حالة شديدة من الغضب سادت مدينة نابلس التي حُرمت من خلال قرار من وزير الحرب الصهيونيّ، مؤخراً، بشأن إيقاف تصاريح الدخول إلى الأراضي المحتلة لأهالي المدينة الواقعة شمال الضفة الغربية المحتلة والتي تعيش منذ فترة طويلة على صفيح ساخن وبالأخص في الفترة الأخيرة، في ظل مواصلة سياسة الاعتداء الإسرائيليّة التي تنتهجها حكومة العدو بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، وقد اعتبر هذا الأمر نتيجة طبيعيّة للقلق الأمنيّ الإسرائيليّ من المقاومين في نابلس وبالتحديد مجموعة “عرين الأسود”، التي فرضت التطورات الجديدة في الضفة الغربية تشكيلها، وهي مجموعات تضم المقاومين في البلدة القديمة في نابلس ولا تنتمي لأي فصيل محدد، ما يشي بأنّ تل أبيب بدأت تتخذ خطوات جديّة خوفاً من السيناريو الأخطر الذي تخشى حدوثه خلال الفترة المقبلة، وهو انتقال العمليات الفدائية وكرة اللهب والغضب الفلسطينية إلى الداخل المحتل أو ما يعرف بـ”أراضي الـ48”.
يتحدث الإعلام العبريّ أنّه في ختام تقييم الوضع الأمني الذي أجراه وزير الحرب الإسرائيليّ بيني غانتس، تقرر رفض منح تصاريح دخول إلى الأراضي المحتلة لـ 164 فردًا من عائلات ما أسمتهم “العناصر المسلحة” في منطقة مدينة نابلس، بعد أن أقرّت القيادة الصهيونيّة مؤخراً بـ”الخطر المحتمل” في الضفّة الغربيّة المُحتلّة واعترافها أنّه “أعلى من الخطر من جهة قطاع غزّة المحاصر”، باعتبارها ترزح تحت الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة والمتصاعدة منذ عام 1967، وإنّ ما تخشاه القيادة الإسرائيلية هو وصول شرارة اللهب إلى المدن والبلدات الواقعة في أراضي 48، حيث عززت شرطة العدو وبشكل كبير من عناصرها ودورياتها المنتشرة أساساً هناك.
وعلى هذا الأساس، يبين القرار الجديد تصاعد المخاوف لدى المسؤولين في الجهاز الأمني من اتساع رقعة عمليات إطلاق النار التي تشهدها الضفة لتمتد إلى “داخل الخط الأخضر”، حيث باتت تشكل الضفة الغربية بالنسبة للكيان الصهيونيّ نقطة أمنية ساخنة جدًا ويتم التعامل معهما بحذر شديد للغاية تماماً كالعاصمة الفلسطينية القدس، ووفقاً للإعلام العبريّ، فإن مخاوف انتقال عمليات إطلاق النار من شمال الضفة إلى داخل “الخط الأخضر”، وإقدام خلايا المقاومة التي تنشط في جنين ونابلس، بتنفيذ عمليات داخل المدن التي تعج بالمستوطنين، وخاصة في ظل اعترافات مصادر أمنية بأن المسؤولين الصهاينة لا يملكون حلولا كبيرة لمواجهة هذا التهديد الذي يتم التعامل معه كما يجري التعامل مع تهديد عمليات الطعن والدهس، وذلك عن طريق زيادة أعداد القوات في مراكز المدن في أراضي 48.
دليل آخر، هو مواصلة قوات الاحتلال حصار مدينة نابلس الشماليّة في الضفة لليوم السادس على التوالي، وسط إغلاق للحواجز والطرق المؤدية للمدينة، بعد أن أثبت المقاومون الجدد “عرين الأسود” أنّهم قادرون على فرض معادلاتهم على العدو القاتل والسلطة الفلسطينية الخانعة، وذكرت مصادر فلسطينية محلية لـ“فلسطين الآن” أنّ “قوات الاحتلال واصلت إغلاق حاجز حوارة (المدخل الجنوبي)، وحاجز بيت فوريك (شرقا)، كما منعت المواطنين في منطقة المسعودية (شمال غرب نابلس) من الدخول أو الخروج منها”، كما أنّ “جيش الاحتلال الإسرائيلي أغلق مداخل قرية صرة (جنوب غرب نابلس)، كما واصل إغلاق مداخل بلدة دير شرف (المدخل الغربي لمدينة نابلس) بالسواتر الترابية، والذي يربط نابلس بمدينتي طولكرم وجنين (شمال الضفة)”.
ومن الجدير بالذكر أنّ الشعب الفلسطينيّ مجمع على أن المسؤولية الوطنية تستوجب حماية بلدهم ومقاوميه في الضفة الغربية، والحفاظ على مسار المواجهة ضد الاحتلال، وتشهد الضفة الغربية التي احتلتها “إسرائيل” عام 1967، مواجهات بين الفلسطينيين والعصابات الصهيونية بشكل منتظم، وتنفذ قوات العدو بين الحين والآخر اقتحامات تحت مبرر “اعتقال مطلوبين”، ويعيش في الضفة المحتلة حوالى 3 ملايين فلسطينيّ، إضافة إلى نحو مليون محتل إسرائيليّ في مستوطنات يُقر المجتمع الدوليّ بأنّها “غير قانونية”.
أيضاً، وبالتزامن مع هذه التطورات يخبر الصهاينة وآلتهم العسكريّة الجميع بأنّهم سيسحقون كل فلسطينيّ ومطالب بحقوقه، والتهم جاهزة كعادتها “إرهابيّ”، “قاتل”، “متشدد”، باعتبار أنّ المقاومين هناك يعتبرون “جمراً تحت الرماد” وأحد أساليب المقاومة والمواجهة في المنطقة المهددة من قوات المحتل الباغي، والدليل هو قيام الجيش الإسرائيلي بعمليات قتل ككثيرة خلال عملياتها التي نفذها في في أكثر من مدينة في الضفة، فمنذ أواخر آذار/مارس تشن قوات الأمن الإسرائيلية عمليات شبه يومية في مدن الضفة الغربية بمزاعم شن هجمات من قبل فلسطينيين وعرب في “إسرائيل” والضفة.
إذن، فشل العدو في احتواء الوضع في شمال الضفة (جنين، ونابلس، وطولكرم)، ويزداد الأمر صعوبةً عليه بعد تصاعدها في أكثر من مدينة وتكرار عمليات إطلاق النار ضد جنوده ومستوطنيه خلال الفترة الماضية، فيما تتصاعد المخاوف أكثر فأكثر من الاجتمالية الكبيرة لانتقالها داخل أراضي الـ 48 المحتلة، فيما يدعو المقاومون بشكل مستمر إلى تصعيد المواجهة ضد الكيان ومستوطنيه في عموم مدن الضفة الغربية المحتلة، فيما تحاول السلطة الفلسطينية منع إطلاق يد المقاومة لتقوم بدورها في لجم العدوان الصهيونيّ على الشعب الفلسطينيّ، وتستمر بهراء الاستسلام والخضوع للعدو الغاصب، لتبقى الضفة الغربية عنوان المرحلة القادمة التي ستغير كل المعادلات على الساحة الفلسطينيّة المستعمرة من العصابات الصهيونيّة وبعض المتخاذلين، وسط تصعيد عمليات المقاومة من إطلاق النار ومحاولات الدهس ضد قوات الاحتلال وعصابات مستوطنيه، والتي تتزايد نتيجة اعتداءات العدو على محافظتي نابلس وجنين ومدينة القدس.
المصدر: الوقت
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال