إن جرائم الحرب قضية خطيرة نالت اهتمام دول العالم لاسيما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وذلك من أجل إقامة العدالة، حيث أدت إلى إنشاء محكمة نورمبرغ العسكرية الدولية في عام 1945. واللافت أنه لم تُفرض أي عقوبة على البلدان المعتدية ولم تواجه أي عقاب كلما ارتكبت جريمة. في حين أن المنظمات والمؤسسات الدولية لم تتمکن من لعب دورها كما ينبغي لكي تمنع الدول المعتدية من مواصلة ارتكاب جرائمها. وأبرز مثال في هذا الصدد هو الولايات المتحدة التي أدت جرائمها في مناطق جغرافية واسعة إلى وقوع كوارث إنسانية دون مواجهة أدنى العواقب. وكان من بين جرائمها الهجمات على أفغانستان(2001) والعراق (2003) وسوريا (2014) فضلا عن التواجد العسكري في كل منها.
وفي العراق، المشهد الذي وقعت فيه واحدة من أكبر جرائم الولايات المتحدة، ارتكبت عناصر أمنية تابعة لشركة بلاك ووتر الأمريكية مجزرة ساحة نسور في بغداد عام 2007، بيد أن الرئيس الأمريكي ترامب عفا عن أربعة من موظفي الشركة الذين كانوا قد أدينوا بجریمة القتل المتعمد. ووقعت المجزرة في عام 2007 عندما كان فريق شركة بلاك ووتر الأمني (المُسمَّى بـ 23 Raven) يرافق قافلة مدرعة تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية أثناء مرورها عبر ساحة نسور في بغداد، حيث أطلق عناصر أمنية من بلاك ووتر، اعتقدوا أنهم تعرضوا لهجوم من قبل المتمردين العراقيين، نيران الرشاشات الثقيلة على المدنيين. وخلال المجزرة قُتل 17 مدنيا عراقيا وأصيب أكثر من 20 آخرين بجروح خطيرة. ولم يكن من الممكن محاكمة مرتكبي المجزرة في العراق، إذ إن الحكومة الأمريكية بمساعدة سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق، منحت أفرادها العسكريين وكذلك المتعاقدين الحكوميين حصانة قانونية تحميهم من الملاحقة القضائية من قبل النظام القانوني العراقي. وقد جذب ذلك انتباه الجمیع كنموذج للحصانة الأمريكية الواضحة في العراق.
وتظهر الإحصاءات الصادرة عن بعض منظمات حقوق الانسان أن القوات العسكرية الأمريكية ارتكبت عشرات جرائم الحرب خلال تواجدها في أفغانستان. وفي القضية المعروفة باسم مذبحة قندهار(أو مجزرة بانجواي)، في صباح يوم 11 مارس 2012، في منطقة بانجواي بولاية قندهار قتل جندي أمريكي یُدعی روبرت باليز، 17 مدنيا أفغانيا بإطلاق نار مباشر ثم أحرق جثثهم.
وبالإضافة إلى الجرائم العسكرية الأمريكية في أفغانستان في عام 2015 وقصف مستشفى أطباء بلا حدود في مدينة قندوز الذي ورد ذكره في تصريحات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، هناك العديد من قضايا جرائم الحرب الأمريكية في أفغانستان مثل تعذيب السجناء في السجون السرية والعلنية، بما في ذلك سجن باغرام.
ولطالما انتقدت منظمات حقوق الإنسان تعذيب وإساءة معاملة الأمريكيين سجناءَ باغرام، وهو واحد من أكثر ملفات التواجد الأمريكي إثارة للجدل في أفغانستان. وبالإضافة إلى إساءة معاملة السجناء في سجن باغرام، لم تسمح القوات الأمريكية أبدا للمؤسسات الأفغانية بزيارة السجن، كما سُمح للصليب الأحمر العالمي بشكل محدود فقط.
وكشفت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا عن جرائم أمريكية في قتل المدنيين السوريين قائلة إنها جريمة ضد المدنيين من قبل نواة حرب سرية ألقت آلاف القنابل والصواريخ على رؤوسهم وأودت بحياة العديد منهم. كما أعلن البنتاغون فى وقت لاحق العفو عن معاقبة أفراد الجيش الأمريكي المشاركين في شن غارة جوية علی كابول أواخر أغسطس الماضى، ما أدت إلى مصرع 10 مدنيين أفغان من بينهم سبعة أطفال.
إن العدوان والجرائم التي ترتكبها الولایات المتحدة ضد مواطني الدول التي تحتلها، متجذرة في طبيعة قواتها التي لا تلتزم بأي أخلاق أو مبادئ، ولكن تعتدي أينما تشاء، وتعترف أحيانا، غیر أنها لا تعتذر أبدا.
وأخيرا، فإن قصة جرائم الحرب الأمريكية هي في الأساس قصة لا نهاية لها، إذ تتكرر في كل مرة في منطقة جغرافية وتزهق أرواح الكثيرين، وكما أظهرت الحكومة الأمريكية خلال رئاسة دونالد ترامب، يتم العفو عن مرتكبي جرائم الحرب ولا تُفرض أي عقوبة ضدهم، في حين أن الأميركيون مستشهدين بأعذار مثل عدم العضوية في المحكمة الجنائية الدولية، و وباستخدام أساليب مختلفة على غرار تهديد ومقاطعة أعضاء المحكمة، یفلتون من محاكمة المؤسسات الدولية ومعاقبتها لهم.
المصدر ؛iuvmpress.news
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال