مضى ما يقرب من 3 أشهر على انطلاق مشروع آل سعود الكبير برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في كرة القدم. ويعدّ نادي نيوكاسل الإنجليزي أول مشروع كرة قدم سعودي في العالم، يتم شراؤه لأغراض سياسية بحتة.
ابن سلمان يدخل عالم كرة القدم بتهم القتل وجرائم الحرب ، قبل ثلاثة أشهر، تصدرت عملية شراء صندوق الاستثمار السعودي لنادي نيوكاسل عناوين الصحف. منذ البداية، دخلت منظمات حقوق الإنسان في المشروع، وتعرض محمد بن سلمان للهجوم باعتباره متهمًا من الدرجة الأولى بانتهاكات حقوق الإنسان.
کان ملف القتل المروع للصحفي السعودي جمال خاشقجي المنتقد لآل سعود مفتوحاً منذ عام 2018، وأول متهم في هذه الجريمة هو ولي عهد السعودية محمد بن سلمان. وإضافة إلى مقتل هذا الصحفي، كانت جرائم الحرب التي ارتكبتها السعودية ضد الشعب اليمني الاعزل، أكبر مثال على انتهاكات حقوق الإنسان.
منذ البداية، نُشرت عدة مقالات في دول أوروبية ضد ابن سلمان، تتهمه بتلميع وجهه عبر كرة القدم. وقد اعتُبر مشروع كرة القدم أداةً للتغطية على جرائم هذه الحكومة الديكتاتورية فقط، وتعرض آل سعود لانتقادات شديدة في هذا الصدد.
هل ذهبت الدولارات النفطية السعودية هدراً؟
الآن، بعد ثلاثة أشهر من استيلاء آل سعود على نيوكاسل، يبدو أن حلم ابن سلمان في ازدهار هذا النادي الإنجليزي يتلاشى، وقد ذهب 300 مليون يورو لشراء هذا النادي عبثًا. كان لاعبو كرة القدم وخاصةً مشجعي نيوكاسل يتوقعون طفرةً كبيرةً ونفقات ضخمة في ناديهم بعد نقل ملكية النادي إلى صندوق الاستثمار السعودي، لكن هذا المشروع واجه في البداية مشكلة عدم الحصول على نتائج.
نيوكاسل، بعد ثلاثة أشهر من إدارة السعوديين، أصبح الآن في ذيل الترتيب في الأسبوع الثامن عشر من الدوري الإنجليزي برصيد 10 نقاط فقط، وهو أول مرشح للسقوط. في كرة القدم، المشروع الناجح هو الذي يحقق نتائج. وكان بن سلمان قد اشترى نيوكاسل بعد ثلاث سنوات من المشاورات بتكلفة كبيرة ورشاوى عديدة لمسؤولين سياسيين بريطانيين. وسنوات من المشاورات السياسية والنفقات الضخمة، کانت تهدف لتأمين المصالح السياسية والاقتصادية للسعوديين في أوروبا.
كرة القدم لم تمحِ وجه “القاتل”
أهم فائدة سياسية لابن سلمان من شراء نيوكاسل، كانت مشروع تلميع صورته الدولية القبيحة بسبب اغتيال خاشقجي وجرائم الحرب التي ارتكبها في اليمن. لكن في الأشهر الثلاثة الماضية، رأينا عدة مرات أن مشجعي كرة القدم الإنجليزية، ومن خلال رفع لافتات مكتوب عليها “قاتل” و”ديكتاتور”، أفشلوا هذا المشروع السياسي لابن سلمان.
سيف كرة القدم ذو الحدين ضد السعوديين؛ صفة القاتل ظلت على جبين بن سلمان
كرة القدم سيف ذو حدين؛ إذا لم تتمكن من استخدامه لمصلحتك، فسيكون بلا شك ضدك. وفي هذا السياق، يبدو أن مشروع ابن سلمان للحصول علی المصلحة السياسية قد حقَّق نتيجةً معکوسةً في الأشهر الثلاثة الأولى، وبدلاً من تصويره على أنه صاحب نادٍ مشهور وثري، قدَّمه إلى عالم الرياضة باعتباره منتهكًا لحقوق الإنسان وقاتلًا.
لم يقتصر الأمر على عدم تلميع وجه ابن سلمان مع نيوكاسل خلال فترة الثلاثة أشهر هذه فحسب، بل ازدادت الهجمات ضده يومًا بعد يوم، وأصبحت أبعاد جديدة لجرائم هذا الديكتاتور السعودي علنيةً. کما أن الضغط يتزايد عليه يوماً بعد يوم، والعديد من الأندية الإنجليزية الكبرى اتخذت موقفاً ضد نيوكاسل.
فشل مشروع آل سعود قصير المدى في نيوكاسل
كان الضغط على نيوكاسل كبيرًا للغاية في الأشهر الثلاثة الأولى من ملكية ابن سلمان، لدرجة أنه حتى رئيس منظمة الدوري الإنجليزي الممتاز اضطر إلى الاستقالة بسبب مشاركته في نقل ملكية النادي إلى الصندوق الاستثماري السعودي.
دفع ابن سلمان أكثر من 300 مليون يورو لشراء نيوكاسل، وقام بالكثير من الضغط السياسي علی المستوى الرفيع مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وفقًا لصحيفة ديلي ميل. وبالنظر إلى اللوبيات ومئات الملايين من الدولارات التي أنفقها ابن سلمان العام الماضي لشراء نيوكاسل ومراجعة 3 أشهر من إدارة النادي، يبدو أن المشروع السياسي لآل سعود قد فشل على المدى القصير.
نفقات ابن سلمان الباهظة في الشتاء هرباً من الفشل الكبير
بالطبع، يريد السعوديون تغيير الآراء ووجهات النظر خلال الانتقالات الشتوية، وتحويل الأنظار إلى أنفسهم بطريقة ما عن طريق شراء النجوم المشهورين. وللتخلص من الفشل الكبير في نيوكاسل، يريد ابن سلمان أن يمد يده إلى جيبه مرةً أخرى وينفق أموالاً فلكيةً لشراء لاعبين مشهورين، حتی يمكنه بهذه الطريقة تحقيق أهدافه السياسية.
الآن، بعد استعراض الأهداف السياسية لشراء ابن سلمان لنيوكاسل، يجب أن نلقي نظرةً على الأهداف الاقتصادية طويلة المدى للسعوديين في نيوكاسل. والمثال الواضح على هذا الاستثمار طويل الأجل، هو باريس سان جيرمان.
القطريون قدوة الخطة السعودية طويلة المدى ،بعد فوز بلاده مع العديد من اللوبيات الفرنسية باستضافة مونديال 2022، قام الأمير القطري ناصر الخليفي باستثمار کبير في عام 2011.كان الوعد بشراء قطر نادي باريس سان جيرمان، أحد مشاريع فرنسا لتنمية كرة القدم الفرنسية. وفي تلك الفترة، اشترى ناصر الخليفي نادي كرة القدم هذا مقابل 100 مليون يورو.
والآن، بعد ما يقرب من 10 سنوات من حضور القطريين في هذا النادي الفرنسي، وصلت قيمة النادي إلى أكثر من 600 مليون يورو، ويخطط الخليفي لزيادة قيمة باريس سان جيرمان إلى أكثر من مليار يورو بحلول عام 2030.
آل سعود يتبعون مجموعة سيتي لكرة القدم المملوكة لدولة الإمارات ، من الأمثلة الأكثر نجاحًا في هذا الصدد، مجموعة سيتي لكرة القدم التي يملكها منصور بن زايد آل نهيان. بدأ هذا الأمير الإماراتي مشروعًا كبيرًا بشراء مجموعة سيتي. تبلغ قيمة هذه الشركة الإماراتية الثرية الآن أكثر من 3 مليارات دولار. وبإلهام من الإماراتيين والقطريين، دخل ابن سلمان مجال الرياضة بعد 10 سنوات، لكنه لم يتمكن بعد من تحقيق النتيجة المرجوة على المدى القصير.
فشل مشروع ابن سلمان السياسي-التجاري في الأشهر الثلاثة الأولى بالنظر إلى الأهداف السياسية والتجارية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لملكية نيوكاسل في الأشهر الثلاثة الأولى، يمكن أن نرى أنه ليس فقط لم ينجح، بل عمل هذا المشروع علی تشويه صورته في العالم أکثر فأکثر.
ومن الناحية الاقتصادية أيضًا، لم تکن نتيجة جهوده ومحاولاته سوی دفع مبالغ ضخمة ورشاوى کبيرة لمسؤولين سياسيين قطريين وبريطانيين رفيعي المستوى.
المصدر: الوقت
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال