فريق خواص الحق وفريق خواص الباطل ودورهما في استشهاد الإمام الحسين (ع) 22

فريق خواص الحق وفريق خواص الباطل ودورهما في استشهاد الإمام الحسين (ع)

بعناية وإمعان النظر في ملحمة عاشوراء الفريدة نرى أن العناصر المختلفة كان لها تأثير إيجابي وسلبي علی هذه الملحمة ولكل عنصر من هذه العناصر أهمية كبيرة في حد ذاته، ولكن في غضون ذلك، أهم عامل تسبب في استمرار انتفاضة سيد الشهداء (ع) وأصحابه هو بصيرة بعض الخواص (صحابة الإمام) من جهة، وعدم بصيرة بعض الخواص (جيش يزيد) من جهة أخرى. ولننظر كيف أنه بعد عقود من وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، سيهاجم الناس آله بهذه الطريقة، ومِن ذلك الحشد الضخم من الصحابة والتابعين لم يكن هناك سوى شرذمة من الصحابة يضحون بأنفسهم في طريق الحسين بن علي (ع).

في الواقع، يقسم الخواص إلى فريقين: فريق خواص الحق وفريق خواص الباطل. وتنقسم فريق خواص الحق إلى فئتين: البعض يقاوم حتى النهاية بعد التعرف على مسار الحقيقة، ولا يمكن لفيضان الأحداث والمظاهر الخادعة للعالم أن يزعج إرادتهم ويحولهم عن طريق الحقيقة؛ لكن مجموعة أخری من خواص الحق، على الرغم من معرفة الصواب والخطأ، تفشل في وجه الدنيا وبهائها وسحرها وحب المصالح الدنيوية وتهمل ذکر الله تعالى، والخوف من الضرر یجعل هؤلاء الناس يتراجعون عن أهدافهم السامية وغاياتهم النبيلة. ويقول الإمام الخامنئي عن هذه المجموعة من خواص الحق:

“(مجموعة من خواص الحق) تعرف أيضًا الحق وتؤيده، وفي نفس الوقت تزل خطاهم أمام الدنيا وماذا تعني الدنيا؟ تعني المال، والمنزل، والشهوة، والمكانة، والاسم والشهرة، والمنصب، والمسؤولية والحياة. وإذا لم يقولوا الحقيقة حيث يجب، لأن حياتهم في خطر، إما من أجل وظيفتهم، أو من أجل منصبهم، أو من أجل أموالهم، أو من أجل حب أطفالهم، أو من أجل حب أهلهم، أو من أجل حب الأقارب والأصدقاء، فإنهم يتركون ذكر الله  وإذا  تعددوا لكان مصير أبطال مثل الحسين بن علي (ع) إلى مسلخ كربلاء”.

في تاريخ الإسلام ولاسيما بعد وفاة نبي الإسلام، أظهر كل فريق من خواص الباطل وجهه الحقيقي وتسبب في أحداث مريرة وحزينة. وهذا الفريق من خواص الباطل الذي اتصف بعدم البصيرة، كان من المفترض في الواقع أن يستهدي بهم العوام، لکنه أصبح وباءً وعائقًا كبيرًا أمام الحركات الإصلاحية والإسلامية في المجتمع وأضل العديد من الجماعات معه أيضًا.

من المؤكد أن عدم الدراية والوعي، من الآفات المدمرة والأوبئة التي لها العديد من الآثار السلبية وعدم البصيرة یفسد الأمور وینشئ كثيرا من الزلات وانحرافات والعداوات.

وتبصيرالآخرين يتطلب الشجاعة ويتعين على من يريد أن يعطي البصيرة أن يكون شجاعًا وأن يقف في وجه الصعوبات والمخاطر والتهديدات. إن حب الدنيا  والأرستقراطية التي ظهرت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمة المسلمة بشكل عام وبين فريق خواص الحق بشكل خاص، جعلتهم يفقدون تلك الشجاعة ویفتقرون إلی روح المغامرة والجرأة للمقاومة والمثابرة في طريق الحق.

سمة أخرى من سمات البصيرة هي التمييز في الوقت المناسب بين الحق والباطل والمبادرة حسب ما يقتضيه الزمان والمكان ووفقا لذلك التمييز. أي أن الشخص يدرك واجبه في الوقت المناسب ويتصرف بناءً عليه حسب ما تقتضيه الحاجة. ويتسبب التأخير في كل من هاتين الحالتين في ضرر لا يمكن إصلاحه، ومثال على ذلك جماعة التوابين في ملحمة كربلاء؛ منهم من أدرك الحق مبكراً لكنه تصرف متأخراً، ومنهم من تأخر سواء في إدراك الحق أو في المبادرة؛ لذلك تابوا على عدم بصيرتهم وندمواعلى فعلهم وبالطبع الندم والتوبة هما النتائج الطبيعية للابتعاد عن البصيرة. كما يقول الإمام الصادق (ع):« إِنَّ صَاحِبَ الدِّينِ … أَبْصَرَ الْعَافِيَةَ فَأَمِنَ النَّدَامَةَ”. أي إن الرجل التقي … يرى صحة وعافية كل شيء ببصيرة، لذا فإن عمله لا يؤدي إلى الندم وهو في مأمن من الندم”.

قضية أخرى في حادثة عاشوراء هي عدم بصيرة أهل الكوفة؛ أولئك الذين كتبوا الرسالة بأنفسهم وطلبوا من الإمام القدوم إلى الكوفة، لم يتركوا الإمام وحده فقط، ولكن أيضًا عندما دخلت رؤوس الشهداء المباركة الكوفة وصرخ جيش عبيد الله بن زياد: “هذه رؤوس الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين يزيد بن معاوية”، قَبِلَ معظم أهل الكوفة هذا الادعاء ولم يشك فيه إلا بعد ما أفشاه الإمام السجّاد (ع) وزينب الكبرى عليهما السلام. ويعود سلوك الكوفيين هذا إلى عدة عوامل منها: عدم كفاية المعرفة بمكانة الإمامة والولاية، والاهتمام بالمصالح الشخصية، ونكران الذات، والتقليد الأعمى لفريق الخواص المشهور بعدم البصيرة، والتأثر بتعدد فريق خواص الباطل، ونشر شائعات العدو، وحب الدنيا والضعف في المبادئ الأخلاقية.

 المصدر ؛iuvmpress.news

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال