يتميز النسيج الإجتماعي في لبنان بأنه أحد أكثر المجتمعات العرقية والديموغرافية تنوعًا في العالم. اليوم يوجد في لبنان ثمانية عشر طائفة وعشيرة رسمية في لبنان، ويعتبر التنوع الطائفي والعرقي السبب الأساسي لعدم الاستقرار في لبنان. إن بنية النظام السياسي الطائفي في لبنان ونظامه الاقتصادي غير الإنتاجي منذ تأسيس هذا البلد، وخاصة مع تشكيل اتفاق الطائف بعد انتهاء الحرب الأهلية كانت أزمة في حد ذاتها، وبحسب أغلبية اللبنانيين يرى المحللون أن هذا النظام لم يتمكن من إدارة الشؤون السياسية والاقتصادية لهذا البلد. [1]
استمرار الأزمة السياسية في لبنان
دخل وضع لبنان الحالي مرحلة خطيرة بسبب مشاكل سياسية واقتصادية جمّة، واستمرار الفراغ في المؤسسة الرئاسية اللبنانية في ظل ضغط وإصرار الأحزاب والتيارات السياسية على مواقفها ومرشحيها، وضع ملف انتخاب رئيس جديد للبلاد في موضع صعب ودخلت هذه القضية في منعطف جديد، حيث أصبح الخروج من المشكلة يتطلب اتفاقاً أو تغييراً في موازين القوى الداخلية.
أزمة انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان
بموجب القانون في لبنان، يجب أن يحصل المرشحون للرئاسة على التصويت الإيجابي لثلثي أعضاء البرلمان المؤلف من 128 عضوا في الجولة الأولى من التصويت لتولي هذا المنصب. وفي هذا الوضع في العام الماضي عندما انتهت ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون (88 عاماً) التي دامت ست سنوات، لم ينجح أي مرشح في الفوز بثلثي أصوات النواب، ولذلك، ومنذ ذلك الحين، يواجه لبنان هذا التحدي في ظل أزمة الانتخابات الرئاسية. [2]
لماذا لم ينجح انتخاب الرئيس في لبنان حتى الآن؟
يبدو أن آلية انتخاب الرئيس في لبنان بها عيوب وتحديات كبيرة، لذا فإن طريق التوصل إلى اتفاق ليس بهذه البساطة والسلاسة لأن مسألة الحفاظ على مستوى الحضور والمشاركة أصبحت في السنوات الأخيرة من القضايا المثيرة للجدل وخاصة في تشكيل الحكومات المختلفة في لبنان. ولهذا عادة ما يكون من الصعب على الأطراف المتنافسة الاتفاق على وزارات مختلفة، لأن تشكيل الحكومة في لبنان كان دائما من القضايا المتنازع عليها والمثيرة للجدل في المشهد السياسي اللبناني بسبب بنية الانقسامات الطائفية.[3]
دور الجهات الأجنبية في استمرار الأزمة السياسية في لبنان
لبنان بلد تلعب فيه الجهات الأجنبية دوراً بارزاً في تغيير شؤونه ولهذا أهمية كبيرة لدرجة أن أحد العوامل الفعالة في عدم التوصل إلى اتفاق لانتخاب رئيس جديد لهذا البلد هو الدور التخريبي لبعض الدول والأطراف الأجنبية خاصة السعودية وفرنسا والولايات المتحدة، هي الأطراف الفاعلة الأكثر تأثيراً في قضية رئاسة لبنان وسط خلافات الفرقاء اللبنانيين، ولأن كلاً منهم يسعى إلى فرض خياره الخاص لهذا المنصب، فقد تسبب ذلك بتعقيد هذه القضية وأصبح بمثابة عامل مساعد لتصعيد الخلافات بين الأحزاب والمجموعات السياسية اللبنانية من أجل تعيين رئيس لهذا البلد.[4]
خلاصة القول
يواجه لبنان منذ الانهيار المالي عام 2019، أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه ويدخل في الوقت نفسه في جمود سياسي عميق، أهم أسبابه العقوبات القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة وارتباط بعض المسؤولين هذا البلد مع واشنطن، الأمر الذي جعل اللبنانيين يواجهون ظروفاً تضخمية صعبة جداً. ومن ناحية أخرى، من المهم جداً أن يكون هناك رئيس في لبنان يشارك في كل التحديات المستقبلية الناجمة عن حرب غزة. لذلك، ومن أجل تجاوز هذه الظروف لا بد من أن تقوم الأحزاب والمجموعات اللبنانية بإنقاذ هذا البلد من الأوضاع الراهنة من خلال تحقيق الوحدة وانتخاب شخص متفق عليه، فالاقتصاد دخل مرحلة خطيرة، وإذا لم تتفق القوى السياسية في هذا البلد على تشكيل الحكومة، فمن المتوقع أن تدخل الساحة الداخلية في لبنان مرة أخرى في مواجهات فعلية بين مختلف المجموعات والأطراف المعنية.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال