يمكن القول ان عودة اميركا الى الاتفاق النووي المبرم مع ايران تأتي بعد اخفاق واشنطن في تحقيق اهدافها من الانسحاب من الاتفاق النووي أي نزع سلاح ايران.
شهدت حملة الانتخابات الرئاسية الاميركية في عام 2016 حدثا هاما وهو اعلان احد المرشحين الرئاسيين انه وفي حال فوزه في الانتخابات الرئاسية سيمزق الاتفاق النووي الذي جرى التفاوض حوله بين 6 دول لمدة 7 أشهر متتالية، وخلافا للتوقعات فاز هذا المرشح الجمهوري أي دونالد ترامب وبات الجميع ينتظرون ما سيفعله.
اعلن ترامب في الشهور الاولى من عهد رئاسته خطته تجاه ايران وقال ان تحديد مدة زمنية لالتزامات ايران الواردة في نص الاتفاق النووي يعتبر من نقاط ضعف هذا الاتفاق وكان يقول بأن كافة التزامات ايران يجب ان تكون ابدية وعلى الاقل لمدة 100 عام.
كما كان ترامب ينتقد صمت الاتفاق النووي حول البرنامج الصاروخي الايراني وما أسماه الامتداد والنفوذ الايراني في المنطقة، واعلن ترامب انه من اجل “اصلاح” هذه البنود سيتخذ عددا من الاجراءات، ومن جملتها فرض حظر خارج اطار الاتفاق النووي يستهدف برنامج الصواريخ الباليستية الايرانية ودعمها “للارهاب” (على حد زعمه) وكل نشاطاتها المخربة (حسب وصفه) وقال ان عددها كبير.
وبعد مضي شهور أخرى ومن اجل جر ايران الى طاولة المفاوضات حول شروطه الثلاثة انسحب ترامب من الاتفاق النووي وبعد ذلك اعلن وزير خارجية ترامب ، مايك بومبيو 12 شرطا للاتفاق من جديد مع ايران ومنها تراجع ايران في المنطقة وترك صواريخها الباليستية ووقف تخصيب اليورانيوم وشروطا اخرى.
لكن عهد ترامب لم يستمر اكثر من 4 أعوام وعادت السلطة مرة اخرى الى الديمقراطيين وتحدث الاميركيون عن العودة للاتفاق النووي، وكانت حكومة حسن روحاني ايضا في ايران في عامها الاخير وقيل حينها ان عودة اميركا الى الاتفاق النووي لن يطول كثيرا، وذهبت الحكومة الايرانية الى طاولة المفاوضات مشترطة بان تعوض ادارة بايدن عما قامت به ادارة ترامب وتلغي الحظر، وقد أكد سماحة قائد الثورة الاسلامية في تلك الحقبة انه “يجب على الاميركيين ان يقوموا برفع الحظر بشكل عملي وعلينا ان نختبر مصداقيتهم”.
وعقدت 6 جولات من المفاوضات لكن اميركا لم تكن مستعدة بعد للعودة الى الاتفاق النووي وكما قال عضو الوفد الايراني المفاوض في حينه كاظم غريب آبادي ان الادارة الاميركية الجديدة وضعت شروطا جديدة على الطاولة من اجل العودة الى الاتفاق النووي.
وصرح غريب آبادي ان الاميركيين ليس فقط لم يقبلوا برفع 500 حظر على الاشخاص والكيانات بل طرحوا مطالب تتعدى الاتفاق النووي، واضافة الى ذلك ربط الاميركيون بين العودة للاتفاق وبين قبول ايران للتفاوض حول القضايا الاقليمية، ولم يقبل الاميركيون باختبار المصداقية والغاء الحظر واعطاء الضمانات بعدم خرقهم للاتفاق، لكن مع تغيير الحكومة في ايران تم الاعلان عن اتباع سياسة خارجية جديدة واكد الرئيس الايراني الجديد السيد ابراهيم رئيسي انه لن يربط تحت أي ظرف من الظروف بين اقتصاد البلاد وبين أية مفاوضات.
ومن جهة أخرى ومع بدء الجولة الجديدة من المفاوضات باشرت الحكومة الايرانية بتعزيز العلاقات مع دول الجوار واصبحت ايران عضوا في منظمة شنغهاي وعقدت اتفاقية تعاون لمدة 25 عاما مع الصين وابرمت اتفاقية استراتيجية مع روسيا وكل هذه الخطوات ارسلت اشارات الى طاولة المفاوضات.
والان وفي المراحل الاخيرة من المفاوضات ورغم عدم انتشار نص الاتفاق المحتمل لكن المصادر الاعلامية تتحدث عن حسم احدى القضايا وهي ان البرنامج الصاروخي الايراني والنشاط الاقليمي لايران ليس من ضمن نص الاتفاق.
ويستشف من تغريدة المساعد السياسي لمكتب رئاسة الجمهورية الايرانية على تويتر ان ايران لم تقبل باتفاق نووي أبدي ودائمي وقيوده ولا حتى مناقشة البرنامج النووي والنفوذ الاقليمي، وهذا ما يعيد الى الأذهان ما جرى في حرب تموز فيلبنانعام 2006 حينما كانت وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس تخطط لرسم شرق أوسط جديد عبر هزيمة حزب الله لكن الامور انتهت الى هزيمة الكيان الصهيوني تراجع اميركا عن مشروعها. والان تعود اميركا الى الاتفاق النووي بعد فشلها في تحقيق اهدافها في نزع السلاح الايراني.
المصدر: فارس
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال