ردّ الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش على هجمات 11 أيلول 2001 الإرهابية بإعلان “حرب عالمية على الإرهاب”. بالنسبة لبوش لا يهمّ من كان يستهدف من الحرب باسم نشر “الديمقراطية” وحرية التعبير، لكنه خنق ما تبقى من الديمقراطية وحرية التعبير في بلاده. وبعد 20 عاماً من العمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان كانت النتائج واضحة جداً، لقد أدّت “حرب بوش العالمية على الإرهاب” إلى انتصار الإرهاب في جميع أنحاء العالم بمساعدة ورعاية في كل منعطف من قبل إدارة بوش والرؤساء الذين أتوا بعده، وزعموا أنه انتصار على الإرهاب.
قام بوش بغزو واحتلال العراق الغني بالنفط في تحدٍ لجميع القوانين الدولية، ولم يتمّ العثور على ذرة واحدة من الأدلة التي تؤكد صلة صدام حسين بـ”القاعدة”، ولم يتمّ العثور عليها منذ ذلك الحين إلى الآن.
ثم استخدم بوش هزيمة “طالبان” كذريعة للاحتلال الأمريكي الدائم للبلاد ونصّب قادة دمى في السلطة لم يتمتعوا حتى بأدنى دعم من الشعب الأفغاني. تمّ رفض رغبات الشعب الأفغاني التي تمّ التعبير عنها في أوائل عام 2002 من خلال إحدى الجمعيات القبلية الوطنية التقليدية بغطرسة من قبل بوش ومن ثم نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، الشخصية الأكثر كارثية على الإطلاق التي شغلت هذا المنصب.
بعد عشرين عاماً، أصبحت حصيلة إنفاق أكثر من 3 تريليونات دولار في العراق وأفغانستان واضحة. فقد أكد ذلك إدوارد لوزانسكي، رئيس الجامعة الأمريكية في موسكو، في مقالته في صحيفة “واشنطن تايمز”، في 31 آب الماضي، ووفقاً لمعهد واتسون للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون، فإن أكثر من 801 ألف شخص لقوا مصرعهم في عنف “الحرب على الإرهاب” المباشر وآثاره الأوسع، ولقي أكثر من 335 ألف مدني مصرعهم نتيجة تلك المعارك، وأصبح 38 مليون شخص لاجئين ومشردين بسبب الحرب.
وقال لوزانسكي إن هذه الحروب كلفت أرواح 11 ألف أميركي أي أكثر من ثلاثة أضعاف من ماتوا في هجمات الحادي عشر من أيلول والتي يقول الكثيرون إنها حدثت بسبب تهاون إدارة بوش وكسلها وعدم كفاءتها المطلقة. أكثر من 53000 أمريكي أصبحوا مبتوري الأطراف أو متضررين في الدماغ أو محكوماً عليهم بالموت المبكر بسبب إصاباتهم، ناهيك عن اضطرابات ما بعد الصدمة الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك دمّرت الولايات المتحدة الدول المستقرة سابقاً مثل العراق وسورية وليبيا، وأطلقت في تلك البلدان مستويات غير مسبوقة من الفوضى والعنف.
على مدار العشرين عاماً الماضية تحققت نبوءة هيوي لونغ -الحاكم الأربعين لولاية لويزيانا بين عامي 1928- 1932- عندما قال: “تمّ إخماد آخر بقايا حرية التعبير على المستوى الوطني والنقاش الصادق والمفتوح في الولايات المتحدة باسم الدفاع عن الديمقراطية وحرية التعبير، لقد أطلق العنان لكل الدول للتدخل وخاصة عبر الشرق الأوسط وقلب آسيا باسم مكافحة الإرهاب”.
لقد تسبّبت الحرب العالمية هذه في انتشار الإرهاب أينما شُنّ، لقد قتلت بشكل روتيني العشرات من الأبرياء في كل قصف جوي وضربة بطائرة من دون طيار وعملية برية مقابل كل إرهابي حقيقي تمّ القضاء عليه. لقد كانت هبة من السماء لأكبر مصنّعي الأسلحة الأمريكيين والبريطانيين. لقد سخرت من ادعاءات الولايات المتحدة بأنها أعظم ديمقراطية في العالم وشجبت قضية الديمقراطية ذاتها التي ادّعت أنها تدافع عنها في جميع أنحاء العالم. لقد أفلس الاقتصاد الأمريكي وخسرت القوات المسلحة الأمريكية!.
المصدر: البعث
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال