سياسة منع الانتشار مصطلح مألوف لدى مواطني الدول الأوروبية كألمانيا الغربية والمملكة المتحدة و فرنسا وهولندا و بلجيكا ولوكسمبورغ حيث كانت في نهاية ضعفها الاقتصادي والعسكري ومع استقرار الجيش السوفيتي السابق في النصف الشرقي من أوروبا واحتلال الجبهة الشرقية لبرلين تم تقسيم ألمانيا إلى قسمين شرقي وغربي.
في مثل هذه الظروف كان هناك قلق شديد من تردي الأوضاع الاقتصادية في أوروبا لإنها ستؤدي إلى تحرك مواطني دول أوروبا الغربية لصالح الشيوعيين والاتحاد السوفيتي. ولهذا أعلنت الحكومة الأمريكية خطة مارشال لإعادة البناء الاقتصادي لأوروبا الغربية، من أجل منع سقوط هذه الدول في فخ الاتحاد السوفيتي.
بالتوازي مع إعلان خطة مارشال؛ قامت الحكومة الأمريكية بإعداد معاهدة دفاع جماعي تم إنشاؤها في أوروبا الغربية لمواجهة أي هجوم محتمل من قبل الجيش السوفيتي وحماية دول هذه المنطقة كلها. في عام 1949 تم تأسيس الاتحاد المذكور بإشراك بريطانيا وفرنسا و هولندا و لوكسمبورغ وأمريكا و كندا وبلجيكا وأطلقوا عليه اسم منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
الهدف من إنشاء هذا الاتحاد كان حماية الدول الغربية من التهديد المشترك للاتحاد السوفيتي السابق، حيث تشكل طوال فترة الحرب الباردة بغاية منع انتشار نفوذ الاتحاد السوفيتي، في الواقع كانت مهمة الناتو الرئيسية وفلسفته الوجودية خلال الحرب الباردة هي منع تسلل الشيوعية السوفيتية إلى دول أوروبا الغربية.
بعد مرور السنين ظهر في منطقة الشرق الأوسط تهديد مشترك للبشرية كلها في جميع أنحاء العالم يسعى إلى الترويج لأفكاره السامة والخطيرة خاصة في الدول الغربية. كان هذا التهديد البشري المشترك هو وجود مجموعات إرهابية عديدة ومتطرفة مثل جبهة النصرة وداعش والقاعدة وأحرار الشام ، والتي تسببت بالإضافة إلى محاولتها الترويج لأفكارها ومعتقداتها الخطيرة في إحداث العديد من المآسي والجرائم في العراق وسورية.
بالإضافة إلى الترويج لأفكارها في أوروبا الغربية وتجنيد الإرهابيين، قامت هذه الجماعات وخاصة داعش في الانخراط في عمليات تخريبية وإرهابية كان منها الهجمات الإرهابية في باريس عام 2015.
لكن في هذا الشأن كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدولة الأولى التي استشعرت الخطر الشديد لظاهرة التطرف والإرهاب ، فأوكلت المهمة أحد جنرالاتها رفيعي المستوى يدعى قاسم سليماني لمحاربة وقمع الجماعات المتطرفة في سورية والعراق. لذلك فإن الجنرال سليماني على وجه التحديد ومن خلال اتباع سياسة منع الانتشار في معركته الدؤوبة ضد ظاهرة التطرف والإرهاب الخطيرة وذلك بالتشارك مع قوة عالمية أخرى تسمى روسية، تم إضعاف وإذلال وحش الإرهاب الخطير الذي لا يعرف حدودًا وأصبح تهديدًا مشتركًا للإنسانية وللعالم المتحضر الحديث، وحصره في نفس منطقة الشرق الأوسط ومنعه من الانتشار إلى أجزاء أخرى من العالم.
تجدر الإشارة إلى أن معركة الجنرال سليماني ضد الإرهاب في العراق وسورية تمت بدعوة وطلب مباشر من حكومتي سورية والعراق وبالتالي فإن إجراءات الجنرال سليماني في مكافحة الإرهاب لم تكن بأي حال من الأحوال تعدي على سيادة وأراضي تلك الدولتين.
تصبح هذه النقطة أكثر أهمية عندما يُعرف أن جماعة مثل داعش الإرهابية كانت قد علنت أن أوروبا ستصبح جزء من دولتها المزعومة ضمن خارطة إعلانها والتي حاولت عدة مرات ارسال أعضائها إلى الأراضي الأوروبية لتنفيذ عمليات إرهابية.
كما يمكن الإشارة إلى تجنيد الجماعات الإرهابية من الدول الأوروبية حيث أصبح يشكل تهديدًا محتملاً لهذه الدول. اللواء قاسم سليماني و من خلال التنفيذ الدقيق لسياسة منع الانتشار تمكن من حماية البشرية وإنقاذها من التهديد الرهيب والمشترك الذي كان سيواجه المجتمع العالمي بتحديات وأضرار جسيمة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال