قرار محكمة لاهاي أم قرار المقاومة الفلسطينية؟ 427

قرار محكمة لاهاي أم قرار المقاومة الفلسطينية؟

خطفت لاهي منذ يومين أنظار العالم كله وكانت كل كاميرات العالم في لحظة تاريخية موجة إلى منصة محكمة العدل الدولية بينما كانت السيدة الأمريكية جوان إي دونوجو رئيسة المحكمة تتلو قرار الحكم المتعلق بقضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، حيث دعت المحكمة إسرائيل تجنب كل مايتعلق بالقتل و الإعتداء والتدمير بحق سكان قطاع غزة واتخاذ إجراءات منع التحريض على الإبادة الجماعية وقالت المحكمة: "على إسرائيل أن تتخذ كل الإجراءات التي في وسعها منع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية"، وبأغلبية أصوات الأعضاء رفضت المحكمة طلب إسرائيل بإسقاط قضية جنوب إفريقيا قائلة أن الشروط متوفرة لفرض التدابير المؤقتة، وجاء في نص القرار على لسان رئيسة المحكمة: " 16 قاضي صوتوا لصالح القرار مقابل قاضٍ واحد ضده، يجب على إسرائيل أن تتخذ جميع الإجراءات لمنع التحريض على الإبادة الجماعية اتجاه الفلسطينيين في قطاع غزة والمعاقبة عليها".

وبعد هذا الخبر الثمين كثرت ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض وناقد لهذا القرار الذي وُصِف بالتاريخي بالنسبة للطرف الذي صدر بحقه وهو الكيان الإسرائيلي، وعلى لسان رئيس وزارءه بنيامين نتنياهو الذي وصف القرار بأنه "وصمة عار " وأعرب نتنياهو عن امتعاضه لـ"مجرد الادعاء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين"، والذي وصفه بأنه "ليس كاذباً فحسب بل هو مشين"، واعتبر أن "استعداد المحكمة لمناقشة هذا الأمر يشكل وصمة عار لن تمحى لأجيال عديدة".[1]

ووصفت هايدي ماثيوز، الأستاذة في كلية الحقوق في أوسجود هول بكندا، الحكم بأنه "قرار تاريخي" وقالت إن الأوامر التي أصدرتها المحكمة توضح معقولية قضية جنوب أفريقيا.وقالت: "لكي تأمر المحكمة باتخاذ تدابير مؤقتة، يجب أن تكون مقتنعة بأن الحقوق التي تسعى إلى حمايتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية معقولة وأن هناك حاجة ملحة لحمايتها".[2]

كما رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بحكم محكمة العدل الدولية، وقالت إنه تذكير مهم بأنه لا يوجد دولة فوق القانون.وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في كلمة بثها التلفزيون، يوم الجمعة: "إن قضاة المحكمة قيموا الوقائع وحكموا لصالح الإنسانية والقانون الدولي" وأضاف أن فلسطين تدعو جميع الدول، ومن بينها إسرائيل، إلى ضمان تنفيذ الإجراءات المؤقتة التي أمرت بها المحكمة". وأشادت جنوب إفريقيا، الجمعة، بالحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية والقاضي بأن على إسرائيل بذل كل ما في وسعها لمنع وقوع أي أعمال إبادة في غزة. وقالت وزارة الخارجية في جنوب إفريقيا إن "اليوم يمثّل انتصارا حاسما لسيادة القانون الدولي ومنعطفا مهما في السعي لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني".وأيضاً علق وزير العدل بجنوب إفريقيا: "نعتقد أن الرئيس الراحل نيلسون مانديلا سيبتسم في قبره لأنه من المدافعين عن اتفاقية الإبادة الجماعية". كما أكد قيادي في حماس أن "قرار محكمة العدل الدولية هو تطور مهم يسهم في عزل إسرائيل وفضح جرائمها في غزة، وندعو لإلزامها بتنفيذ قرارات المحكمة".وتابع: "ندعو لإلزام الاحتلال بتنفيذ قرارات المحكمة".[3]

وأكد الاتحاد الأوروبي أن قرارات "محكمة العدل الدولية ملزمة قانونياً للأطراف وعليها الالتزام بها. ويتوقع الاتحاد الأوروبي تنفيذها الكامل والفوري والفعّال"، ومن أبرز الدول الأوروبية التي رحبت بالقرار، فرنسا، إذ قالت ان قرار محكمة العدل الدولية "يعزز تصميمها" على العمل من أجل وقف إطلاق النار، وأضافت أن جريمة الإبادة الجماعية، التي تتهم بعض الدول إسرائيل بارتكابها، تتطلب "إثبات النية"، كما شاركتها إسبانيا نفس الموقف، حيث رئيس الوزراء الاشتراكي الإسباني بيدرو سانشيز بالقرار ودعا الأطراف إلى تنفيذ الاجراءات المؤقتة التي صدرت عن المحكمة الدولية.[4]

أهمية صدور القرار
فيما يتعلق بأهمية قرار محكمة العدل الدولية من المؤكد أنه سيفتح الباب أمام المجتمع الدولي لممارسة الضغط السياسي والاقتصادي على إسرائيل من أجل وقف هجماتها ضد المدنيين في غزة كما إن الاجراء القانوني للمحكمة بعد قبول الدعوى يتمثل في النظر بصلب الموضوع المعني بالإبادة الجماعية وهذا هو الأمر الجديد بحق اسرائيل على المستوى الدولي. و ربما تكون هذه الإجراءات اليوم أشبه بتدابير احترازية اتخذتها المحكمة لمنع وقوع المزيد من الضرر بحق المدنيين، والأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية التي تبت في النزاعات بين الدول، مبرمة وملزمة قانوناً، لكن المحكمة لا تملك أي وسيلة لتنفيذ أحكامها ولم تصدر قراراً بوقف القتال أو وقف إطلاق النار لإنه من الناحية الفعلية أمر غير قابل للتطبيق لأنها لا تمتلك قوة أو شرطة لتنفيذه، ولإن هذا الأمر منوط بمجلس الأمن الذي يعمل على حفظ وصون الأمن الدولي وبالتالي ليس من اختصاص المحكمة.

ماذا بعد صدور القرار
عندما تكون هناك حاجة لاستخدام القوة لعمل شيء ما فالأمر منوط للمجتمع الدولي، وهو من عليه التحرك وليس محكمة العدل لكن إجراءات محكمة العدل التي صدرت مؤخراً ربما تساعد المجتمع الدولي على التحرك دبلوماسياً وسياسياً للضغط على إسرائيل ووقف الأعمال القتالية وإعلان هدنة دائمة للدخول بمفاوضات تضمن حماية المدنيين. وهنا أقول "ربما" أي لاشيء ملزم فعلياً حتى بعد صدور القرار النهائي، وكلمة المجتمع الدولي كلمة فضفاضة في ظل احتكار القرار السياسي لأغلب الدول من قبل أقطاب العالم، وما سيصدر لاحقاً سيجل تاريخياً على أنه نصر سياسي ليس أكثر، ومن خلال التجارب السابقة للمحكمة لمثل هذه القضايا فقد يستغرق أشهر أو حتى سنوات. ولكن الأهم من كل ذلك هو النظر للحالة الإنسانية التي يعانيها المدنيون ومدى قدرة المجتمع الدولي على تقديم الدعم والمساعدات اللازمة لهؤلاء المحاصرين من قبل الإحتلال.

خلاصة القول
إن ما يحاك على المستوى الدولي من مؤامرات وخطط لتنفيذ مشاريع وغايات استعمارية لن يتوقف على قرارات محكمة العدل ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها، والمجتمع الدولي الذي أعمى عيونه عن مجازر اسرائيل طيلة احتلالها لفلسطين منذ عام 1948وحتى الآن هو نفسه صمت في عام 2003 عندما احتلت أمريكا العراق و دمرت مدنه وهجرت سكانه، ومن يسمي نفسه حامي حقوق الإنسان وراعي الديمقراطية في العالم هو الشرطي والمجرم في نفس الوقت فلا حسيب ولا رقيب، والشعب الفلسطيني مع كل حجرة ترمى ورصاصة تطلق ودبابة تتفجر وأسير يؤسر ونفق يحفر يسجل خطوة باتجاه القرار الأكثر عدالة وهو قرار المقاومة وقرار الشعب وصموده وحقه المشروع في الدفاع عن أرضه وعرضه ومقدساته ففي كل ساعة هناك نصر جديد يسجل بصمود أبطال المقاومة والشعب المقاوم في غزة وكل فلسطين.

د. حسام السلامة

[1] https://2h.ae/GEUG
[2] https://2h.ae/WFOU
[3] https://2h.ae/RPKK
[4] https://2h.ae/ULNN
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال