أصبح النزاع القائم بين روسيا وأوكرانيا، الذي بدأ في فبراير 2022، واحدًا من أهم الأزمات الدولية المعاصرة. لم يقتصر تأثير هذه الحرب على منطقة شرق أوروبا فحسب، بل تركت أيضًا تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم. ولهذا السبب، تسعى العديد من الدول في الشرق والغرب إلى إيجاد سبل لتحقيق السلام وإنهاء هذه الحرب.
آخر التطورات حول السلام
في أحدث جهود حول إيجاد حوار بين قادة موسكو وكييف، قام السيد أوربان بزيارة روسيا حيث قدم نفسه كداعم لرسالة السلام من أوروبا. على الرغم من أن هذا الإجراء واجه الكثير من الاعتراضات في أوروبا وأوكرانيا، إلا أن الجانب الروسي رحب به واعتبره خيارًا قابلًا للتفاوض. تُظهر هذه الزيارة، التي جاءت بعد مؤتمر السلام في سويسرا، جهود الدول المختلفة في الوساطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. فاستمرار هذه الحرب بالإضافة إلى الأضرار المالية الواسعة للدول المعنية، قد يخرج عن نطاق السيطرة، مما قد يؤدي إلى نشوب نزاع أكبر. هناك من يعتبر _ترامب مثلاً_ أن ذلك قد سيفضي إلى حرب عالمية ثالثة، ويؤكد على أن عدم إنهاء هذه الحرب قريبًا ستكون له عواقب وخيمة.
كيف يمكن تحقيق السلام؟
الشرط الأول والأساسي لتحقيق السلام هو بدء مفاوضات دبلوماسية جادة بين روسيا وأوكرانيا. ويجب أن تشمل المفاوضات ممثلين من الدولتين، وربما مراقبين دوليين من منظمة الأمم المتحدة أو هيئات موثوقة أخرى. يجب أن تهدف هذه المفاوضات إلى التوصل إلى اتفاق شامل حول القضايا الحدودية، والوضع القانوني للمناطق المتنازع عليها، والترتيبات الأمنية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الدولتين فهم مخاوف كل منهما الأمنية، ومن الواضح أن ضمان روسيا بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو مهم واستراتيجي بالنسبة لها.
من بين القضايا الأكثر تعقيدًا في هذه الحرب، وضع المناطق المتنازع عليها في شرق أوكرانيا. قد يكون الاتفاق على الحكم الذاتي المحدود لهذه المناطق تحت إشراف دولي أحد الحلول الفعالة. يجب أن تتمتع هذه المناطق بحق الحكم الذاتي في بعض الأمور الداخلية، ولكن يجب أن تظل جزءًا من أوكرانيا. تعتبر هذه القضية إحدى أكبر عقبات المفاوضات، نظرًا لأنه يبدو أن روسيا، بالنظر إلى التكاليف والخسائر التي تكبدتها، ليست مستعدة للتخلي عن المناطق التي تقع تحت سيطرتها، بينما أوكرانيا أيضًا غير مستعدة للقبول بسلام في هذه الظروف. قد يكون حل هذه المسألة من خلال المفاوضات المباشرة وغير المباشرة هو المفتاح لحل قضية الحرب الأوكرانية وإرساء أساس لإنهاء النزاعات.
علاوة على ذلك، فإن إنشاء منطقة منزوعة السلاح في موقع النزاع وسحب القوات من الشروط الأساسية لتشكيل السلام لتفادي تصعيد الموقف أو نشوء توتر جديد. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج كلا الدولتين إلى إعادة بناء وإعمار شاملة، خاصة أوكرانيا. وبالتالي يُعتبر تقديم حزم تحفيزية مالية لكلا الدولتين في حالة التوصل إلى سلام بمثابة عنصر فاعل في تسريع عملية السلام.
دور القوى الكبرى
كما أن دور الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين في تشكيل السلام مهم للغاية. ويمكن للقوى الكبرى أن تجلبهم إلى طاولة المفاوضات استنادا إلى نفوذهم على روسيا وأوكرانيا. والحقيقة أن وجود إرادة دولية جادة لإنهاء الحرب هو ضرورة مهمة أخرى يجب النظر إليها وما إذا كانت مصلحة أمريكا وشركائها هي في استمرار الحرب أو السلام. الأمر نفسه ينطبق على الصين، سواء كان استمرار الحرب أكثر فائدة لها أم نهايتها. ورغم أن جميع القوى العظمى تتحدث عن محاولة إنهاء الحرب، إلا أن سياساتها العملية أهم بكثير من سياساتها المعلنة.
معوقات اتفاق السلام
ربما تكون أهم قضية تعيق الصلح هي عدم الثقة العميق بين روسيا وأوكرانيا تجاه بعضهما البعض. إن الأحداث الماضية وانتهاكات وقف إطلاق النار المتكررة من كلا الطرفين جعلت أي نوع من المفاوضات يواجه الشك والريبة.
إلى جانب ذلك، يمكن أن تكون التدخلات الخارجية من قبل الدول والهيئات الدولية مانعًا آخر أمام تحقيق السلام. هذه التدخلات قد تؤدي إلى مزيد من التعقيد في المفاوضات، وبدلاً من تسهيل عمليات السلام، قد تزيد من التوترات. كما أن إرادة القوى العظمى تعتبر مسألة مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار.
علاوة على ذلك، يمكن أن تشكل الضغوط الداخلية في كلا البلدين عائقًا آخر أمام السلام. في روسيا، قد تعتبر القوميون والمجموعات المتشددة أي اتفاق مع أوكرانيا خيانة. بينما في أوكرانيا، قد تكون هناك أجزاء من المجتمع غير راضية عن أي اتفاق قد يؤثر على سيادتهم الوطنية.
كذلك، فإن وضع المناطق المحتلة مثل القرم ودونباس يمثل عقبة خطيرة أخرى. يدعي الطرفان ادعاءات مختلفة بشأن هذه المناطق، والتوصل إلى اتفاق بشأن وضعها يعد أمرًا بالغ الصعوبة.
لذلك، فإن الجهود الأخيرة الرامية إلى إيجاد السلام في الحرب الروسية الأوكرانية تشير إلى مساعي المجتمع الدولي لإنهاء هذه الأزمة. على الرغم من وجود تحديات عديدة وعقبات، إلا أن الجهود المستمرة في مجال المفاوضات الدبلوماسية، وتبادل الأسرى، وإنشاء مناطق آمنة، والدعم الاقتصادي والإنساني يمكن أن تؤدي تدريجيًا إلى تحقيق سلام مستدام. إن دور المنظمات الدولية وتعاون الدول المختلفة في هذه العملية يعد أمرًا حيويًا للغاية، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الجهود المستمرة إلى إيجاد حلول سلمية لهذه الأزمة، وأن يرى العالم مجددًا وجه السلام.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال