“شيرين” وردة فلسطين التي لا تموت… 84

“شيرين” وردة فلسطين التي لا تموت…

يرتعد الصهاينة خوفا ورعبا من الصورة والكلمة أيا كان مصدرها أو هوية ناقلها، فكيف وقد أنبت شعب فلسطين شبابا من نساء ورجال شجعان ينقّبون في الشاردة والواردة لينقلوا الوقائع والحقائق مباشرة ومن غير مواربة أو تدليس أو تزييف.
المهم عندهم أن ينقلوا بعضا من صورة الواقع المعاش ومعاناة شعبهم وتضحياته وأن يوثّقوا صفحات ويوميات صمود وبطولة متعاظمة، وهؤلاء هم جنود وأبطال يحملون دمهم والروح على الأكفّ التي تمسك بالكاميرات والميكروفونات، ووثّقوا وفضحوا المجرمين ونقلوا الصوت والصورة إلى العالم كلّه.

لا الرصاص ولا الدماء ولا التهديد بالقتل يثنيهم أو يصدّهم عن فعل المستحيل لنقل الحقائق عن جرائم العدو وعن آلام شعبهم وأهلهم، فهم رساليون منذورون للأرض والشعب والحقيقة لا يفلّ من عزمهم تخاذل بعض إدارات التحرير وحسابات بعض مالكي القنوات والصحف، فهم بما يشهدون شهود على دماء وأرواح تسفك على مذبح فلسطين يخلصون لها ويؤدون الأمانة بصدق استشهادي.

أسقطوا بجرأتهم وشجاعتهم الجسورة التلفيق والكذب، ومزّقوا ستار التعتيم المحكم. فالكيان الغاصب المجرم أخطبوط إجرامي لصوصي يخشى الفضيحة والأضواء الكاشفة لجرائمه ومجازره بأي وسيلة كانت ومن أي منبر كان.

شيرين بنت الأرض التي قامت بواجبها المهني بكل اخلاص وتفان حتى النفس الأخير وحتى آخر قطرة دم نزفتها حين عانقت الأرض ولامست بوجهها الرقيق الدامي ترابها المشتاق بكل الحب والشوق وبلهفة العاشقين حتى باتت هي الخبر والرسالة وكانت شهقتها الاخيرة صرخة ونداء لفلسطين.

شيرين أبو عاقلة، مثل سائر زملائها وزميلاتها من أبناء فلسطين، كتمت كثيرا من انفعالاتها وعواطفها الإنسانية، التي فاضت من خلف الكلمات واللقطات في رسائلها الصحافية المتلفزة، وفي نبرة صدق وشجن ميزتها ونسجت لها صورة ساطعة في القلوب والعقول، وأنّى لها أن تنفصل عن الموضوع، وهي في أصله ونسغه النازف بنت الأرض والقضية وعينها وصوتها.

بالصورة التي تشهد وتوثّق وبالخبر الدامي، أتمت شيرين الرسالة حتى باتت هي الصورة والخبر شهيدة برصاص الغدر الصهيوني الجاثم على أرض فلسطين الحبيبة وصارت العلامة الفارقة لإعلاميين يستشهدون على تراب الوطن.

باتوا الحدث المضرّج في عمادة الوطن السليب ومقاومته البطلة وخلجات ترابه رفضا للطغاة الغاصبين، وهم نداء الرفض وصرخة المقاومة، وقد انضموا الى مواكب الشهداء في حضن التراب، الذي بادلهم الحبّ وأنبت بدمائهم والعروق وردا وبيلسانا في ربى فلسطين.

بئس العالم الظالم وبئس العروبة الجاحدة في مخادع الخيانة وعلى أسرّة العمالة والارتهان، بينما يترنّح الناس الطيبون الأصيلون، ويجتاحهم الوجع والألم في مزالق الأزمات ودوامة الكوارث، التي تصرفهم عن فلسطين الأم وقضيتها وكفاحها ودماء بنيها وبناتها الأبطال.

بقلم: غالب قنديل

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال