لقد مر حوالي 500 يوم على الهجوم الواسع الذي شنه النظام الصهيوني على غزة؛ إلا أن أهل غزة قدموا مقاومة أسطورية قل نظيرها في التاريخ. لا تزال فصائل المقاومة وحماس تعمل بنشاط وتحقق خسائر يومية في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي. ويبدو أن ربع القنابل الإسرائيلية لا تنفجر في غزة مما يسمح لحماس باستخدام تلك القنابل غير المنفجرة لتأمين حاجتهم من المواد المتفجرة في أسلحتها لتضرب العدو الصهيوني وهذا ما زاد من إبداع المقاومين وصمودهم.
خلال هذه الفترة تزداد الخلافات الداخلية والانقسامات السياسية ضمن النظام الإسرائيلي يوماً بعد يوم. ومن بين هذه الخلافات يمكن الإشارة إلى الأمور التالية:
الضم وإعادة إحياء مستوطنات غوش قطيف
هناك خلافات بين المعارضة ورئيس الوزراء نتنياهو حول استراتيجية "اليوم التالي" بعد الحرب في غزة حيث كانت المعارضة و"يوآف غالانت" يعتقدون أن تكلفة البقاء في غزة على الجيش ستكون باهظة وبالتالي يجب أن تُدار غزة من قبل السلطة الفلسطينية وبالتعاون مع إسرائيل لكنّ هذه الخطة فشلت. بينما يشدد الطرف الآخر من الصهيونية الدينية على ضرورة ضم غزة إلى النظام الإسرائيلي وتوسيع المستوطنات.
لذلك قام الجيش الإسرائيلي الإرهابي بتأسيس قاعدة عسكرية ثابتة في محور نتساريم لفصل شمال وجنوب غزة وربط المستوطنات في غزة مع البحر الأبيض المتوسط. وقد تم الآن توسيع نتساريم بطول 8 كيلومترات وعرض 7 كيلومترات واحتلالها بالكامل. وزير الحرب الجديد للنظام الإسرائيلي يعتقد أنه يجب أن تكون غزة تحت السيطرة الكاملة لإسرائيل "بعد يوم الحرب" وعدم وجود خلاف جدّي حول البقاء في غزة حيث أصبح مشروع الاستيطان في غزة على جدول الأعمال. ويمثل "سموتريتش" و"بن غفير" مؤيدين جديين لهذا المشروع.
يسعى النظام لإنشاء 4 مستوطنات في شمال غزة و13 مستوطنة في منطقة النواصي أو جنوب غرب غزة، والتي كانت تُعرف قبل عام 2005 حينما كانت غزة تحت الاحتلال بـ"مجمع مستوطنات غوش قطيف". وزارة المالية الإسرائيلية تعمل على تحديد ميزانية للاستيطان في هذه المنطقة وإعادة إحياء منطقة غوش قطيف على أمل المضي في ذات اتجاه الضفة الغربية.
مطالبة نتنياهو بإعادة الأسرى قبل الشتاء
وفي يوم الاثنين 28 نوفمبر نظم عائلات وناشطون في حقوق الإنسان احتجاجاً أمام مسكن نتنياهو في القدس. وحذروا استناداً إلى تقرير طبي من آثار الشتاء على الأسرى المحتجزين في الأنفاق مؤكدين أنه يمكن إعادتهم إلى منازلهم قبل أن يفوت الأوان. وأعلن هؤلاء الأفراد أنه وفقاً للفحوصات يعاني الأسرى من سوء تغذية شديد حيث فقد بعضهم حتى 50% من وزنهم .
اعتراض الحريديم على حكم وزير الدفاع
في عصر يوم الأحد 27 نوفمبر احتشد عشرات من الحريديم في القدس بالقرب من مدينة بني براك وحاولوا إغلاق الشارع أمام السيارات إلا أن الشرطة منعتهم من ذلك وجاء هذا الاعتراض في وقت أصدر فيه "كاتس" وزير دفاع النظام الإسرائيلي حكماً بتجنيد 7000 شخص من الحريديم للخدمة العسكرية الإلزامية.
اعتراض على موقف المستشار القانوني للحكومة
حضر نشطاء حزب "نوام" يوم الاثنين 28 نوفمبر أمام منزل "غالي بهاروف ميارا" المستشار القانوني للحكومة، حيث كان المحتجون يهتفون: "خياطة الأكياس لقوات الاحتياط!" وصرح نشطاء الحزب بأنهم يشاهدون التحريض المستمر الذي تمارسه السلطات الأمنية بشأن أي شيء يتعلق بالحكومة اليمينية ورئيس الوزراء. وفي هذا السياق لا يوجد أي اعتراض فعال بدون الإخلال بالنظام العام."
وسبب هذا الاعتراض هو أن المستشار القانوني للحكومة أعلن أن المحكمة العليا يمكنها تنفيذ أمر تجنيد الحريديم في الجيش دون عائق قانوني لأنه لا يوجد أي منع قانوني لذلك.
اعتراضات ضد الحكومة في أيام السبت
في عصر يوم السبت 3 ديسمبر تظاهر الآلاف في جميع أنحاء الأراضي المحتلة للمطالبة بإعادة الأسرى. وقد جرت هذه التظاهرات في مدن تل أبيب والقدس وبئر السبع وفي التقاطعات الرئيسية في جميع أنحاء الأراضي المحتلة.
الحقيقة هي أن العدو لم يتمكن حتى الآن من تدمير قدرة المقاومة. صحيح أن حماس الإدارية ليست لها ملامح خارجية حتى الآن لكن حماس الجهادية تعيد بناء قدرتها وتستقطب أفراداً جدد بشكل دائم، حيث استقبلت حتى الآن 3000 عضو جديد وزادت دوافع المقاومة لدى الناس بشكل كبير. ولا يستطيع النظام تأمين سلامة ودعم قواته أو تقليل الخلافات الداخلية من خلال خطط الاستيطان. لذلك فإن بقائهم سيكون مؤقتاً لأن الناس الذين قدموا مقاومة أسطورية ودفعت ثمنًا باهظًا ولم يوافقوا على مغادرة بلادهم لن يسمحوا بغزو غزة مرة أخرى.
يمكن أيضاً توقع أن تصبح غزة ستالينغراد وفيتنام الجيش الصهيوني حيث ستستنزف طاقته وقوته وستكون بداية الانهيار من داخل الحكومة الصهيونية.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال