قوة الردع الإيرانية وتصرفات أمريكا الاستعراضية 704

قوة الردع الإيرانية وتصرفات أمريكا الاستعراضية

تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية من إحدى الدول القليلة التي تظهر كوحدة سياسية دولية خاصة ذات تهديدات متزايدة بحسب جيرانها الكثيرين ووجودها في بيئة استراتيجية هامة؛ ولذلك فهي في استراتيجيتها الأمنية، ومع مراعاة التحالفات السياسية والعسكرية لدول المنطقة مع الغرب والتوتر السياسي لبعض الدول الغربية مع نفسها، تؤكد على سياسة الردع وتحاول دائما زيادة قوة الردع لديها. التركيز الرئيسي للمخاوف الأمنية الإيرانية هو الدفاع عن سلامة أراضي البلاد واستقلالها السياسي. ولذلك فإن قدرة إيران العسكرية تقتصر على الدفاع، ولهذا السبب وضعت استراتيجية الردع على جدول الأولويات لديها.

الردع هو أحد المفاهيم الإستراتيجية التي تعني منع حدوث أعمال التهديد من خلال التهديد وإظهار القوة ويستخدم في كل من المجالين الاستراتيجي والدبلوماسي.

على الرغم من أن الأمن العسكري والحصول على الردع الدفاعي لهما موقع مركزي في سياسة الأمن القومي لجمهورية إيران الإسلامية، ولكن بالنظر إلى أن إنتاج الأسلحة النووية فليس له مكان في الردع الدفاعي لجمهورية إيران، و موقف الجيش الردعي والأمني ​​والدفاعي في سياسة الأمن القومي هو مدرج على الخطة النووية لكنه أقل بكثير من المواضيع الأمنية الأخرى، وخاصة أمن الهوية الوطنية.

وفي سياستها الردعية، تؤكد إيران على موقعها الاستراتيجي في النظام الإقليمي والدولي وتسعى إلى استخدامه لتحييد الهجمات المحتملة من خلال زيادة تكلفة العدو وفرض ضغوط نظامية عليه أيضًا. ولذلك ترى أن أهم ميزات وجود القدرة الدفاعية هي في الحالات التالية:

1- موقع إيران الجيوسياسي والطوبولوجي، مما يجعل احتلالها صعباً.

2- سواحل طويلة مع الخليج الفارسي وبحر عمان باعتبارها الأرض الرئيسية لإنتاج الطاقة في العالم.

3- موقع عبور مضيق هرمز وسيطرة إيران عليه.

4- التفوق العسكري في المنطقة.

5- البنية المنظمة للقوات العسكرية الإيرانية، وخاصة القدرة على تعبئة السكان في أوقات الحاجة.

6- إمكانية الاستعانة بقوات شبه عسكرية إذا لزم الأمر.

7- قدرة إيران على التشبيك في المنطقة.

8- القدرة على تعطيل الشبكات الجيوسياسية والجيوثقافية والجيواقتصادية للنظام الدولي.

ومن بين هذه العناصر الثمانية، هناك قدرتان أكثر أهمية في تصميم نظام الردع الإيراني:

1- قوة التشبيك، من وجهة نظر جيوسياسية تمتلك إيران القدرة على بناء التشابك الدولي. إن لعب دور حلقة الوصل بين آسيا الوسطى والقوقاز والخليج الفارسي وجنوب غرب آسيا هو واحد منها.

2- القدرة على تعطيل التشابك الموجود. وتستخدم إيران هذه القدرة بسهولة لإلحاق أضرار لا تطاق بأعدائها وتؤكد على هذا النوع من القدرة كثيراً في نظام الردع الخاص بها.

مع الأحداث والتطورات التي تحدث الآن في منطقة الشرق الأوسط. حظيت مناقشة الردع باهتمام أكبر في الدوائر المتخصصة وبين المفكرين السياسيين والأمنيين في إيران. ويرى البعض أن إيران بحاجة إلى إعادة النظر في قوة الردع التي تتمتع بها، ويجب عليها تحقيق الردع النووي الكامل، ويعتقد البعض أن سياسة الردع التي تنتهجها الجمهورية الإسلامية الإيرانية حتى الآن تعتبر كافية.

إن التهديدات التي أطلقها الأمريكيون ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الأيام الأخيرة، ومن ثم الهجمات التي نفذوها على العراق وسورية، بدعوى الانتقام من مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في غارات بطائرات بدون طيار على الأردن، كانت في الواقع رسالة واضحة، أي أن الولايات المتحدة غير قادرة على التعامل مع قوة الردع الإيرانية، وحتى وفقًا لبعض وسائل الإعلام في البلاد، بما في ذلك شبكة إن بي سي نيوز، فإن هذه الهجمات كانت مجرد هجمات استعراضية ولم يتمكن الأمريكيون من تحقيق أهدافهم الحقيقية.

وبناء على ذلك، يبدو أنه حتى لو استمرت مثل هذه التصرفات من جانب الولايات المتحدة، فذلك لأن الحكومة الأمريكية تريد طمأنة الرأي العام الداخلي لديها بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام غزو دول أخرى وتنتقم لشعبها ولمقتل جنودها، ومن ناحية أخرى تريد أن تظهر للعالم أنها تنفذ هذه الهجمات لتحقيق التوازن في المنطقة ومنع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط. لكن حتى الآن، لم تظهر التصرفات العدوانية التي قامت بها الولايات المتحدة ضد دول المنطقة سوى انتهاك سيادة هذه الدول أمام الرأي العام العالمي. ولذلك فإن انتهاك سيادة دول العراق وسورية واليمن يمكن أن يخلق شبكة ردع إقليمية وحتى عالمية ضد النظام الصهيوني والأميركيين، مما سيخلق تحديات أكبر لهم.

حکیمة زعیم باشي
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال