عندما تُمنع مراسم العزاء الحسيني ابحث في كواليس السياسة 194

عندما تُمنع مراسم العزاء الحسيني ابحث في كواليس السياسة

في كل عام تلقى الفعاليات المعنية بإقامة مراسم عزاء الامام الحسين عليه السلام تضييقا وانتقادات تصل إلى حد منعها منعا باتا من اقامتها في دول عدة.

دائما تتصدر دول السعودية والكويت والبحرين قائمة منع إقامة تلك الشعائر دون وجود أي تفسير منطقي أو علمي.

هذا العام كانت الشهرة من نصيب دولة الكويت التي تنادي بالحريات والتعبير عن الرأي حيث حذرت وزارة الداخلية الكويتية "أصحاب الحسينيات" الشيعية من رفع الرايات والأعلام، وتوعدت المخالفين بالمحاسبة.

وقالت الوزارة في بيان، "على أصحاب الحسينيات الالتزام بالقوانين المنظمة وتعليمات رجال الأمن حفاظا على سلامة الجميع".

وأكدت على ضرورة "الالتزام بعدم رفع أي راية أو لوحات قماشية أو أعلام غير علم دولة الكويت".

وأوضحت أنه "يسمح بوضع راية واحدة فقط من غير شعارات على الحسينية".

وكما ذكر سابقا أنه هناك خلافات دائمة على هذا الموضوع فوزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد الصباح، دافع عن قراره بعدم السماح بإنشاء خيام الحسينيات للطائفة الشيعية في البلاد، بالتزامن مع مراسم "عاشوراء" التي تستمر لـ 10 أيام على الأقل.

و قال في تصريحات إعلامية: "فعلّنا قوانين، ولم نمنع أي شخص من إقامة أي شعيرة من الشعائر". متذرعاً بحجة أن يقوم أي شخص بإضرام النار بالخيام.

لا يخفى على أحد أن البعد الظاهر لهذا الإجراء هو ديني بحت ولكن من يتمعن في خفايا هذا القرار سيفهم أن الموضوع سياسات تسعى للتفرقة لا أكثر ولا أقل خاصة مع وجود منتقدين لسياسة أمير الكويت الحالي وحكومته مستذكرين مدى تعاون الأمير السابق وخاصة في مثل هذه المناسبة

فبمحرد ما ذكرت إحياء مراسم عزاء الامام الحسين عليه السلام عليك أن ترسخ في ذهنك مدى قدسية هذا اليوم الذي تجتمع فيه كل شيعة العالم على قلب واحد.

وأن تسمح دولة مثل الكويت أو البحرين أو السعودية بهذا الأمر التجمعات لخوفها الشديد من أن تتحول لانتفاضة ضد الظلم.

إن أي ذريعة غير مقبولة فمنهم من يرجع هذا التقييد في الكويت مثلا إلى أن الكويت قد تتجه نحو العلمانية فقد قامت مؤخرا باستبدال أسماء شوارع تحمل أسماء الصحابة بالأرقام أو بأسماء لأشخاص عاديين.

تُظهر الحوادث التاريخية في إيران أن التجمعات الدينية والتوسل بالأئمة (ع) وخاصة تجمعات عزاء الإمام الحسين (ع) كانت لها القدرة على معارضة أفعال وسياسات الشاه المقبور المعادية للدين وإلى أي مدى كان الشاه خائفًا من هذه التجمعات.

مواجهة مستمرة لإجراءات المنع

بعد بدء الثورة الدستورية في إيران، اتخذت المجالس الحسينية في شهر محرم الحرام طابعاً سياسياً ووفرت الأرضية لمحاربة سياسات الحكومة "القاجارية"، وكما تظهر الأدلة بأن العلماء والطلاب في الجمعيات غير الرسمية وخاصةً في طهران استفادت من هذه المجالس، كما لعبت هذه المجالس دوراً مهماً في تعبئة الناس وتوعية الجماهير وإرغام الحكومة على التراجع عن مواقفها، فعلماء الدين والمحاضرون المطالبون بالدستورية وإلى جانب الوعظ والإرشاد حاولوا التعريف بالأفكار الجديدة للناس،

وقد لاقت تلك المجالس ترحيباً كبيراً من قبل الناس، وقام العلماء والوعاظ والشعب في هذا المجال بمقارنة ممارسات بني أمية وسياسة الحكومة "القاجارية" وممارساتها ضد الشعب الذي استحضر أحداث كربلاء وقارنها بالأحداث التي كان يمر بها في تلك الفترة.

وواجه بعض العلماء أيضًا سياسة النظام البهلوي البائد في منع الحداد في تلك الفترة، ومن بينها أنشطة الميرزا “صادق آغا تبريزي”. الذي نفاه “رضا شاه” في سياق حملاته المعارضة للدين، وبعد رفع النفي عنه رفض العودة إلى مدينة تبريز، واستقر في مدينة قم المقدسة التي استمر بتنفيذ أنشطته المواجهة للشاه سراً طيلة فترة مكوثه فيها.

عندما كان الميرزا في قم، حصل على مبلغ كبير من المال، وأرسل هذه الأموال إلى القرى المحيطة بمدينة قم المقدسة بعناوين أموال السكر والشاي، حتى يسمح للقرويين بعقد مجالس العزاء بعيداً عن أعين ضباط الشرطة.

وكان الراحل آية الله العظمى الحاج الشيخ “عبد الكريم الحائري يزدي” مؤسس الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، أحد الذين عارضوا سياسة “رضا شاه” في منع إقامة العزاء الحسيني، وهو في مواجهة سياسات نظام رضا شاه المعادية للإسلام ، لم يتوقف أبدًا عن التوسل بالأئمة وإرساء تقليد الحداد على سيد الشهداء (ع) وقراءة عزاء الإمام الحسين (ع).

بالإضافة إلى اهتمامه بقراءة العزاء كل ليلة جمعة والأيام العشر من شهر محرم الحرام، كل يوم قبل بدء الدرس، يقوم أحد تلامذته (الحاج آغا جواد قمي أو الشيخ إبراهيم صاحب الزماني) ذكر التوسل بالإمام الحسين(ع) الذي أوصى طلابه بترديده أثناء الدرس. ومن بين حالات العزاء التي أشاعها في إيران كانت عزاء الأيام الفاطمية (استشهاد السيدة الزهراء (ع)).

تجدر الإشارة إلى أن بعد الثورة الإسلامية في إيران التي قادها الإمام الخميني (رض) عام 1979 وأطاح من خلالها بالشاه، طغى البُعد السياسي على إحياء عاشوراء، باعتبارها حافزًا لمواجهة الحاكم الظالم والفاسد.

فقد تتالت حركة التظاهرات في المواجهة مع الشاه على وقع مجالس العزاء التي بدأت في أيام عاشوراء وتواصلت مع تشييع الشهداء الذين سقطوا برصاص جنود الشاه. كان الإمام الخميني (رض) يؤكد: “إن كل ما عندنا هو من عاشوراء”؛ وهو يقصد بذلك القول إن كل وعينا الديني والسياسي والقدرة على التضحية والمواجهة هي من ثمار مدرسة عاشوراء التي تربى عليها الشيعة… والتي تقول بواجب النهوض لمواجهة الظلم والانحراف، بغض النظر عن النتائج المتوقعة من حركة النهوض.

مجد عيسى



المصادر:

1- https://cuts.top/JqOs
2- https://cuts.top/Hj6v
3- https://cuts.top/Hj6-
4- https://cuts.top/Hj7v
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال