تمر منطقة دونباس بأيام حرجة منذ نيسان/أبريل 2014، وتزامنا مع ضم شبه جزيرة القرم إلى الأراضي الروسية، رفع الانفصاليون الموالون لروسيا في مقاطعتين أوكرانيتين علم التمرد وأعلنوا أنفسهم “جمهوريات شعبية” من خلال الاستيلاء على المباني الحكومية. وهذا ما دفع الجيش الأوكراني إلى اتخاذ إجراءات مماثلة جعلت المنطقة تشهد حربا أهلية منذ ذلك الحين، أعقبت مقتل أكثر من 14 ألف شخص من الجانبين في السنوات الثماني الماضية، على الرغم من إبرام اتفاق مينسك بين أوكرانيا وروسيا.
وبعد أن تولّى الانفصاليون السلطة في جمهوريتي لوهانسك ودونيتسك اللتين نصبتا ذاتيا عام 2014، في مايو /أيار من نفس السنة أعلنتا استقلالهما بإجراء استفتاء. ثم ناشدت الجمهوريتان المعلنتان من جانب واحد شرقي أوكرانيا، روسيا أولا ثم المجتمع الدولي الاعتراف باستقلالهما عن أوكرانيا. لكن روسيا رفضت القيام بذلك حتى الأيام القليلة الماضية إلى أن أصدر فلاديمير بوتين (الاثنين مصادفا لـ 21 فبراير 2022) مرسوما يعترف فيه باستقلال المنطقتين تحت عنوان “جمهورية لوهانسك الشعبية” و”جمهورية دونيتسك الشعبية” كدولتين مستقلتين، وأعلن أن القوات المسلحة الروسية مسؤولة عن تأمين السلام والحفاظ عليه في المنطقة.
وأوضح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد الخطوة الروسية هذه، أنه “فور توقيع النظام الأوكراني على اتفاق مينسك، اُنتهكت هذه الاتفاقية ومنذ البداية بدأت ذرائع وقف تنفيذها. وحتى وزير الخارجية الأوكراني آنذاك بافل كليمكين قال إن الاتفاقية لا قيمة لها، بل مجرد ورقة، وأوكرانيا لم تقبل أي التزامات. بشكل عام، کان مسؤولو كييف يخشون الدفاع عن وجهات نظرهم أو عن التوافق الذي تم التوصل إليه في مينسك مع رؤساء أوكرانيا وروسيا وفرنسا وألمانيا”.
ودفعت خطوة روسيا الأخيرة الولايات المتحدة للرد علیها، حيث قال الرئيس جو بايدن، في أول خطاب له منذ اعتراف الرئيس الروسي باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك، إن خطوة فلاديمير بوتين كانت بداية غزو أوكرانيا، معلنا بدء فرض عقوبات على موسكو ومؤسستين ماليتين ضخمتين في روسيا.
وعلى الرغم من أن بايدن تحدّث بلغة تهديد مع روسيا، إلا أن صحيفة العرب السعودية التي تصدر من لندن، قيّمت وقائع تقويض السلطة الأمريكية: “يمكن لإدارة بايدن أن تهدد وتصرخ بقدر ما تشاء. إذ إنها لا تقدر على إجبار روسيا على التراجع عن قضية أوكرانيا. ما هي العقوبات التي يمكن أن تفرضها الولايات المتحدة على روسيا في وقت تمكّن فيه بوتين من إعادة فتح جميع القنوات مع الصين؟ ومن ناحية أخرى، إن موقف أوروبا من فرض العقوبات على روسيا في ظل حاجتها إلى الغاز الروسي، ليس معنى له.
وليس ردُ إدارة بايدن وليد اليوم، إنما هو ناجم عن سلسلة من الإخفاقات الأمريكية بدأت منذ خسارة جيمي كارتر أمام إيران حين اقتحام السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز موظفيها رهائن. وكانت هذه النكسة كافية لإثارة سلسلة من النكسات الأمريكية التي استمرت حتى يومنا هذا إلا في بعض الحالات.
وفي حين أن أميركا مرتبكة وأوروبا ممزقة، فإن بوتن يقوم بهوايته المفضلة، ويلعب على نقاط ضعف أعدائه ويساعد في إقامة نظام دولي جديد بالتعاون مع الصين، ومن غير المستبعد أن تكون عين الصين على تايوان كذلك”.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال