لعبة كبيرة جديدة في سورية 1083

لعبة كبيرة جديدة في سورية

في الأيام الأخيرة وبعد إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف النار في لبنان والذي وُصف بأنه اتفاق هش(1) تحول تركيز الأخبار بسرعة إلى سورية حيث عادت الأحداث إليها من جديد بعد أن مضى على بداية حربها الداخلية أكثر من 10 سنوات وأصبحت عنوانًا رئيسيًا في وسائل الإعلام. خلال السنوات الماضية عزز النظام السوري مواقعه في المناطق الخاضعة لسيطرته حيث أبقى أجزاء من حلب والمدن القريبة من الحدود التركية في حالة "لا حرب ولا سلام"، ولم يسعَ إلى حل جذري لهذه المشكلة. والآن وفي خضم الأحداث المهمة في المنطقة عادت جراح الحرب الأهلية السورية لتظهر من جديد. في ما يلي سوف نتناول أسباب انتقال الحرب والصراع من لبنان إلى سورية.

الولايات المتحدة والنظام الصهيوني
بالنسبة للولايات المتحدة التي تمر بمرحلة انتقالية في الرئاسة فإن الوضع الحالي في منطقة غرب آسيا يعتبر غير مقبول بأي شكل من الأشكال. إذ يُهيمن شعور بعدم تحقيق الانتصار على الحكومة الأمريكية في جميع الملفات المهمة في هذه المنطقة(2). حتى أن عددًا من الخبراء السياسيين يرون أن هزائم الحكومة الأمريكية في المنطقة أدت إلى خسارة الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة أمام الجمهوريين. وبالتالي سيكون هناك اختلاف في توجهات فريق ترامب وفريق بايدن تجاه القضايا المهمة في غرب آسيا. يمكن أن يُوفر انتقال الصراع والحرب إلى سورية فرصة للنظام الصهيوني لإعادة بناء نفسه، بينما تنشغل جبهة المقاومة بسورية ولا تتخذ موقفًا هجوميًا تجاه النظام مما يدخلها في حالة دفاعية. من خلال هذا الإجراء يمكن للولايات المتحدة الضغط مرة أخرى على النظام السوري على أمل إضعاف ولاء صانعي القرار السوريين لمحور المقاومة.

أوروبا (الناتو)
تقوم الدول الأوروبية التي جميعها مشغولة حاليًا في حرب أوكرانيا مع روسيا بالتفكير في الانتقام من روسيا من خلال التهيئة لخط نار جديد في سورية ضد القوات الروسية. وقد بُلغ عن قيام القوات الأوكرانية بتنفيذ عمليات ضد الجنود السوريين والروس بواسطة الطائرات المسيرة الانتحارية. تدرك الحكومات الأوروبية أن الجغرافيا السورية لها قيمة استراتيجية كبيرة بالنسبة لروسيا وإذا ضغطت عسكرياً على سورية(3)، فيمكنهم عرقلة تركيز روسيا في حرب أوكرانيا. إن هذا المخطط من قبل الدول الأوروبية والناتو يزيد من مستوى التوتر في المنطقة كما يشكل نوعًا من التحذير للحكومة الإيرانية حيث إن طهران تُعد واحدة من الداعمين الرئيسيين لسورية.

مطامع تركيا
اليوم دخلت حكومة أردوغان الإخوانية النزاع في سورية بينما كانت في السنوات الماضية تُعزز الجيش المحلي والجماعات الإرهابية في المناطق الحدودية مع سورية مُعتبرةً بذلك أنها تمتلك أجزاء من الأراضي السورية وتفكر في ضم بعض المحافظات السورية إلى حدودها. في التحقيقات المتعلقة بالهجوم السريع لجماعة تحرير الشام على المراكز الحكومية في حلب، اعتقد البعض أن جميع المعدات المستخدمة من قبل هذه الجماعة تم توفيرها من قبل تركيا. وأظهرت إجراءات حكومة أردوغان مجددًا طبيعتها المرتزقة ففي الوقت الذي كان فيه الشعب المسلم في سورية ولبنان وغزة يتعرض للقصف من قبل جيش الاحتلال كانت الحكومة الإسلامية المزعومة لأردوغان تفكر في تجهيز مرتزقتها للهجوم على الأراضي السورية. قد تؤدي تدخلات تركيا في سورية إلى تهديد مستقبل حكومة أردوغان، إذ إن العديد من اللاجئين السوريين الذين يتواجدون في تركيا لا يشعرون بالارتياح تجاه تحريض أردوغان في سورية وإذا توفرت الظروف المناسبة قد يقومون بتنفيذ أعمال عسكرية ضد حكومته في تركيا.

بالمجمل يمكن القول إن الوضع الحالي في سورية قد يتحول إلى ساحة جديدة للصراع بين جبهة الغرب والشرق. المسألة الأساسية لمنطقة غرب آسيا التي تُعتبر كخزّان بارود هي السيطرة على مستوى التوتر. إن الحكومات الغربية قد وضعت منطقة غرب آسيا على حافة الهاوية تحت ادعاءات السلام وهذه مسألة لا يمكن إنكارها. وحتى تولي الحكومة الجديدة لفترة ترامب رسميًا في الأشهر المقبلة فإن الوضع في منطقة غرب آسيا سيكون معقدًا للغاية وأي إجراء خارج عن السيطرة من قبل الدول الشرقية أو الغربية يمكن أن يحمل عواقب وخيمة على مستقبل المنطقة.


1.https://www.reuters.com/world/middle-east/israeli-tank-fires-3-south-lebanese-towns-lebanese-security-sources-media-say-2024-11-28/
2.https://www.defensepriorities.org/reports/the-case-for-withdrawing-from-the-middle-east
3.https://arabwall.com/en/the-strategic-value-of-russian-bases-in-syria
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال