629
خلال الأيام القليلة الماضية وبعد صدور التقرير الرسمي لوكالة الطاقة الذرية بشأن الملف النووي الإيراني، عادت قضية تحقيق مفتشي الوكالة في المنشآت الإيرانية التي تعرضت للقصف إلى الواجهة في الأوساط الإخبارية الدولية.(1) قدّم رافائيل غروسي رئيس وكالة الطاقة الذرية الذي كان مرارًا وتكرارًا هدفًا لمؤامرات خبيثة من الدول الغربية بتقارير مضللة تقريره المزعوم حول عدم تعاون إيران مع الوكالة. بعد عرض التقرير في اجتماع مجلس المحافظين اعتمدت الدول الأوروبية بقيادة الولايات المتحدة قرارًا سلبيًا ضد إيران في هذا الاجتماع؛ ستتناول هذه المقالة اللعبة الذكية التي تلعبها إيران مع وكالة الطاقة الذرية.
عودة محدودة للمفتشين واعتراف بحذف الملف النووي الإيراني من جدول أعمال مجلس المحافظين:
أعلن غروسي عودة مفتشي الوكالة إلى إيران وبناءً على القرار 2231 لم يعد الملف النووي الإيراني مدرجًا على جدول أعمال مجلس المحافظين.(2) وبتصميمها استراتيجية ذكية ودعوتها مفتشي الوكالة لزيارة مواقع نووية سليمة واعتقادها بأن تفتيش المواقع النووية المتضررة أمرٌ غير حكيم وضعت إيران الوكالة على مفترق طرق بين انعدام التعاون أو محدودية عمليات التفتيش. علاوةً على ذلك ونظرًا لانقضاء الموعد النهائي لقرار مجلس الأمن 2231، فقد تم حذف الملف النووي الإيراني من جدول أعمال مجلس المحافظين، مما قد يُعقّد الجوانب القانونية لضغوط الحكومات الغربية بشأن الملف النووي الإيراني.
انتهاء صلاحية الوصول بموجب الضمانات الإضافية بعد تعليق معاهدة حظر الانتشار النووي:
قدمت إيران وجهة نظرها بأنه إذا انتقل ضغط الدول الغربية من المراحل الشكلية إلى أقصى حد من الضغط، فإن الانسحاب من المعاهدة سيؤدي إلى انتشار الأسلحة النووية وقد يكون هذا التهديد مبررًا إذا واصلت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الضغط على إيران كضامن للحفاظ على الوضع الراهن (3) تدرك الدول الغربية جيدًا أنه إذا انسحبت إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، فستكون الخاسر الأكبر، وسيُفقد مستوى الوصول الحالي لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أيضًا، وستُغضّ أنظار الأجهزة الأمنية عن القضية النووية الإيرانية إلى الأبد. يُعدّ قلق الدول الغربية بشأن عدم تفتيش المواقع التي تعرضت للقصف في إيران أحد أهمّ المخاوف لدى الدول الأوروبية والولايات المتحدة، اللتين تعتقدان أنه يجب عليهما الحصول على معلومات دقيقة حول المواد الإيرانية المخصبة لمنع إيران من التخطيط لأيّ عمل، إذ تُشكّل المواد الإيرانية المخصبة التي تبلغ مئات الكيلوغرامات كابوسًا للدول الأوروبية والولايات المتحدة.
إصرار عقيم لغروسي على الوصول إلى المنشآت المتضررة:
أصر رئيس منظمة الطاقة الذرية مرارًا وتكرارًا على مراقبة وفحص المواقع الإيرانية المدمرة، وقد أثارت هذه القضية تساؤلات عديدة لدى خبراء الأمن الدوليين حول سبب هذا السعي غير المبدئي من قبل رئيس منظمة الطاقة الذرية، في حين لم يُصمم أي بروتوكول على مستوى الوكالة للمراقبة في هذا الشأن. كما قاومت إيران مرارًا وتكرارًا هذه المطالب غير المشروعة بمنطقها المبدئي. وأعلنت إيران أنه بعد تفعيل آلية الزناد من قبل الدول الغربية، لن يكون مستوى الوصول إلى منظمة الطاقة الذرية كما كان من قبل. وبتفعيل آلية الزناد قضت الدول الأوروبية أولًا على مصداقية هذا التهديد مع إيران، وأبطلت فعالية سلاحها السري ضدها وزادت من تعقيد الملف النووي الإيراني. على الدول الغربية أن تعلم أن حل هذه القضية يكمن في فيينا وليس في طهران.
تناقض في طلب امتثال إيران لمعاهدة حظر الانتشار النووي:
يطالب غروسي إيران بالتعاون وفقًا لمعاهدة حظر الانتشار النووي، لكنه يلتزم الصمت حيال مسؤولية الدول التي هاجمت المنشآت النووية الإيرانية. يقوم بهذا العمل الباطل رئيس منظمة الطاقة الذرية في حين أن الواجب القانوني للمنظمة هو حماية المنشآت النووية للدول الأعضاء فيها، لكن المنظمة لم تتخذ أدنى إجراء ضد هجوم الدول الغربية والنظام على المراكز النووية القانونية لإيران، وقد طُرح هذا السؤال على العديد من الدول الأعضاء في هذه المنظمة؛ ما هي فوائد العضوية في منظمة لا تتخذ أي إجراء إيجابي للدول الأعضاء؟
بشكل عام صُممت استراتيجية إيران تجاه منظمة الطاقة الذرية بذكاء، فمن خلال منح الإذن لمفتشي منظمة الطاقة الذرية بزيارة المواقع النووية الإيرانية المنتظمة، اختارت إيران خطة للحد من عمليات التفتيش الخاصة بالمنظمة. وأكدت إيران موقفها بأنها لم تغلق أبواب الحوار مع هذه المنظمة الدولية لكنها في الوقت نفسه مستعدة لسماع أي حل معقول لقضيتها النووية، وهذا التخطيط الذكي من إيران منع تجاوزات غروسي ومسؤولين آخرين في منظمة الطاقة الذرية من العبث في الملف النووي الإيراني ضد إيران.
أمير علي يگانة
1- https://www.reuters.com/world/middle-east/iaea-board-passes-resolution-demanding-answers-access-iran-2025-11-20/
2- /https://wanaen.com/grossi-iaea-inspectors-have-returned-to-iran
3- https://www.aljazeera.com/news/2025/6/17/what-is-the-npt-and-why-has-iran-threatened-to-pull-out-of-the-treaty
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال