سوريا… عندما أسقطت المشروع الصهيو ـ أميركي وأدواته؟

13
بدون تعليق
سوريا… عندما أسقطت المشروع الصهيو ـ أميركي وأدواته؟

بداية، ليس معروفاً بالتحديد ما هي الركيزة الأخلاقية والديمقراطية والسياسية، التي يرتكز عليها محور العدوان على سورية عندما يتحدث عن عقبات إحلال السلام الدائم في سورية، هل ينسون أنهم عقبة دائمة ورئيسية في طريق هذا السلام!؟ وهم عندما يتحدثون عن هذه العقبات، وعن اعتراضهم على المصالحات الداخلية في سورية، هل ينسون مفاهيم الديمقراطية العالمية التي يدّعون أنهم يتبنونها والواضح أنّ شريعة الغاب هي من تحكم قواعد سلوكهم في معظم أزمات وملفات العالم وليس في سورية فقط، وهنا في المحصلة وبحكم حقائق الواقع يبدو أنّ محور العدوان على سورية، بدأ يدرك حقيقة هزيمته في سورية.

وعند الحديث عن سورية بعد عقد من الحرب عليها، وبعيداً عن تصريحات محور العدوان على سورية، فالمؤكد انه مع العام 2022 وبقراءة موضوعية للأحداث على الأرض السورية، هناك مؤشرات إلى تحسُّن ملحوظ في ما يخصّ الأمن المجتمعي، رغم حجم المأساة التي لحقت بالسوريين نتيجة الحرب على وطنهم. وفي السياق نفسه، هناك رؤية بدأت تتبلور في أروقة صنع القرارات الدولية حول الملف السوري، وتركّز هذه الرؤية على وجوب تجاوز فرضية إسقاط الدولة في سورية لأنّ كلّ الوقائع على الأرض أثبتت عدم جدوى هذه الفرضية.

وبالعودة إلى محور العدوان على سورية، فالمؤكد أنّ محور العدوان قد تيقن أنّ سورية قد تجاوزت المرحلة الأصعب من عمر الحرب المفروضة عليها، ومهما حاولت دول التآمر إعادة الأمور إلى سياقها المرسوم وفق الخطة المرسومة، فإنها لن تستطيع الوصول إلى أهدافها، لأنّ حقائق تلك الحرب تكشّفت للجميع، لذلك أقرّت بعض القوى المتآمرة والمنخرطة بالحرب على سورية بأنه يجب التعامل معها بأسلوب مختلف والانفتاح عليها لأنها ستكون، بصمودها هذا، محوراً جديداً في المنطقة، وسيحدّد هذا الصمود شكل العالم الجديد.

وهنا لا يمكن لمحور العدوان (أميركا ـ فرنسا ـ بريطانيا ـ تركيا) بالمطلق، إنكار حقيقة أنهم هم السبب الرئيسي لما جرى في سورية طيلة عقد من الزمن قد مضى، مهما حاولوا إلصاق هذه التهم بسورية الدولة بكيانها السياسي وحلفاء سورية، ولقد كشفت تقارير شبه رسمية، وتقارير مراكز دراسات عالمية أنّ عدد الدول التي كانت تصدّر المرتزقة إلى سورية تجاوز اثنتين وتسعين دولة، وأنّ هناك غرف عمليات منظمة ضمن بعض المناطق المحاذية لسورية، لتدريب وتسليح هؤلاء المرتزقة ثمّ توريدهم وتسهيل عبورهم من أغلب المنافذ الحدودية، وخصوصاً الحدود التركية، والتي تحدّثت هذه الدراسات عنها بإسهاب، شارحة كيف سمحت تركيا بعبور الآلاف من المرتزقة، لذلك من الطبيعي أن نجد كمّاً هائلاً من الإرهابيين المرتزقة قد دخل إلى سورية، بهدف ضرب المنظومة السورية المعادية للمشروع الصهيو ـ أميركي وأدواته، وضرب الفكر العقائدي المقاوم لهذه المشاريع، خصوصاً المنظومة العقائدية للجيش العربي السوري واستنزاف قدراته اللوجستية والبشرية، كهدف كانت ستتبعه أهداف أخرى في المنظومة الاستراتيجية للمؤامرة الكبرى على سورية، لأنّ تفكيك الدولة يستلزم تفكيك الجيش ومن ثمّ المجتمع ومن ثمّ الجغرافيا، وكان هذا الرهان هو الهدف الأساس من عسكرة الداخل السوري.

في المحصلة، ورغم كلّ ما تمّ توريده وضخه في سورية من مرتزقة وعتاد وسلاح «تقدر كلفته مراكز عالمية كبرى بـ «450 مليار دولار»، فقد كان صمود الجيش السوري وتماسكه وتلاحم الشعب مع هذا الجيش العقائدي، هو الطريق لانهيار أهداف هذه المنظومة، أمام إرادة الجيش وتلاحمه مع مكونات الداخل السوري كلّها من قوى شعبية وقياده سياسية، رغم محاولات شيطنته إعلامياً من وسائل الإعلام المتآمرة، إنّ لهذا التماسك والتلاحم للقوى الوطنية في الداخل السوري، والتي تؤمن جميعها بقضيتها والمتفهّمة حقيقة هذه الحرب وطبيعتها، أبعاداً وخلفيات، ومن هنا فقد أجهض هذا التلاحم بين ثلاثية الجيش والشعب والقيادة خطط المتآمرين وأسقط أهدافهم بالتضحيات الجسام، فالمؤسسة العسكرية السورية، وبفعل التضحيات الكبيرة التي قدّمها أبطالها، أرسلت رسائل واضحة وأثبتت أنها مؤسسة عميقة ووطنية وقومية جامعة لا يمكن إسقاطها أو تفكيكها ضمن حرب إعلامية، أو خلق نقاط إرهابية ساخنة في مناطق متعدّدة لمواجهتها.

وهنا نذكر أنّ انتفاضة الجيش العربي السوري السريعة وبدعم من الحلفاء في وجه كلّ النقاط الساخنة، وتمشيطه الكامل للعاصمة دمشق والكثير من مناطق وأرياف حلب وحمص ودرعا والقنيطرة ودير الزور، شكّلا حالة من الإحباط عند أعداء سورية وأدّيا إلى خلط أوراقهم وحساباتهم لحجم المعركة، فاليوم سقطت يافطة «إسقاط سورية»، بتلاحم الجيش والشعب والقيادة السياسية، وتتساقط معها أحلام وأوهام عاشها بعض المغفلين الذين توهّموا سهولة إسقاط سورية، وبعد سلسلة الهزائم التي مُنيت بها هذه القوى الطارئة والمتآمرة، بدأت هذه القوى إعادة النظر في استراتيجيتها القائمة والمعلنة تجاه سورية، ونحن نلاحظ أنّ حجم الضغوط العسكرية في الداخل بدأ بالتلاشي مع انهيار بنية التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً بعد إشعال الجيش وقوى المقاومة الشعبية وبدعم من الحليف الروسي معارك تحريرية كبرى وعلى جبهات عدة.

ختاماً، علينا أن نقرّ جميعاً بأنّ صمود الجيش السوري والتلاحم بين أركان الدولة وشعبها وجيشها للحفاظ على وحدة الجغرافيا والديموغرافيا من الأعداء والمتآمرين والكيانات الطارئة في المنطقة، والتي تحاول المسّ بوحدتها، ما هو إلا فصل من فصول مقبلة سيثبت من خلالها السوريون أنهم كانوا وما زالوا وسيبقون بتكامل وحدتهم، صفاً واحداً ضدّ جميع مشاريع التقسيم، وسيستمرّون في التصدّي لهذه المشاريع، إلى أن تعلن سورية أنها أسقطت المشروع الصهيو ـ أميركي وأدواته وانتصرت عليه، وهذا ليس ببعيد بل قريب جدّاً.

 

هشام الهبيشان

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال

موضوعات ذات صلة

Follow the similar posts
اليوم الوطني في سورية؛ ذكرى الجلاء

اليوم الوطني في سورية؛ ذكرى الجلاء

Apr 22 2024
العميد إسماعيل قاآني في جولة على مناطق العمليات في سوريا: أمريكا جذر للفوضى والارهاب وسوريا وايران بلدان شقيقان

العميد إسماعيل قاآني في جولة على مناطق العمليات في سوريا: أمريكا جذر للفوضى والارهاب وسوريا وايران بلدان شقيقان

Sep 23 2023
مُناورات عسكرية بين الجيشين السوري والروسي بعد يومٍ من انتهاء مناورات القوات الأمريكية

مُناورات عسكرية بين الجيشين السوري والروسي بعد يومٍ من انتهاء مناورات القوات الأمريكية

Jul 16 2023
الجولان في “مشروع الطوق المقاوم”

الجولان في “مشروع الطوق المقاوم”

Jul 02 2023
F22 الاميركية في سوريا.. هل اقترب الاشتباك الفعلي مع الروس؟

F22 الاميركية في سوريا.. هل اقترب الاشتباك الفعلي مع الروس؟

Jun 26 2023
مجموعة بوسترات " ذكرى فتوى الدفاع الكفائي "

مجموعة بوسترات " ذكرى فتوى الدفاع الكفائي "

Jun 14 2023
سبايكر نهر العراق الثالث

سبايكر نهر العراق الثالث

Jun 14 2023
خروج سورية من أزمتها.. عين على كل الجبهات وأهمها الاقتصادية

خروج سورية من أزمتها.. عين على كل الجبهات وأهمها الاقتصادية

Jun 13 2023