أصبح الموقف الرافض للمؤسسة السياسية والعسكرية الأمريكية تجاه “أدواتها” أكثر وضوحاً بعد ظهور جو بايدن مؤخراً أمام مجلس النواب ومجلس الشيوخ بخطابه السنوي الخاص بحالة الاتحاد، والذي وصف فيه شعب أوكرانيا بالإيرانيين.
نادراً ما يمكن للمرء أن ينسب هذا التصرف للشيخوخة العقلية لبايدن، بينما هو في الحقيقة مؤشر آخر على عدم إكتراث البيت الأبيض بمن يجب أن يقصف.. الإيرانيون، والأوكرانيون، والعراقيون، والأفغان، والفيتناميون، الذين يُنظر إليهم جميعاً على أنهم شعوب من الدرجة الثانية.
في شهر آب الماضي، كان الرقيب أول المتقاعد في الجيش الأمريكي لاري سوي، المحارب الأمريكي المخضرم، مقتنعاً بأن قصة تخلي الأمريكيين عن الفيتناميين في سايغون عام 1975 سوف يتكرر في كابول، وهو ما حدث بالمناسبة!.
ولعل المصير المفزع للمترجم الأفغاني سهيل برديس والمأساة الدرامية التي يعيشها آلاف الأفغان الذين يعملون لصالح الولايات المتحدة، هي مثال حي على المحاولة الفوضوية الكاملة لإجلاء الأمريكيين من أفغانستان، ولكنها أيضاً شهادة على تجاهل واشنطن لمساعديها في الخارج.
وبحسب تقرير صادر عن جمعية الحلفاء في زمن الحرب، كشف تلفزيون أفغانستان الدولي أن الولايات المتحدة أجلت حوالي 3٪ من حلفائها الأفغان الذين تقدموا بطلبات للحصول على تأشيرات هجرة خاصة، تاركين وراءهم حوالي 78000 شخص على استعداد للفرار. وبحسب مقابلات أجريت مع 4000 من المتقدمين للحصول على تأشيرات هجرة خاصة، يواجه المتبقين في أفغانستان المضايقات والحرمان في ظل حكم طالبان. إذ يؤكد 30٪ من هؤلاء المتقدمين تقريباً، إنهم قضوا وقتاً في الاحتجاز خلال الأشهر الستة التي أعقبت انسحاب القوات الأمريكية، وقال 52٪ إنهم تعرضوا للإستجواب، و 88٪ منهم يعانون من البطالة، كما أفاد 94٪ أنهم يعانون صعوبات اقتصادية وجوع. وفي غضون ذلك، يقول كيم ستافيري، المؤسس المشارك لجمعية الحلفاء في زمن الحرب، إن الحكومات الغربية الأخرى، على عكس الولايات المتحدة، تمكنت من سحب شركائها الأفغان من أفغانستان مع انخفاض عدد الضحايا.
بحسب قناة “س. ر. ف” السويسرية قدم المئات من المترجمين الفوريين العراقيين العاملين لصالح الجيش الأمريكي ادعاءات مماثلة ضد الإدارات الأمريكية، حيث تُركوا ليواجهوا مصيرهم لوحدهم. وتذكر القناة، نقلاً عن علي، إنه عمل مترجماً فورياً للجيش الأمريكي وبعد قرابة عامين، تلقى أمراً بمغادرة القاعدة العسكرية الأمريكية، ثم تمت مرافقته سيراً على الأقدام إلى نقطة عسكرية عراقية محصنة، وبعد خمسة أيام تلقى رسالة تخبره بأن وظيفته مع الجيش الأمريكي قد انتهت. وعلم بعد ذلك أن الجيش الأمريكي قدم الهويات الكاملة لجميع المترجمين العراقيين للحكومة العراقية، والتي قال علي إن المجموعات الإرهابية اخترقتها. بعد ذلك، ظهرت قائمة بأسماء مئات من المترجمين الفوريين على الإنترنت وبدأ أعضاء المجموعات الإرهابية في إرسال تهديدات بالقتل إلى المترجمين الفوريين.
وبحسب مترجم سابق عمل مع قوات الاحتلال التابعة للجيش الأمريكي، كان الجيش الأمريكي متردداً تجاه العراقيين أثناء الاحتلال. وقسم الجيش الأمريكي إلى ثلاث مجموعات حسب موقفهم من العراقيين، حيث كانت المجموعة الأولى تدعم احتلال العراق وتحمل الضغينة تجاه السكان المحليين، والمجموعة الثانية شككت في صواب الإدارة الامريكية، أما الثالثة فقد نأت بنفسها عن السياسة وانضمت إلى الخدمة فقط لتتمكن من الحصول على تعليم عالٍ.
لقد أظهرت الولايات المتحدة أكثر من مرة لا مبالاتها التامة بمصير العصابات الإرهابية التي تدعمها في سورية، من خلال استغلالها لمصالحها اللحظية أثناء الحروب في العراق وسورية، وأظهرت الولايات المتحدة دعمها الكامل لهذه العصابات، لكن في حقيقة الأمر، كان هذا الدعم لتلبية احتياجاتها الخاصة بإنشاء قواعد أمريكية في مناطق في العراق وسورية.
في هذا السياق، في ظل الحالة المتردية في أوكرانيا، بعد أن شنت روسيا عملية خاصة لنزع السلاح، بدأ العديد من الأوكرانيين في التعبير عن مخاوفهم بشأن العواقب المحتملة للتعاون مع السفارة الأمريكية، حيث أرسل الموظفون المحليون في السفارة الأمريكية في كييف رسالة إلى وزارة الخارجية الأمريكية يطلبون فيها المساعدة، وشعروا، كما ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية، بأنها تركتهم ليواجهوا مصيرهم لوحدهم.
أشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن موظف السفارة طلبوا المساعدة لإجلائهم من منطقة الحرب، والحصول على تأشيرات من الولايات المتحدة. ومع ذلك، تجاهلت واشنطن حتى طلبات المساعدة هذه، ما يدل على موقفها الحقيقي تجاه هؤلاء “المساعدين”.
المصدر: البعث
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال