على مدار الأسابيع الأخيرة هدد نظام الاحتلال الصهيوني إيران مرارًا بتوجيه ضربة قاتلة ودقيقة ومفاجئة، وفي صباح 26 أكتوبر شن العدو هجمات على الأنظمة الرادارية في سورية بهدف "إعماء" أنظمة الإنذار المبكر الإيرانية، وفي الموجة الثانية والثالثة طالت الهجمات طهران وكرج وخوزستان وإيلام في إيران.
إلا أن محاولات نظام الاحتلال الصهيوني لاستهداف عدة نقاط في طهران وخوزستان وإيلام جاءت في وقت تصدّت فيه منظومة الدفاع الجوي الإيرانية بنجاح، حيث أُعلن من قبل مركز الدفاع الجوي الإيراني عن التصدي والاعتراض بنسبة 90% من هذه الهجمات.
كما أثارت الصور التي تم نشرها من تصدي النظام الدفاعي المتكامل في إيران مع الأهداف المعادية لنظام الاحتلال ردود فعل في وسائل الإعلام العبرية، التي اعترفت بأن هجوم نظام الاحتلال لإيران كان في الواقع عرضيًا، وأن الهجمة المذكورة لم تحقق أي هدف استراتيجي.
وأضافت وسائل الإعلام العبرية أن الرد الضعيف على إيران جاء لأسباب سياسية، وكان الهدف من هذا الهجوم هو تهدئة الرأي العام ومناصري نتنياهو بالقول إننا قد قمنا بشيء ما.
يبدو أن تلاقي عامل الاستعداد الدفاعي القوي لإيران مع عامل آخر وهو ضعف العمليات العسكرية لنظام الاحتلال قد حالا دون تحقيق الهجوم لأهدافه خلال هذه الهجمات. وفي هذا السياق يجب الإشارة إلى عدة عوامل رئيسية ساعدت على تحقيق النجاح البارز للدفاع الجوي الإيراني:
1. الاعتماد على الذات والابتكار الداخلي في الجمهورية الاسلامية الايرانية؛
2. تدريب كوادر بشرية متخصصة وملتزمة؛[1]
3. تجربة ثماني سنوات من الحرب المفروضة مع حزب البعث العراقي خلال فترة الدفاع المقدس؛
4. تطوير أنظمة الدفاع الجوي المتكامل؛
5. التقدم في مجالات الصواريخ والطائرات دون طيار؛
6. دعم وتوجيه القائد الأعلى للقوات المسلحة لتطوير الأنظمة الدفاعية.
لقد عززت الجمهورية الإسلامية من أمنها الوطني من خلال تطوير أنظمة الدفاع الجوي المحلية المتقدمة، حيث تلعب هذه الأنظمة دورًا أساسيًا في مواجهة التهديدات الجوية الحديثة وزيادة القدرة الدفاعية لإيران. وقد أكد الهجوم الأخير للنظام الصهيوني، والذي تم باستخدام عشرات الصواريخ والطائرات دون طيار، وتصدي الدفاعات الإيرانية بنسبة 90% منها، على مدى فعالية هذه الأنظمة.
لذا وكما أشار السيد علي خامنئي، قائد الثورة الإسلامية، فإن هذا الهجوم قد عكس الخطأً في الحسابات بالنسبة لنظام الاحتلال، إذ أن هذه الخطوة لم تكن مضرة لإيران بقدر ما كانت مضرة بالنظام الإسرائيلي ذاته. ويمكن تحليل هذه القضية على عدة مستويات:
على المستوى الداخلي: إن التهديد بالهجوم أو الإعتداء على دولة مثل إيران يؤدي إلى زيادة الشعور بالوطنية والقومية، حيث يزداد التوافق والاتحاد بين الشعب والمسؤولين في أوقات التهديد والحرب.
على المستوى الدولي: أظهرت إيران من خلال نظامها الدفاعي وقوتها أن ما قيل حول تعزيز الثقة بالنفس والاكتفاء الذاتي الوطني خلال السنوات الماضية لم يكن مجرد كلام، بل أثبت ذلك فعليًا أمام المجتمع الدولي.
على المستوى الإقليمي: أوجدت هذه العمليات الناجحة للدفاع الجوي الإيراني حافزًا وأملًا مضاعفًا لدى الدول والشعوب في المنطقة نحو الاستقلال والاكتفاء الذاتي، والخروج من تحت مظلة الدعم الغربي وحتى من أجل مواجهة نظام الاحتلال.
في الواقع، أعادت هذه الأحداث صياغة الصورة الداخلية والإقليمية والدولية لإيران، التي تعرضت خلال الأشهر الأخيرة لهجمات دعائية من قبل وسائل الإعلام الغربية ونظام الاحتلال، مما جعل بعض شعوب المنطقة تحمل تصورات سلبية تجاه إيران. وأظهرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنه رغم العقوبات المتعددة والقيود التي واجهتها فقد استطاعت أن تصل بقدرتها الدفاعية إلى مستوى يعيق النظام الإسرائيلي عن تحقيق أهدافه من خلال الهجوم على إيران.
إن هذه القضية أصبحت واضحة اليوم، حيث تعتمد إيران على قدراتها المحلية مما يجعلها واحدة من الدول الرائدة في مجال الدفاع الجوي في المنطقة. وقد ساهم تطوير وإنتاج أنظمة الدفاع الجوّي بتقنيات متقدمة في تعزيز القدرات الدفاعية للجمهورية الإسلامية، إذ أصبحت هذه الأنظمة واحدة من أقوى الأنظمة الدفاعية في المنطقة.[2] إن الأنظمة المحلية مثل "باور 373" و"سوم خرداد" لا تلبي الاحتياجات المحلية فحسب، بل تسمح أيضاً لإيران بالرد بفعالية وسرعة على التهديدات الدولية والإقليمية المعقدة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال