الإنسان هو خلیفة الله بين خلائقه ومظهر الصفات الإلهية. ومن تجليات الإنسان الإلهية كرامته وكبريائه المستمدين من نور إيمانه بالله الذي يعطي حياته الطهارة والهدوء.
والكرامة تعني الشرف والقوة وعدم القهر الذي حقا، يتعلق بتوحيد الله سبحانه وتعالي في أسمائه وصفاته. لكن يمكن للعباد الحقيقيين أيضًا أن ينالوا الكرامة والعزة من خلال الاتصال بمصدرالعظمة الإلهية. في الحقيقة، إنما نيل الشرف يعتمد فقط على التمسك بالولاية الإلهية: « یقولون لئن رجعنا الی المدینة لیخرجن الاعز منها الاذل، و لله العزة و لرسوله و للمؤمنین و لکن المنافقین لایعلمون ».
خلال فترات مختلفة من التاريخ، جرت أحداث كثيرة جسدت ظاهرة الكرامة، وتعد معركة كربلاء أهمها، لأن من أهم دروس ملحمة كربلاء احترام الذات والتجنب من الاسر في الذل والمهانة. لذلك، رأى الإمام الحسين (ع) حياة الذل في ظل حكم يزيد تتعارض مع كرامة سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم وشرف المؤمنين. إن وجود مثل هذا الموقف في الحياة يقود الإنسان إلى عزة الشهادة، إذا ما واجه الإنسان المنعطف الخطیر؛ أي الاستشهاد أو الذل. وفي هذا الصدد يعبر الإمام الحسين (ع) عن حالته بلغة شعرية على النحو التالي:
العيش مع الذل أو الموت مع الذل؟ أرى كلاهما كطعام غير سائغ، إذا كنت مضطرا بين الحياة والموت؛ فموت في عز خير من حياة في ذل.
وحجتنا في هذا الادعاء للإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه، إذ أنهم وُهبوا كمال الانقطاع إلى الله وشهدوا أصعب الظروف الفريدة من نوعها في ذلك الوقت وتمكنوا من السمو إلى ذروة العزة بعد أن ضحوا بأرواحهم للحفاظ علي ما امتلكوه من الثروة الإلهیة بكل فخر.
في مدرسة الإمام الحسين (ع) أساس التربية الإنسانية هو التحلي بالشرف والكرامة والحياة الكريمة. والإنسان الذي نشأ في هذه المدرسة يفهم فلسفة الحياة والموت بأجمل صورها وفي أي موقف، ومن خلال الإصرارعلى الاحتفاظ بالكرامة، يفضل الموت في العز على الحياة في الذل ولن يرضى أبدًا على استعداد للخوض تحت عبء العنف والعار ولو لحظة. لذلك سُمي سيد الشهداء (ع) “قتيل العزة” كي ينقل درس الإباء والکبریاء وروح العزة لأتباعه.
وبعد حادثة عاشوراء كل حركة إسلامية وشيعية حدثت واتصفت بزرع روح العزة والكرامة، جعلت الأعداء يخشون من أن تتغلغل روح الحرية هذه في الناس وتضع حاجزا كبيرا في طريقهم. وعلّم الإمام الحسين (ع) كل الشرفاء درسا فحواه أنه بأيدٍ فارغة ورغم قلة أتباعك في بيئة خانقة، يمكن للمرء أن يثور ويدافع عن الجوهر الباهظ الثمن والإنساني أي الشرف والكرامة، وذلك لأنه بالاتكال على الله والحق يقرب النصر، وبحكم هذه القيم تُكرم الأمة الإسلامية ولن تتعرض لأي إذلال.
المصدر ؛iuvmpress.news
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال