كيف يرى الأمريكيون دورهم في العالم؟ 23

كيف يرى الأمريكيون دورهم في العالم؟

تحتاجُ الولايات المتحدة في ضوء الأحداث العالمية المعقّدة، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، وزيادة التوترات في مضيق تايوان، وتطور أشكال الحرب بما في ذلك الصراع السيبراني، وقضايا مثل تغيّر المناخ، إلى التدقيق بعناية في سياستها الخارجية، والاستجابة للتحديات الخارجية والداخلية. والسؤال الذي يُطرح في هذا الإطار: هل يرغب الرأي العام الأمريكي في استمرار الانخراط في الشؤون الدولية، أم يرغب بدلاً من ذلك تركيزاً أكبر على القضايا والشؤون المحلية؟.

يمكن للمرء أن يلاحظ العديد من الفروق في السياسة الخارجية للولايات المتحدة بين إدارتي ترامب وبايدن، والتي تعكس هذا التوتر في التركيز على الشؤون المحلية مقابل الشؤون الدولية، إذ دعا ترامب إلى تبني سياسة “أمريكا أولاً”، والتي اقترحت إعادة التوجّه للقضايا المحلية والتركيز بشكل أقل على الصعيد العالمي، ما أدى إلى انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقيات باريس للمناخ، وانهيار الاتفاق النووي الإيراني، والانسحاب من الشراكة عبر المحيط الهادئ. بينما قامت إدارة بايدن بتوسيع المشاركة الدبلوماسية الأمريكية في الشؤون الدولية، مع سحب القوات من أفغانستان.

من خلال سياسة “أمريكا أولاً”، اتّبعت إدارة ترامب نهجاً جديداً في مجالات مثل تغيّر المناخ والهجرة. ومع ذلك، فإن بعض سياساتها لا تتماشى مع آراء الأمريكيين حتى داخل أحزابهم، حيث وجد استطلاع أجراه مجلس شيكاغو للشؤون العالمية في عام 2017 أن 24 في المائة من مؤيدي ترامب، و23 في المائة من الجمهوريين المؤيدين لترامب، و53 في المائة من الجمهوريين من غير المؤيدين لترامب يعتقدون أن أمريكا يجب أن تشارك في اتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ. كما وجد الاستطلاع نفسه أن 66 في المائة من الديمقراطيين، و60 في المائة من المستقلين، و65 في المائة من الجمهوريين يعتقدون أن الولايات المتحدة يجب أن تلعب دوراً نشطاً في الشؤون العالمية، لكن 49 في المائة فقط من المستجيبين فكروا في الحفاظ على التحالفات القائمة كأداة فعّالة للحفاظ على أهداف السياسة الخارجية. يعتقد البعض ممن استُطلعت آراؤهم أن الولايات المتحدة تمتلك نفوذاً عالمياً أكبر من الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، وأن الولايات المتحدة قادرة على التأثير في الشؤون الدولية حتى لو اختلفوا حول كيفية استخدام هذه القوة.

كما وجد استطلاع آخر للرأي أجرته “منظمة الأمم المتحدة وحملة عالم أفضل” للأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين سبعة عشر وخمسة وثلاثين عاماً عام 2018 أن الأغلبية بين الديمقراطيين والجمهوريين والمستقلين تؤمن بما أطلقوا عليه “أمريكا أولاً، ولكن ليس وحدها. ومع استمرار ردّ فعل العالم على الحرب الروسية الأوكرانية، تسعى أمريكا إلى حماية “النظام الدولي القائم على القواعد” وفق مفهومها، ومع ذلك، لا تتقاسم كل دولة أخرى ذات الرأي، حيث اختارت الهند والبرازيل والمكسيك وجنوب إفريقيا ودول أخرى التركيز على سياساتها المحلية على الرغم من حثّ الولايات المتحدة على المشاركة في الحرب ضد روسيا.

ولرصد ما يشعرُ به الأمريكيون حيال مشاركة الولايات المتحدة في الشؤون العالمية، تمّ إجراء استطلاع على شبكة الإنترنت في الولايات المتحدة في الفترة من 29 حزيران إلى 11 تموز من خلال شركة “كوالتريكس” الأمريكية لإدارة الخبرات، وذلك مع خلال أخذ عينات حسب العمر والجنس والمنطقة الجغرافية.

تمّ طرح السؤال التالي على 1728 أمريكياً: أيّ مما يلي يعبّر عن وجهة نظرك حول دور الولايات المتحدة في الشؤون العالمية بشكل أفضل؟..

وكان يمكن للمشاركين اختيار إما:

(1) يجب إيلاء اهتمام أقل للمشكلات في الخارج والتركيز على المشكلات في الداخل.

(2) من الأفضل لمستقبل أمريكا أن تكون نشطة في الشؤون العالمية.

وبشكل عام، أيّد 55.44 في المائة من المستجيبين اهتماماً أقل بالمشكلات في الخارج، وإيلاء المزيد من الاهتمام إلى الداخل، بينما أعرب 44.56 في المائة عن رغبتهم في القيام بدور نشط في الشؤون العالمية. رأى الديمقراطيون أن النشاط في الشؤون العالمية أكثر تفضيلاً (56.29 في المائة). وعلى العكس من ذلك، كان الجمهوريون أكثر ميلاً للدفاع عن التركيز على المشكلات في أمريكا (67.34 في المائة). أما المستقلون فقد اختار 59.69 في المائة التركيز على الشؤون المحلية.

على الأرجح، لا يزال الجمهوريون ينجذبون إلى شعار ترامب المتمثل في “أمريكا أولاً”، بينما ينظر الديمقراطيون إلى أحداث مثل الحرب الروسية الأوكرانية، وتغيّر المناخ، كأسباب للمشاركة الأمريكية المستمرة على مستوى العالم. ومن خلال الأدلة المستمدة من التجارب كان الجمهوريون أقل دعماً للالتزامات الدولية، حيث وجدت بيانات الرأي العام السابقة أن الجمهوريين أقلّ دعماً للمساعدات الخارجية، وغير مهتمين بإعادة توطين اللاجئين الأفغان بسبب المخاوف الأمنية.

 

المصدر: البعث

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال