ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي حواراً أجراه مع السيد “علي مراد” حول ردّة الفعل التي أبدتها الجمهورية الإسلامية حيال ضبط أمريكا بواسطة اليونان ناقلة نفط أمريكية، ووصف الإمام الخامنئي ضبط إيران لناقلتي النفط اليونانيتين بالرّد على السرقة البحرية التي نفّذها الأمريكيون بواسطة هذا البلد، ويجري في الحوار أيضاً عرضُ أساليب الامبراطورية الإعلامية الأمريكية في شنّ الحروب النفسية ضدّ أصحاب الحقّ الذين يتعدّون عليهم وتكتيكاتهم لصناعة البروباغندا.بادرت الجمهورية الإسلامية إلى ضبط ناقلتي نفط يونانيتين في ردّ فعل على السرقة البحرية التي نفّذها الأمريكيون بواسطة هذا البلد. مع ذلك، لجأت وسائل الإعلام الغربية إلى الحرب النفسية وعمليات الخداع وتوجيه أصابع الاتّهام إلى طهران. في ما يرتبط بهذا الأمر، وصف الإمام الخامنئي الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة اليونانية بأنّها “سرقة”، ووصف خطوة الجمهورية الإسلامية بـ “استرداد المال المسروق”، فما هدف الإمبراطورية الإعلامية الغربية من عمليات الخداع هذه؟
لسنا بحاجة إلى كثير من التفكر والتحليل لنعرف ماذا تريد الإمبراطورية الإعلامية الغربية. هي تتحرّك دائماً ضمن مساعي استهداف الجمهورية الإسلامية ومحاولة شيطنتها وتشويه صورتها. الأمريكيون يصنّفون الجمهورية الإسلامية أنّها دولة راعية لما يسمّونه “الإرهاب” وأيضاً “دولة مارقة”. لذلك عند أي حدث سوف يخرجون لخدمة تشويه الصورة، ولذلك يتعامون اليوم عن حقيقة أنّ طهران تعرّضت للسرقة، وأن ما فعلته عملياً هو استعادة حقّها الذي سرقه اليونانيون بطلب أمريكي. الأمريكيون هم السارقون عبر اليونانيين، ولذلك في الخطاب الإعلامي الذي ينبغي أن نرد فيه على البروباغاندا الغربية في قضية احتجاز السفيتين اليونانيتين هو أن نكثّف الحديث ابتداءً عن سرقة الأمريكيين حمولة النفط الإيرانية بيد اليونانيين.
الأعداء وعلى رأسهم أمريكا والغرب يضعون على لائحة الأعمال ذات الخيارات المتنوّعة المرتبطة بالتصدّي للجمهورية الإسلامية وحلف المقاومة خيار الحرب النفسية ويركزون عليه خاصة، وهنا وصف الإمام الخامنئي الهجمات الإعلامية بعد ضبط ناقلتي النفط اليونانيتين بأنّها مصداق الحرب النفسية… أي مصاديق لهذه الحرب النفسية برزت خلال الأعوام الماضية؟
عند الأمريكيين هناك تكتيكات وأساليب لصناعة البروباغندا، ومنها أسلوبان هما “حرف الأنظار” و “تشويه السمعة”. إعلام الأمريكيين والغرب عموماً يحاول حرف أنظار الرأي العالم العالمي عن حقيقة تعدّي واشنطن على الحقوق والممتلكات الإيرانية بالسطو على شحنة النفط في مياه البحر المتوسط، فهم لا يذكرون الحادثة ولا يقرّون في إعلامهم بأنّ أصل المشكلة كانت في اعتدائهم الذي استوجب الرد من طهران. وفي التكتيك الثاني السالف الذكر، يحاولون الاستدلال بالحادث لكي يساهموا في تشويه سمعة الجمهورية الإسلامية، وهذا كله من أدوات البروباغاندا والحرب النفسية التي يشنّونها على الجمهورية الإسلامية، وكذلك يفعلون مع كل صاحب حق يتعدّون على حقوقه. يحاولون إظهار أنّه المعتدي وتكريس فكرة أن طبعه “عدواني” بدليل ما فعله. هدفهم من هذه الحرب النفسية هو غسل أدمغة شعوب بأكملها لإبعادها عن الجمهورية الإسلامية، ومن ثمّ تقليص الفرص لحوار طهران مع سائر شعوب العالم.
ما الخطوات التي ينبغي اتّباعها ضمن مسار التصدّي لهذا النوع من الحرب الإعلامية وتحريف الوقائع من الإمبراطورية الإعلامية الغربية وعملائها؟
الحل يكون بمزيد من الإصرار على توضيح حقيقة ما حدث عبر الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي ضمن حملات مركزة مدعومة بالاستدلالات والقرائن. الأمر ليس صعباً حتى إن كانت إمكانات الغرب الإعلامية أكبر بكثير من الجمهورية الإسلامية، لأن نقطة القوة الأهم بيد طهران في هذه الحالة هي المصداقية في مواجهة الأكاذيب. مهما كذبوا ولفّقوا وفَجَروا، ففي النهاية ستظهر الحقيقة… إن كيد الشيطان كان ضعيفاً.
ما تقييمكم الخطوةَ التي اتخذتها الجمهورية الإسلامية في معرض الردّ على القرصنة البحرية للأمريكيين؟ هل يمكن النظر إليها أنها خطوة منبثقة عن الاقتدار وروحية المقاومة لدى الجمهورية الإسلامية؟
إن الخطوة التي اتخذها “حرس الثورة الإسلامية” هي الدلالة على استقلال الجمهورية الإسلامية وامتلاكها القوة لصون هذه الاستقلالية والاعتماد على الذات بالاستناد إلى قيادة سماحة الإمام الخامنئي وتأييد الشعب. الدول المسَيطَر على قرارها لا تملك أن تفعل ما عمله “حرس الثورة الإسلامية”. أنا شخصياً كنت أتوقّع عملية الاحتجاز المضادة فور سماعي خبر سرقة اليونانيين شحنة النفط الإيراني كوني متيقّناً من وجود استقلال وسيادة حقيقية في إيران تحتّم رد الصاع بالصاع ورفض السكوت عن الاعتداءات الخبيثة التي تديرها واشنطن ضد الجمهورية الإسلامية منذ عقود.
تسعى أمريكا ومعها الغرب بسبب امتلاكهم الإمبراطورية الإعلامية إلى عرض الحقائق الميدانية بطريقة معاكسة أمام الرأي العام، الأمر الذي حدث أيضاً في قضية ضبط ناقلتي النفط اليونانيتين. هل يقْدر الغرب بالاعتماد على قلب الحقائق على تغيير مسار التطوّرات الميدانية لمصلحته؟
لأنّ الغرب يخفق منذ سنوات في إضعاف الجمهورية الإسلامية وجبهة المقاومة، يلجأ إلى اعتماد الإعلام كأداة قتالية. لكن عملياً الانتصارات العسكرية التي حققتها الجمهورية الإسلامية وحلفاؤها في جبهة المقاومة سلبت الغرب الاستعماري المبادرة، والهزائم التي تعرّض لها المشروع الأمريكي التآمري في المنطقة دفع واشنطن ومن معها إلى استعمال الإعلام كأداة أساسية بعد تعطّل الأداة العسكرية وتراجعها. اليوم هناك تحدٍّ كبير يتمثّل في المقارعة الإعلامية لهذا الغرب المتكبّر لكي يهزَم إعلامياً كما عسكرياً.
بادر «حرس الثورة الإسلامية» في وقت سابق (19/6/2019) إلى توقيف ناقلة نفط بريطانية تُسمّى “ستينا إمبرو” ردّاً على السرقة البحرية للبريطانيين. مع ذلك، كرّر الأمريكيون هذه المرّة الخطأ نفسهم لكنّهم واجهوا ردّ فعل أقسى مما قبل ثلاثة أعوام، فمقابل توقيف ناقلة نفطٍ إيرانية، ضُبطت ناقلتا نفط للطرف المقابل. في رأيكم، ما سبب أو أسباب تشديد ردّ الفعل من الجمهورية الإسلامية على السرقة البحرية للأعداء؟
أعتقد أنّ الرسالة (رد الصاع صاعين) هذه المرة كانت مختلفة كون الظرف مختلفاً آخذين بالاعتبار المحاولة الغربية للضغط على الجمهورية الإسلامية عبر ملفّي المفاوضات النووية والتفاوض الإقليمي مع السعودية. كانت هناك محاولة غربية لتوظيف هذه الاعتداءات والتحرّشات في ملفَّي التفاوض، ولذلك كانت هناك حاجة إلى رفع مستوى الرد بهذا الحجم لكي يفهم هذا الغرب حدود قدرته على التأثير في قرار الجمهورية الإسلامية، وأنّ طهران لا تسمح بأساليب الابتزاز المجرَّبة سابقاً التي أثبتت عقمها. إظهار القوة في هذا الوقت تحديداً يخدم مصالح الشعب الإيراني، وأعتقد أنّ القيادة الإيرانية والقوات المسلّحة هم أكثر إصراراً من أي وقت مضى على إظهار هذه القوة بعد نقض العهود وغياب التزام الغرب الذي عاهد الجمهورية الإسلامية قبل سنوات ونكث بعهده لاحقاً.
المصدر: الوفاق
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال