كيف نواجه الاستهانة بالأمة؟ 118

كيف نواجه الاستهانة بالأمة؟

لا شك أن ما أقدم عليه زعيم حزب “الخط المتشدد” الدنماركي راسموس بالودان، من جريمة إحراق نسخة من القرآن الكريم في مدينة لينشوبينغ جنوبي السويد تحت حماية الشرطة السويدية، لا يخلو من سياق دولي عام يشهد استهانة بالأمة الإسلامية، ويعزز ذلك ما تقدم عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءات غير مسبوقة في المسجد الأقصى لا تقتصر على الاستباحة والتدنيس، بل تصل إلى محاولة فرض واقع جديد لاقتسام المسجد وتهويده.
ولا شك أن ردود الأفعال الضعيفة والمتهافتة من الشعوب الإسلامية، تغري الصهاينة وهؤلاء المتطرفين بالمزيد من الاستخفاف والاستهانة.
فعلى نطاق المساس بقدسية القرآن الكريم، لم نر شعبيا احتجاجات تليق بالجريمة وحجمها، ورسميا لم نسمع سوى إدانات فارغة، ولم ترق ردود الأفعال السياسية إلى مستوى الفعل واستدعاء السفراء إلا في العراق وإيران، بينما اقتصرت بقية الردود على البيانات الفارغة.
على نطاق استباحة الأقصى وتدنيسه، غابت الجماهير العربية عن الصورة، بينما كانت الأنظمة على موعد مع نوع جديد من التفريط، لم يقتصر هذه المرة على البيانات الضعيفة الجوفاء، ولكنه تخطى ذلك إلى تهنئة العدو بأعياده واستمرار التنسيق والتطبيع معه وكأنها مباركة وضوء أخضر لاستمرار الاستباحة والتصفية للقضية.
ولا شك أن هذا الصمت على انتهاك المقدسات يعكس خللًا عقائديًا تمامًا كما يعكس خللًا في الحمية والكرامة ويعكس انهيارًا كبيرًا لا بد من الاعتراف به في الفعل الشعبي العربي والإسلامي رغم وجود استثناءات صغيرة يقع جلها في شعوب محور المقاومة وأنظمتها وحركاتها.
يذهب كثير من التحليلات إلى أن العدو الاسرائيلي يسعى لتدشين حرب دينية، بينما نرى أنه لا يجرؤ على ذلك إلا في حالة واحدة، وهي أن تقديراته ذهبت إلى وجود حالة من الانهيار العقائدي لدى الأمة الإسلامية تجعل من حربه الدينية حربًا سلسة ومضمونة النتائج، وهو ما لا يمكن الرهان عليه والمجازفة به، لسببين:
الأول: لأن الخلل لا يعني الانهيار.
الثاني: خشية العدو من محور المقاومة لأنه قد يدخل طرفًا في حال إعلان حرب دينية صريحة.
وما نرى أنه الأقرب للمنطق والصواب أنه يستهين بالأمة، ويحاول علاج وضع طارئ داخلي يكاد يعصف بالحكومة الصهيونية ويعيدها لحلقة مفرغة من الفراغ السياسي، وبالتالي فإنه يغازل اليمين الصهيوني دون إعلان عن حرب دينية صريحة.
وكي نتصور حجم استخفاف العدو بالأمة، يكفينا أن نرصد أن بينيت وضع أمة كاملة بشعوبها وأنظمتها في كفة مقابلة لائتلاف حكومي هش وأمام عضو ائتلاف انسحبت اعتراضًا على الإضرار بـ”يهودية الدولة” وذلك لاسترضائها، وهو ما يعني أن كفتها أثقل في الميزان الصهيوني من كفة أمة كاملة تنازلت عن خيار المقاومة!
هنا ليس المجال لجلد الذات، ولكن للدعوة لإطلاق نفير الاستفاقة، حتى لا تتحول الأمة لرجل العالم المريض على غرار الإمبراطورية العثمانية وتقسيم إرثها.
لو علم العالم أن هناك أمة متحدة على ثوابتها وتستغل أموال نفطها وخيراتها لصالح شعوبها وكأوراق قوة لصالح قضاياها، لما تجرأ على استباحة مقدساتها وحرق كتابها المقدس والتعامل مع شعوبها المهاجرة كلاجئين ومتطفلين، ولما تجرأ على محاباة كيان لقيط وتوفير الغطاء السياسي لجرائمه على حساب أمة كاملة.
وتبقى الكرة الآن كعادتها في ملعب الأحرار والمقاومين، فلن تستسلم المقاومة لوضع مؤسف كهذا باعتباره أمرًا واقعًا، ولكن ستكون لها كلمتها.
وعلى المقاومة الفلسطينية قيادة المشهد وهي تعلم أن محور المقاومة لن يخذلها ولن يتركها منفردة، وبالتالي عليها حسم خيارها وتدشين معركة الكرامة وعدم الرهان على أنظمة أو حتى ضغط شعبي، لعل الشعوب تستفيق وسط نيران معركة الكرامة والتحرير.

بقلم: إيهاب شوقي

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال