عن تموز 2006 وتآمر بعض أنظمة العرب.. ودومًا “شكراً سوريا” 30

عن تموز 2006 وتآمر بعض أنظمة العرب.. ودومًا “شكراً سوريا”

لم تكن الحرب امتحانًا للمواقف العربية من المقاومة، فقبلها كما خلالها، كان من السهل التعرّف على من يقرّ بحقّنا بالمقاومة، ومن يعتبر هذا الحق خطرًا عليه، وبين من يدعمنا ويساندنا ولو بالقول إذا عزّ الفعل، ومن سيسعى كلّ سعيه ولو بالتصفيق للصهاينة منتظرًا خبر سحق المقاومة.

وإذا أظهرت الشوارع في الدول العربية تضامنها وتفاعلها اليومي مع الحدث المقاوم المتواصل طيلة ثلاثة وثلاثين يومًا بمعزل عن المواقف المخزية لغالبية الأنظمة، فسوريا كانت السند شعبًا ودولةً وأسدًا.

بالنظر إلى الموقف الرسمي اللبناني ممثلًا برئيس الحكومة في ذلك الوقت فؤاد السنيورة والذي لم يخجل من قول إن حكومته لا تتحمل المسؤولية ولم تقرّ عملية أسر الجنود الصهاينة، والذي حاول منذ اللحظة الأولى معرفة مكان تواجد الجنديين وطالب حزب الله بهما، لسبب ما، لم يكن من الممكن العتب على المواقف التي صدرت عن كلّ من السعودية ومصر والأردن وغيرها بعد أن عقدت الجامعة العربية اجتماعًا طارئًا على مستوى وزراء الخارجية في ١٥ تموز ٢٠٠٦ لمناقشة الوضع في لبنان.

يومها، لم ينتظر أيّ مواطن عربي موقفًا داعمًا للمقاومة من الجامعة العربية. لكنّ ذلك لم يمنع الشعور بالخيبة بعد الاجتماع الذي سبقه وتخلّله تصريحات مخجلة لوزراء خارجية عرب، منها تصريح سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الذي قال فيه إن في لبنان “بعض الجهات تتصرف بطريقة غير مسؤولة وغير مناسبة وغير متوقعة”. فبالنسبة له ولنظامه فعل المقاومة هو تصرف غير مسؤول وطبعًا يجد أنّه من غير المناسب أن يقوم شريف حرّ بتحدّي الإرادة الصهيونية. تماهى هذا الموقف مع تصريحات الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله في قمة كانا قد عقداها في ١٤ تموز لتحذير المقاومة من القيام بأعمال تصعيدية واعتبرا أنّها تشكّل خطرًا على كل المنطقة عبر جرّها إلى مواجهات غير محسوبة.

كلّ هذه المواقف بكلّ ما تحوي من تآمر صريح وواضح ضد المقاومة وناسها وبيئتها، وبكل ما تظهره من مؤازرة معنوية للصهاينة في عدوانهم الوحشي علينا، لم تمنع الشرفاء في كلّ هذه البلاد من رفع الصوت عاليًا تضامنًا مع المقاومة وأهلها، ولم تمنع الأحرار من بذل كلّ ما بوسعهم لتقديم الدعم ولو بكلمة تناصر الحق، وإن بلغ التآمر الرسمي حدّ استصدار فتوى تحرّم الدعاء للمقاومين بالنصر!

لذلك، لم تكن هزيمة الصهاينة خبرًا سارًّا بالنسبة للعديد من تلك الأنظمة، على العكس، فبعضها ولشدّة خيبتها اثر انتصار المقاومة بدأت بتجهيز عصابات التكفير والإرهاب وإرسالها إلى سوريا انتقامًا من الدعم السوري للمقاومة ولتحقيق ما عجز عنه الصهاينة في حرب تموز: سحق المقاومة! لكنّ هزيمة العدو الأصيل تبعتها هزيمة وكلائه وأصدقائه؛ فانتصار سوريا على الإرهاب يعادل انتصار المقاومة في ٢٠٠٦، ومثله منع المشروع الأميركي الصهيوني من الاستقرار في المنطقة، بل كلا الانتصارين أسّسا لمنطقة حرّة خالية من النفوذ الأميركي. وما قيصر وتبعات قيصر وكلّ آليات الحصار إلا حربًا يخوضها الغرب ضد سوريا ولبنان بشكل خاص وكلّ المنطقة عمومًا كمحاولة مستميتة لتحقيق الأهداف التي عجزت عنها “إسرائيل” وسائر الغرب في حرب تموز وفي الحرب على سوريا.

١٥ عامًا على النصر الإلهي الذي صفع الوجه المطبّع الرسميّ العربي، والذي أدخل السرور والعزّ إلى قلوب كلّ أحرار العرب، حتى بدا أن الموقف من نصر تموز هو المقياس الذي يحدّد إن كان المرء عربيًا حرّا شريفًا، أو عربيًا فقد شرفه في ساحات التطبيع واستحال عبدًا يُباع في سوق النخاسة الصهيونية.

١٥ عامًا لم يتغيّر فيها الكثير على صعيد المواقف العربية من الحق بالمقاومة، وإنّ سجلت الأعوام الأخيرة دخول اليمن العزيز إلى خطّ الاستعداد لإرسال آلاف المجاهدين دفاعًا عن المقاومة إذا ما قام الصهاينة بأي عدوان، رغم كلّ ما نعلمه عن حال اليمن.

١٥ عامًا وما زالت “شكرًا سوريا” واجبًا، من يتخلّف عن النطق به جهارًا يسقط حكمًا من قوائم الشرف العربي


بقلم: ليلى عماشا

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال