إن الإنسان، من حيث النظرة الإسلامية للعالم، هو مخلوق قيم يحظى بمكانة عالية، لدرجة أنه يستحق أن يكون خليفة الله في الأرض، ومعلّما للملائكة متفوقا علیهم. في کافة البشر، هناك القدرة على النمو والوصول إلى هذه المکانة، ويمكن لأي شخص، ولو عاش في أي مكان من العالم، التعرف على شخصيته وتنميتها.
لهذا السبب، يُعرف شهيد سليماني اليوم بأنه شخص يُعترف بعقيدته وشخصيته كمدرسة للتربية الفكرية. لم يكن الشهيد سليماني إنسانًا آتیا من خارج كوكب الأرض، بل كان رجلا إيرانيا على غرار كل إيراني وكل مسلم وكل إنسان يعيش علی الأرض، غير أنه تمكن من تطوير شخصيته في مراحل مختلفة من حياته.
وفي المذكرات التي كتبها شهيد سليماني نفسه، تظهر أبعاد شخصيته جليا. صبي مراهق يبلغ من العمر أربعة عشر سنة، قرر الانتقال إلى مدينة غادرا قريته النائية، لسداد قرض والده والبحث عن عمل. وتشير جهود سليماني للعثور على عمل والقيام في نهاية المطاف بأمورمختلفة وصعبة في بعض الأحيان مثل البناء والعمل في مطبخ الفندق، فضلا عن مواصلة دراسته في تلك الظروف العصيبة، إلى أنه لا يفكر فقط في دفع دين الأب، ولكن يخطط لمستقبله أيضا.
وفي مكان آخر من مذكرات الحاج قاسم، نكتشف أنه بالإضافة إلى العمل والدروس، يولي اهتماما خاصا لصحتة الجسدية ويمارس الرياضة لتحسينها أيضا، حيث يذهب إلى نادي الكاراتيه ويتدرب في زورخانة على الرياضات الشعبية. وأخيرا، تمكن من تحسين وضعه الاجتماعي والعثور على وظيفة مناسبة، حيث يصبح موظفًا في إدارة خدمات المیاه في محافظة كرمان. إن سليماني شخص كافح، مثل جميع البشر من حوله، من أجل لقمة العيش وإيجاد وظيفة مناسبة، بيد أنه سعی سعیا حثیثا أكثر من أنداده، لنیل هدفه النبیل.
عندما نتصفح سنوات طفولة الشهيد سليماني حتى أیامِ شبابه، نجد کثیرا من سمات التميز في شخصيته، منها ما يلي: 1-الإيمان والتقوى، 2-الشجاعة، 3-تولي المسؤولية،4-الثقة بالنفس 5-الصبر والمثابرة 6-اغتنام الفرصة.
وخلال الثورة الإسلامية، برزت الخصائص الآنفة الذکر في شخصية سليماني على نطاق أوسع، فهو شخص مسؤول لا يمكنه أن يسكت عندما يرى قمع الحكومة وفسادها. لذلك، يدخل الساحة تلقائيا ويشارك في النضال ضد نظام بهلوي على غرار الشعب المناضل.
بعد الثورة، مع اندلاع الحرب المفروضة، تخلى عن عمله الإداري والمريح وشعر بالمسؤولية ودخل ساحة المعركة، وجعلته قوته البدنية العالية وروحه المعنوية وشخصيته المثابرة يتحمل مهمام الجيش بوحده. وبالإضافة إلى قوته البدنية، لديه عبقرية عسكرية كبيرة بسبب صقل مواهبه التي ساعدته على تحقيق انتصارات قيمة إبّان الحرب ضد البعثيين، جنبا إلى جنب مع “وحدة ثأر الله الحادية والأربعين(41).
وبعد الحرب التي دامت ثماني سنوات، وعلى الرغم من مسؤولياته العسكرية وككبير المديرين، عاش حياة بسيطة مثل ما یعیشها عامة الناس، ولكنّه حافظ دائما على خصائصه التي امتاز بها مثل الصبر والمثابرة والثقة بالنفس وحبه للولایة. فقد انحاز بكل إرادته إلى إرادة زعیم عصره، وكان، على حد تعبيره، جنديا حقيقيا لإيران الإسلامية ومصدرا يخدم بلدان المنطقة، مما جعله يحظى بشعبية بين جميع قطاعات إيران ودول المنطقة.
في الواقع، إن شعبية الحاج قاسم بين الشعب الإيراني والمنطقة، وحتى بين الناس الأحرار في العالم، ليس لها سوى سبب أساسي واحد وهو يتمثل في امتلاكه خصائص وسلوكيات زادت من مصداقيته أمام الجميع. وقد أصبح الحاج قاسم، بهذه الصفات والسلوكيات، مثالا على الآية «الّذین آمنوا و عملوا اصّالحات»، ووعد الله نفسه بأنه إذا وصل المرء إلى هذا المستوى من الإيمان والأفعال الصالحة، فإنه سيسکن حبه قلوب الجميل. إذ يدير الله هذا العالم وفق سننه ولا يجعل أي شخص ودودا مثيرا لاهتمام الاخرين بدون خلفية ومقدمة. وعلى العكس تماما، شاء الله في العصر الحالي جعل شخصيات قذرة مثل ترامب مكروهة من قبل الأمم الحرة في العالم، وهذه الكراهية أصبحت أكثر فأكثر حتى تؤدي إن شاء الله إلى هلاك قتلة الشهيد سليماني واضمحلالهم.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال