طريق التنمية؛ على نفقة العراق وبخطة تركية 1036

طريق التنمية؛ على نفقة العراق وبخطة تركية

ترأس الرئيس التركي وفدا رفيع المستوى متوجهاً إلى العراق في منتصف نيسان / أبريل من العام الجاري بعد 13 عاما، ووقع الجانبان خلال تلك الزيارة 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف المجالات، كان أهمها في مجالين: الأمن والاقتصاد، ومن ضمن ذلك اتفاق لبناء طريق عبور جديد يربط أوروبا بالشرق الأوسط تحت عنوان "طريق التنمية"، وقد عقد اجتماع موسع حضره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ووزراء أربع دول وهم تركية والعراق والإمارات العربية المتحدة وقطر في العاصمة بغداد.

ويشمل "مشروع طريق التنمية" طريقا بريا وسككا حديدية من العراق إلى تركيا ، يبدأ من ميناء الفاو في البصرة ويستمر عبر مدن الديوانية والنجف وكربلاء وبغداد والموصل في العراق ، وإلى ميناء مرسين التركي في البحر الأبيض المتوسط ، بما في ذلك السكك الحديدية والطرق السريعة وخطوط الأنابيب ، أكثر من ألف و 200 كيلومتر منها داخل الأراضي العراقية.تقدر ميزانية تنفيذ المشروع بمبلغ 17 مليار دولار وسيتم تنفيذها على 3 مراحل، المرحلة الأولى في عام 2028 والمرحلة الثانية في عام 2033 والمرحلة النهائية ستكون في عام 2050 وهي مرحلة اكتمال المشروع .

ويشير إلى أنه وفقا للاتفاقيات الأخيرة للأطراف ، فإن مسار مشروع طريق التنمية في الجزء العراقي قد تغير لصالح إقليم كردستان، فبعد مروره عبر أوكوي على الحدود التركية ، يدخل إقليم كردستان في شرق نهر دجلة ويعبر هذه المناطق إلى الموصل.

وسيشمل المشروع ، الذي يعرف بأنه طريق الحرير الجديد ، مع تعزيز الموقع الجيوسياسي لتركيا ، مساحة كبيرة وسيجلب مصالح مشتركة للأطراف ، كما أن تغيير مساره لصالح إقليم كردستان العراق له عدة معان. ذهب أردوغان إلى إقليم كردستان العراق لضمان نتائج رحلته قبل عودته إلى تركيا والتقى بمسؤولين في المنطقة. ومن هذا المنطلق يمكن ملاحظة أن ربط قطاع الترانزيت في المشروع بمنطقة فيشخابور في محافظة دهوك في إقليم كردستان هو حافز مهم لزيادة دافع السلطات الإقليمية للتعاون مع تركيا في قمع حزب العمال الكردستاني وقوى المعارضة التركية الأخرى في هذه المناطق. وفي وقت سابق قال نائب وزير الخارجية العراقي هشام العلوي إن حل مشكلة حزب العمال الكردستاني أمر حيوي ليس فقط للأمن القومي العراقي ولكن أيضا للمشاريع الإقليمية مثل مشروع طريق التنمية ، وأنه يجب على العراق وتركيا التعاون من أجل الاستقرار الإقليمي والتكامل الاقتصادي.

الكلمات الرئيسية "الاستقرار الإقليمي والتكامل الاقتصادي" لها عدة معان. وفي هذا الصدد ، نشر مركز الأهرام للأبحاث مقالا عن الزيارة الأخيرة للرئيس التركي للعراق ، قال فيه: إن الهدف الرئيسي من زيارة أردوغان للعراق هو خلق معادلة ثنائية الاتجاه مع متغيرات الأمن والاقتصاد وتحقيق التوازن وتشكيل معادلة تسمى "الأمن مقابل الاقتصاد" بحيث يمكن أن يحكم ذلك المعادلات التي تحكم علاقاتهم خلال السنوات القادمة. وهذا يعني أن الهدف الرئيسي وراء تنفيذ مشروع طريق التنمية هو استخدام المصالح الاقتصادية كشرط للمصالح الأمنية المصاحبة لتركيا.

تجدر الإشارة هنا إلى أن مثل هذا المشروع الضخم يمكن أن يكون سلاحا ذا حدين ؛ إذا تمكنت الحكومة العراقية من جذب رأس المال وتمكنت من تشغيل هذا المشروع ، فسيتم تحقيق النمو والتنمية في البلاد ؛ ولكن في حالة حدوث مشاكل مثل النزاعات الداخلية ، والحصول على قروض أجنبية لتغطية تكاليف المشروع وعدم القدرة على سداد الأقساط ، وظهور النزاعات الإقليمية أو أي تحد يمنع المشروع من أن يؤتي ثماره، سيواجهون الكثير من التحديات ولكن المسؤولين العراقيين ليس لديهم خيار سوى الدخول في هذا المسار لتغيير الوضع الحالي.

إلى جانب التحدي الرئيسي المتمثل في تمويل تنفيذ المشروع ، هناك تحد مهم آخر يتمثل في الخلاف بين مختلف المجموعات السياسية الحاكمة في العراق وعدم مواءمة مواقف إقليم كردستان مع السلطات العراقية ، وهو خلاف يعتقد العديد من الخبراء أنه السبب الرئيسي لعدم قدرة الحكومة العراقية على احتواء المشاكل الداخلية. عشية مثل هذا المشروع الضخم، يجب التأكد من أن الحكومة العراقية لديها القدرة على السيطرة عليها وضمان سلامة المستثمرين. وثمة مسألة أخرى هي عدم كفاية البنية التحتية في العراق؛ وهنا تجدر الإشارة إلى أن مثل هذا المشروع الضخم يتطلب الحد الأدنى من التطوير للوصول إلى مرحلة التشغيل. حيث سيمر طريق التنمية عبر 10 محافظات عراقية و لا يوجد في أي منها بنية تحتية مرغوبة.

من ناحية أخرى، بالنظر إلى التطورات الجديدة في المنطقة وتاريخ العلاقات بين أنقرة وبغداد التي كانت متوترة خلال العقد الماضي، يمكن اعتبار هذه الرحلة وإنجازاتها مهمة للغاية. رحلة نتائجها مهمة أيضا لإيران كدولة ذات نفوذ سياسي كبير في العراق، وتجدر الإشارة إلى أن وجهة نظر جمهورية إيران الإسلامية كانت دائما الحفاظ على السلامة الإقليمية لجيرانها من خلال مراقبة استقرار المنطقة، وفي هذا الإطار ستدعم أي عمل يؤدي إلى تنمية العراق وتقدمه ، وقد ذكر ذلك مرارا وتكرارا في المنابر الرسمية الإيرانية أن تنمية العراق ستؤدي إلى تنمية المنطقة، وهذه السياسة كانت وستظل ثابتة للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

نويد دانشور
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال