسم يحسن إدارة القوات التي تحت إمرته بالتشجيع والحماسة في الميدان وكان
يحثُ الجميع على اتباع الطريق الصحيح. لم يكن عضوًا في أي حزب أو جماعة وكان
دائمًا يفضل مصالح الناس على مصالحه الخاصة. أيضًا لم يكن لإسلوبه ونهجه أي تحيز
طائفي فمثلاً في موضوع الحجاب الفضفاض قال الحاج قاسم بحذر واحترام: "بعض
أنواع الثياب هكذا.. فهل يجب رفضها أو طرد أصحبها ؟" أليس هؤلاء أولادنا؟
" فهذا الموقف مستوحى من نهج القائد ، فليس من الصواب إطلاقاً حرمان المرأة
لمجرد ظهور القليل من شعرها. وبحسب الجنرال سليماني فإن الأمن القومي واستقلالية البلاد
هم الهدف الأسمى الذي يتجاوز كل هذه التقسيمات ويجب أن تكون المؤسسات المسؤولة عن حماية
البلاد وأمنها مستقلة عن أي تصنيف طائفي وبعيدة عن أي انتماءات وتدخلات سياسية داخلية
بحيث تضمن وتحفظ كرامة الوطن واستقلاله.

آثار
الحياة السياسية على التقارب والوحدة

 اعتُبر الشهيد سليماني ناشطًا ذكيًا وبصيرًا في
مجال السياسة والتفاهم الاستراتيجي وفي مواجهة النزاعات والصراعات الفئوية داخل
البلاد، كان يُعتبر دائمًا رسول الوحدة ومحور الوحدة الوطنية وكان دائما يدعو
الجميع للتوحد تحت خيمة الولاء. استندت مبادىء النهج السياسي للجنرال سليماني على السياسات
المحلية:

1.    كان الإيمان بالولاء هو العنصر الأساسي الأبرز في حياته
السياسية وكان الهدف الأسمى للجنرال سليماني هو النهوض بالبلاد وحماية مصالح الدول
الإسلامية. وخلال حياته المباركة شكل جبهة المقاومة من خلال عبقريته العسكرية. كان
الجنرال سليماني من تلاميذ الإمام الراحل فيما يخص الحياة السياسية فلم يكن عضواً
في أي حزب أو فصيل. بمعنى آخر كانت الثورة هي الحياة السياسة الواضحة للجنرال
سليماني.

2.    كان نهج الجنرال سليماني السياسي العملي هو احترام الناس، حيث
اعتبر أن السياسة العملية في خدمة الناس هي عبادة وهي تتساوى مع القيم الدينية. لم
يسمح الجنرال سليماني أبدًا لأي جماعة بمصادرته وكان يفكر فقط في رفع مستوى البلاد
ولم يدخل عالم السياسة علنًا إلا في الظروف الضرورية واللازمة. وفي نفس الوقت كان
مرتبطا بكل التيارات السياسية داخل وخارج البلاد. من وجهة نظر الجنرال إذا كانت
السياسة تعني خدمة الشعب فإن قوة النظام تتشكل بوجود الشعب للحفاظ على الوحدة
والتماسك بالمعنى الحقيقي للكلمة.

النهوض
بالسياسة الخارجية

 من أهم أدوات تحقيق
المصالح الوطنية وجود حلفاء مخلصين و موثوقين في النظام الدولي.

 

1.
منذ انتصار الثورة الإسلامية كانت سورية دائمًا أحد الحلفاء المخلصين والموثوقين
لإيران. خلال الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات كانت سورية الدولة
العربية الوحيدة التي رفضت دعم نظام البعث العراقي. لكن استمرار الربيع العربي أدى
إلى تركيز الأزمة في سورية وظهور إرهابيين متعددي الجنسيات في هذا البلد. الأزمة
في سورية التي استهدفت الرئيس بشار الأسد على وجه التحديد  تعني خسارة الحليف الأكثر ولاءً لإيران في
المنطقة الاستراتيجية بغرب آسيا. لذلك أدت أنشطة فيلق القدس والجنرال سليماني في
غرب آسيا إلى الحفاظ على أحد حلفاء إيران المقربين والذي استطاع بحسب صحيفة
الجارديان الإيرانية أن ينقذ حليفه من السقوط رغم معارضة القوى العالمية. وتكمن
أهمية الموضوع في أن الحفاظ على الرئيس الأسد تم على الرغم من معارضة وعدم رغبة
القوى العالمية وهو ما يظهر بوضوح دور الجنرال سليماني وفيلق القدس في هذا الأمر.

 

2-
أنشأ الجنرال سليماني شبكة أمنية وعسكرية كبيرة في فيلق القدس "محور
المقاومة".

 تكمن أهمية هذا المحور
في مايلي:

أولاً هو تكتل عابر للحدود لأنه ليس محصوراً فقط في إيران أو دولة
معينة ولأنه توجد فيه مجموعات مقاومة من مختلف اللغات والأجناس والجنسيات والأصول.

ثانيًا هو محور تخطى المذاهب لإنه يشمل مجموعة متنوعة من الجماعات
الشيعية إلى جانب الحركات السنية الفلسطينية.

ثالثاً إنه ليس محوراً حكومياً بحتاً ولا غير حكومي لأنه يضم ​​مجموعة
من الفاعلين غير الحكوميين مثل حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق و
مجموعة الفاطميون الأفغانية والزينبيون الباكستانية... إلخ، ومن ناحية أخرى تضم أيضاً
ممثلين من ​​الحكومة السورية.

وحدة
الوطن والأمة

من
وجهة نظر الحاج قاسم ومدرسته فإن الوطن والأمة ليسا منفصلين عن بعضهما البعض. لقد
سخَّر الحاج قاسم نفسه كجندي من مذهب الإسلام المحمدي الطاهر. في هذه المدرسة يعتبر
مصير المسلمين جميعاً من كل عرق وجنسية وفي كل منطقة جغرافية أمر مهم للغاية. لهذه
الأمة الموحدة أقسام مختلفة منها الأمة الإيرانية ومنها أيضاً أمة العراق و الأمة السورية
و حتى دول أخرى أيضاً موجودة في تاريخ هذه الحضارة الإسلامية. وضمن هذه النظرة
الشاملة لكل الأمم الإسلامية ومجموعاتها - التي شكلت الأمة الإسلامية ككل – فإنها
تقف أمام جبهة الغطرسة والظلم وعلى رأس هذه الجبهة المتغطرسة أمريكا والنظام
الصهيوني...إلخ. لذلك فمن كان عدو الأمة الإسلامية عند الحاج قاسم فهو في نظره في
مقدمة جبهة الإستكبار والغطرسة. وبناء عليه طالما كانت الدول الإسلامية في مثل هذه
الظروف موحدة فأن هدفهم هو إيجاد فكرة الإنقسام والتجرئة للدول الإسلامية وهذا ما
يريده العالم المعادي. يعني أنه عالم متعجرف يريد أن يفصل أمة إيران عن أمة
ألمانيا وتركيا والعراق وسورية والبحرين وباكستان وغيرها، أي فصل كل منها على حدا لأنه
في هذا سيكون التعامل معهم أسهل. لكن من وجهة النظر الثورية التي نعرفها عن الإمام
الخميني (رحمة الله عليه) المرشد الأعلى للثورة الإسلامية وكذلك الحاج قاسم لديه
نفس النظرة فإن هذه الأمم موحدة وليست منفصلة عن بعضها البعض وستستمر بوحدتها. حالياً
إذا كان هناك نوع من الفصل بينهما بسبب مخططات ومؤامرات الأعداء وتعيين بعض القادة
التابعين لهم، فلابد من إزالة هذه المسافات والعقبات ويجب توحيد الأمة الإسلامية.

حل
مشكلة انعدام الأمن في جنوب شرق إيران

من
الأدوار المهمة التي لعبها الجنرال سليماني والتي تعود لمرحلة ما بعد الحرب المفروضة
على ايران. خلال ذلك الوقت ساد انعدام الأمن على نطاق واسع في الشرق والجنوب
الشرقي ومحافظات سيستان بلوشستان وجنوب كرمان والتي بتوجيه مباشر وحضور ميداني للجنرال
سليماني تم التعامل مع مشكلة انعدام الأمن هناك وإعادة الوضع الأمني إلى أفضل حد
ممكن وأصبحت مناطق جنوب شرق إيران آمنة تماما.

 الحد من النفوذ الأمريكي

أينما
أراد الأمريكيون أن يمارسوا نفوذاً في المنطقة كان الحاج قاسم يحد من تصرفات أمريكا
المتغطرسة بلباقة وتفهم ومعرفة وبعيداً عن الضجيج الدعائي والسياسي والإعلامي.

 





















































الكاتبة : فاطمة مرادی

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال