لم تكن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والوفد المرافق له إلى المنطقة سوى خطوة نحو خسارة أحادية القطبية، فقد تولت الولايات المتحدة الأمريكية الهيمنة على العالم وقيادته منذ تفكك الاتحاد السوفييتي السابق. واليوم، يشهد العالم حالة من التفكك لقوة وهيمنة الولايات المتحدة، وكيف أن الرئيس جو بايدن سيكون الخاسر الأكبر والطبيعي في انتخابات الكونغرس النصفية التي ستتم في شهر تشرين الثاني القادم. وهذه التوقعات باقتراب انتهاء عصر قيادة الولايات المتحدة للعالم لم تكن ناتجة عن الخيال، بل أكدها غير مرة عدد كبير من الساسة الأمريكيين والغربيين كان آخرهم رئيس وزراء بريطانيا الأسبق طوني بلير الذي قال بشكلٍ مباشر: “إنّ عصر الهيمنة والسيطرة الأمريكية على العالم يقترب من نهايته المحتومة، وأن العالم يتجه بالتأكيد إلى عالم متعدد الأقطاب”.
لقد رصد أصحاب الشأن تحركات بعض الدبلوماسيين والسياسيين الغربيين الذين يسعون دون إعلان رسمي إلى حل الأزمة الروسية في أوكرانيا، خاصة وأن الشتاء البارد سيكون بعد بضعة أشهر من الآن. ومن المتوقع أن تنشط تلك المحادثات بشكل مكثف في الكواليس بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وروسيا والدول الأوروبية من جهة أخرى، من أجل إنقاذ العالم الغربي من الصقيع والتجمد، وإيجاد مخارج كفيلة بعدم سقوط زعماء وحكومات، وهو ما بدأ مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. كما تم رصد التحضير للقيام بتظاهرات عارمة في العواصم الأوروبية ضد الحكومات في القريب العاجل بعيداً عن المنصات الإعلامية، وهي تأكيد آخر على خسارة الولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في حربها مع روسيا.
هذه المعطيات هي تعبير واضح على دخول العالم بشكل عملي في عالم متعدد الأقطاب، خاصةً أنها ترافقت مع انتقادات حادة للرئيس الأمريكي جو بايدن ليس في الولايات المتحدة وحدها بل في معظم دول العالم، التي وصفت أدائه بأنه مخيب للآمال نتيجة عدم وفائه بالالتزامات التي تعهد بها للأمريكيين أمام العالم أجمع والتي تصدرت برنامجه الانتخابي.
إن أزمة الطاقة العالمية، وما رافقها من مستجدات بعد الحرب الروسية – الأوكرانية دفع الرئيس جو بايدن للطلب من المملكة السعودية والإمارات المتحدة زيادة انتاج النفط في محاولة لتعويض النقص عن الغاز والنفط الروسي، علماً أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نصح الرئيس بايدن بعدم التحدث مع دول الخليج في هذا الشأن أمام وسائل الإعلام العالمية، لأن الجواب كانت فرنسا قد تلقته مسبقاً بأنه لن تكون هناك زيادة في انتاج النفط، ما يعني في السياسة أن العداء لروسيا لن يحصل على الأقل في المدى المنظور.
المصدر: البعث
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال