صمت مجلس العموم البريطاني أمام الأصوات العالية لحركة المقاطعة (BDS) المناهضة لإسرائيل 288

صمت مجلس العموم البريطاني أمام الأصوات العالية لحركة المقاطعة (BDS) المناهضة لإسرائيل

في الأسبوع الماضي، وافق مجلس العموم البريطاني (وستمنستر) على مشروع قانون النشاط الاقتصادي للحكومة في المؤسسات العامة مع التركيز على العلاقات الخارجية، والمعروف في وسائل الإعلام باسم مشروع (BDS) أومشروع قانون المقاطعة ومناهضة العقوبات، وتم ذلك بتصويت أغلبية الأصوات 282 صوتًا مؤيدًا مقابل 235 صوتًا معارضًا.

وقد تعرض مشروع القانون هذا لانتقادات واسعة النطاق حيث يسعى إلى حظر الدعم المالي المتعلق بتنفيذ العقوبات التي يمكن أن تفرض على النظام الصهيوني الإسرائيلي [1]من قبل المؤسسات الحكومية كالمجالس المحلية. وفي الجلسة الثالثة والأخيرة لمراجعة ما يسمى بمشروع قانون المقاطعة في البرلمان البريطاني، والتي كانت مسرحاً لنقاش ساخن بين المؤيدين والمعارضين، عارضه أيضاً بعض أعضاء الحزب مقدمي مشروع القانون، أي من المحافظين أنفسهم.

ورغم أن عمومية هذه الخطة تهدف بشكل عام إلى الحد من قرارات المؤسسات الحكومية، بما فيها الحكومات والمجالس المحلية، بفرض عقوبات اقتصادية، إلا أنه ورد بوضوح في مشروع القانون هذا أنه لا يحق لأي من المؤسسات الحكومية دعم حظر البضائع و الأنشطة والخدمات المتعلقة بنظام إسرائيل المحتل ولا يشمل الأراضي المحتلة ومرتفعات الجولان، وبدلاً من ذلك تم استثناء بيلاروسيا وروسيا بشكل صريح من هذا القانون لتبقى تحت الحظر الكامل.

ووفقا لبعض المحللين، فإن الطريقة التي كتبت بها الحكومة مشروع القانون هذا لا تترك مجالا للشك في أن هذه الخطة تدعم النظام الصهيوني الذي يقتل الأطفال، حتى بعد ارتكاب جرائم حرب في غزة. كما يرى البعض الآخر أن الحكومة البريطانية المحافظة، وخوفًا من نتائج دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية وإمكانية إدانة النظام الصهيوني بارتكاب جرائم حرب وخلق آلية للفصل العنصري، تقوم بإجراء وقائي لإضفاء الشرعية على هذا الكيان الغاصب ودعمه بغض النظر عن طبيعة تصرفات النظام، وكذلك تمهيد الطريق لجرائمه المستقبلية.

دعت ليلى موران، الممثلة الوحيدة من أصل فلسطيني في مجلس العموم البريطاني [2]، إلى سعي الحكومة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، بينما وصفت الموافقة على مشروع القانون هذا بالمخزية، واصفة إياه بتراجع وسقوط كبير للقيادة البريطانية أمام العالم.كما اعتبرت أنه من الضروري تطبيق القوانين الدولية على الحكومة الإسرائيلية مع خروج نتنياهو ومجلس الوزراء الحربي عن نطاق السيطرة والشرعية القانونية.

وفي هذا السياق، يقول العديد من نشطاء حقوق الإنسان أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات هي وسائل قانونية للضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها لفلسطين وهي الحل السلمي الوحيد للفلسطينيين لاستعادة ممتلكاتهم التي كانت من حقهم قبل عام 1948 عند قيام إسرائيل.

حركة المقاطعة (BDS)، التي أعلنتها مجموعة المجتمع المدني الفلسطيني عام 2005 [3]؛ ومع قيام الحركات المدنية ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، كان أساس حركتها هي المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل في جميع جوانب الحكم، بما في ذلك السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية. كما تحاول هذه الحملة المطالبة بحقوق متساوية للفلسطينيين وتحقيق عودة الأوضاع إلى سابق عهدها. كما حققت الحركة العديد من الإنجازات في مختلف دول العالم ولدى الرأي العام فيها، بما في ذلك دعم 12 اتحاد طلابي وجامعة في المملكة المتحدة لهذه الحملة.

ورغم أن مايكل جوف، وزير الشؤون الاجتماعية البريطاني ومهندس مشروع القانون هذا [4]، قد اعتبر حملة المقاطعة معادية للسامية في حد ذاتها، وذكر أن السبب الرئيسي لتقديم مشروع القانون هذا هو مكافحة معاداة السامية، إلا أن معارضي هذا المشروع يقرون بأن القانون الحالي مليء بالتناقضات والمشاكل. وأوضحت أنجيلا راينر، نائبة حزب العمل، أن إحدى النقاط المثيرة للجدل والإشكالية التي تتناقض بشكل واضح مع حل الدولتين الذي أقرته بريطانيا، هي "مساواة إسرائيل بالأراضي الفلسطينية المحتلة ومرتفعات الجولان". ووفقا لها فإن هذه القضية "تقوض مصداقية بريطانيا وقدرتها المستقبلية على دعم المفاوضات الدبلوماسية نحو سلام عادل ومستدام في إسرائيل وفلسطين".

وانتقد كيث مالتهاوس، الوزير السابق في حكومة المحافظين، مشروع القانون، قائلا إن الوزراء وأعضاء البرلمان ارتكبوا خطأ في التحليل ك"التلاعب بالكلمات حول معاداة السامية". وهو الذي كان أحد النواب الثمانية لحزب المحافظين والمعارضين لهذا القانون، وصوت ضد هذا القانون في عمل شجاع يخالف نهج حزبه.

ويجب التأكيد على أنه على الرغم من أن مشروع القانون هذا قد تمت الموافقة عليه في مجلس العموم، وبالنظر إلى الدور التاريخي لبريطانيا مع بداية القضية الفلسطينية، فضلا عن التزام البلاد بحل الدولتين، فإن مشروع القانون هذا، مع رفضه لهذه المبادئ، يضع قيودا واسعة على حرية التعبير في بريطانيا. وفي الوقت نفسه، فإن مشاركة البريطانيين في حملة المقاطعة التي يتحرك ورائها الرأي العام العالمي ومقاطعة الشركات المرتبطة بإسرائيل مثل ستاربكس وسيرلاك وكوكا كولا، يظهر أن حملة المقاطعة تحظى بشعبية كبيرة وأن حظر المؤسسات الحكومية لها لن يؤثر على أداء هذه الحملة.

امین مهدوی


[1] https://morningstaronline.co.uk/article/bds-under-attack-because-it-works-and-south-africas-case-against-israel-reminds-us-why

[2] https://www.politicshome.com/news/article/layla-moran-calls-for-bds-bill-scrapped-gaza-ceasefire

[3] https://bdsmovement.net/call

[4] https://www.nationalworld.com/news/politics/how-did-my-mp-vote-on-uk-anti-bds-bill-labour-position-economic-activity-of-public-bodies-bill-4473609
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال