صيحات الحرب “الإسرائيلية” عاصفة في فنجان 22

صيحات الحرب “الإسرائيلية” عاصفة في فنجان

بين جولتين للتفاوض حول الملف النووي الإيراني توضحت صورة واشنطن بصيحات الحرب الصادرة عن الحلفاء المذعورين، فمن جهة تصعيد سعودي يتخطى كلّ ضوابط القانون الدولي الإنساني بإعلان استهداف أماكن المدنيين والمنشآت المدنية، ومن جهة مقابلة خطاب «إسرائيلي» عالي النبرة عن نية شن حرب على إيران، وكأن واشنطن قالت لحلفائها أفعلوا ما تستطيعون فعله بين الجولتين لأن الوقت ينفذ، وما لن تنجحوا بفعله بين الجولتين لن يكون متاحاً بعد الجولة المقبلة، ومثلما يبدو التصعيد السعودي عاجزاً عن تغيير موازين القوة التي تحكم الحرب في اليمن، وتبدو الجبهات العسكرية الحاسمة كجبهة مأرب تترنح أمام أنصار الله، تبدو الردود اليمنية المرتقبة على العمق السعودي مصدراً كبيراً للقلق بلا جواب حول كيفية التعامل معه، وما كان مع توقيع النسخة الأولى من الإتفاق 2015 من فرص للسعودية بحسم اليمن وفشل خلال سنوات لن ينجح في أيام وأسابيع.

بالتوازي قيادة كيان الاحتلال التي كانت في ظروف أفضل عسكرياً وسياسياً واقليمياً عند توقيع الاتفاق بنسخته الأولى، فشلت بخلق وقائع لصالحها على رغم تمديد مهلة التوقيع من تشرين الثاني 2014 إلى تموز 2015، وفي كل الفترة الفاصلة بين التوقيع على النسخة الأولى والمفاوضات الحالية، لم تحصد «إسرائيل» سوى المزيد من الفشل، فخلال هذه السنوات سجلت إيران قفزات هائلة في برنامجها الصاروخي، وراكمت حركات المقاومة مخزوناً لم يكن لديها من سلاح نوعي مثلته صواريخ بالستية دقيقة وطائرت مسيرة محدثة، وجاءت معركة سيف القدس تقدم مثالاً عن حجم التحديات التي تنتظر كيان الاحتلال، مع حجم الاختلال في موازين القوى، وخلال فترة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، كانت ورقة الحظ «الإسرائيلية» لفعل ما تستطيع فعله، فأطلقت يدها في رهان على تقييد برنامج إيران النووي وصولاً لتدميره إن أمكن، وبعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق أملاً بإضعاف عاملي القوة الإيرانيين، بالتحرر من الاتفاق العودة للضغوط المالي ورفع وتيرتها، حاولت «إسرائيل» تعطيل البرنامج النووي فاستهدفت المنشآت وقتلت العلماء، لكنها اعترفت أن البرنامج النووي الإيراني يتقدم، ومحاولات وقفه أو تدميره باءت بالفشل، ولو كانت «إسرائيل» قادرة على خوض حرب على إيران كما يزعم قادتها اليوم، لفعلتها في ذلك الزمن، وما نشهده من عودة أميركية للتفاوض مع إيران ليس إلا النتيجة لفشل الراهن الأميركي- الإسرائيلي على الضغوط المالي والتهديد العسكري، ففي تلك المرحلة عندما أسقطت إيران بصواريخ دفاعها الجوي الطائرة الأميركية العملاقة التجسسية، ولم تجرؤ واشنطن على الرد، كان واضحاً أن الأمر ليس كرم أخلاق بل إقرار بالعجز، ولو كانت إسرائيل تملك قدرة شن حرب لفعلت يومها وقدّمت لأميركا الهدية الكبرى بإنجاز إلحاق الأذى الكبير ببرنامج إيران النووي.

ما جرى مع اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وتعرّض قاعدة عين الأسد الأميركية للقصف من إيران، وفقاً لما كشفه الرئيس ترامب، يكفي لفهم الحال الإسرائيلية، فهو يقول إنّ رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو، حاول تجنب أيّ ظهور في صورة الشريك في عملية الاغتيال بأيّ تسهيلات لوجستية أو شراكة استخبارية خشية أن يلحق «إسرائيل» بعض الردّ الإيراني، أو أن تجد إيران في ذلك فرصة لشنّ حملة استهداف صاروخية على المنشآت «الإسرائيلية»، ويبدو أنّ ما جاء يفعله مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان في تل أبيب، يشبه ما جاء يفعله قبل خمس سنوات جون كيري تمهيداً لتوقيع الاتفاق مع إيران. 

المصدر: البناء

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال