كيف انتقلت الحرب الى داخل الكيان الصهيوني؟ 15

كيف انتقلت الحرب الى داخل الكيان الصهيوني؟

امتدت دائرة العمليات الفدائية الفلسطينية خلال الاسابيع الماضية الى ما ابعد من جنين ونابلس ووصلت الى مركز وجنوب مدينة القدس وبات القادة الصهاينة يعترفون الان بان الحرب كانت في السابق حربا على كيانهم لكنها الان باتت حربا في داخل الكيان.

التطورات الجارية في الضفة الغربية يمكن اعتبارها في الحقيقة بأنها فتح ساحة جديدة للحرب امام كيان الاحتلال وهذه الحرب مختلفة في الشكل والتأثير وتمتاز بخصائص مختلفة جلبت التخبط للاجهزة الامنية والعسكرية الصهيونية.

صحيح ان تقارير الاجهزة الامنية الصهيونية تفيد بان اندلاع موجة جديدة من الانتفاضة كان متوقعا منذ سنوات لكن الصهاينة كانوا يتوقعون انتفاضة على غرار الانتفاضتين الاولى والثانية ولم يكونوا يتوقعون ابدا مواجهة الاوضاع التي يواجهونها اليوم.

ان تسليح الضفة الغربية وتعاظم قدرات المقاومة في هذه المنطقة وحتى في مناطق عام 48 باتت حقيقة يعترف بها الصهاينة بانفسهم وهكذا لم يعد هناك مكان آمن للصهاينة في فلسطين المحتلة.

ومع ازدياد عدد عمليات المقاومة الفلسطينية بشكل يومي انضمت عدد كبير من البلدات والقرى الى الانتفاضة وباتت عمليات اقتحام قوات الاحتلال لهذه المناطق ليلا لاعتقال المقاومين الفلسطينيين تواجه برد عنيف من قبل سكان هذه المناطق وهذا الامر قد تكرر كثيرا.

واصبحت مجموعات “عرين الاسود” التي لا يعرف لها أي صلة بالجماعات والحركات الفلسطينية المقاومة المعروفة تخطط وتنفذ عمليات عديدة ومختلفة ضد الاحتلال باساليب جدا مختلفة وبشكل لا يمكن التكهن به وبصورة مفاجئة وهذا يزيد من التخبط داخل الاجهزة الامنية والعسكرية الصهيونية.

ومنذ بداية العام الجاري نفذت هذه المجموعة اكثر من الف عملية ضد العسكريين الصهاينة بشكل مخطط ومدروس ورغم الاجراءات الامنية والعسكرية المتخذة لم تتاثر عمليات مجموعات “عرين الاسود” بالاجراءات الصهيونية ولم يتراجع عدد هذه العمليات.

وخلال الشهور الـ 9 الماضية استشهد 90 مقاوما فلسطينيا في الاشتباكات مع قوات الاحتلال وهو عدد اكبر من عدد شهداء معركة سيف القدس في عام 2021 والذي كان 79 شهيدا.

ان العدد الكبير للشهداء ومراسم تشييعهم الحاشدة تحولت الى سبب آخر لاشتداد النضال ضد المحتلين وتوسع دائرة المواجهة.

وتواجه اقتحامات الجيش الصهيوني للمناطق الفلسطينية لاعتقال المقاومين الفلسطينيين بردة فعل قوية وعنيفة من قبل المواطنين الفلسطينيين كما ان العدد الكبير للاعتقالات ايضا يشكل مشكلة اخرى تضاف لمشاكل المحتلين.

وابدى وزير الحرب الصهيوني بني غانتس قلقه من تداعيات هذه التطورات والتي لا يمكن التكهن بها قائلا ان دخول القوات الصهيونية الى مناطق الفلسطينيين لتنفيذ الاوامر يجب ان يخضع لاعادة النظر من اجل رفع مستوى الدقة، حسب تعبيره.

هذه الاوضاع وعجز الاجهزة الامنية والعسكرية الصهيونية عن مواجهتها تردد صداه بشكل واسع داخل الاوساط السياسية والاعلامية الصهيونية حيث بات المسؤولون الصهاينة من مختلف المستويات والرتب يتهمون بعضهم البعض وبشكل علني وحتى في وسائل الاعلام بالتسبب بهذه الاوضاع ويوجهون اللوم الى بعضهم البعض .

وبسبب هذه الاوضاع اصيبت السلطة الفلسطينية في رام الله ايضا بوهن وضعف مضاعف يضاف الى المشاكل التي تعانيها هذه السلطة بسبب موضوع خلافة رئيس السلطة محمود عباس.

ورغم محاولة اجهزة امن السلطة الفلسطينية لجم وعرقلة عمليات المقاومين الفلسطينيين والسعي لمنع امتدادها الى خارج المناطق الفلسطينية لكن هذه الموجة الجارفة التي يسميها البعض بالانتفاضة الثالثة قد افشلت اجراءات السلطة الفلسطينية .

لقد عمد الصهاينة منذ سنوات الى وضع خطة لضرب دوافع وجذور العمل المقاوم في الاراضي الفلسطينية عبر ايجاد محفزات اقتصادية وجر الشباب الفلسطيني نحو امور وقضايا منافية لقضيتهم الوطنية وبث الثقافة الغريبة الغربية في اوساطهم للجم روح المقاومة هناك لكن اشتداد عمليات المقاومة والنضال ضد الكيان الصهيوني الغاصب على يد الشباب الفلسطيني الثائر اظهر بان تحرير فلسطين لايزال الاولوية الاولى لهذا الشعب وان تتابع الاجيال ليس فقط لا يطفئ شعلة المقاومة بل سيؤدي الى ابداعات جديدة في ساحة المواجهة.

كان المسؤولون الصهاينة يتبجحون بأن الجيل الفلسطيني الشاب والجديد والذي نشأ في الضفة الغربية واراضي 48 وقضى عمره في ظل حكم الكيان الصهيوني، هو راض عن نمط الحياة هذا وهذا الجيل يختلف عن الاجيال الفلسطينية الماضية، لكن الاحداث التي جرت خلال الشهور الماضية في الضفة الغربية طرحت اسئلة جديدة بهذا الخصوص وبات المسؤولون الصهاينة يعترفون صراحة ان الجيل الفلسطيني الشاب والجديد ليس فقط مناهضا للاحتلال كما الاجيال السابقة بل هو جيل يتحلى بشجاعة اكبر ولا يهاب الموت ابدا.

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال