لقاء الرئيس بشار الأسد بالأمير محمد بن سلمان في البحرين

لقاء الرئيس بشار الأسد بالأمير محمد بن سلمان في البحرين

اختتمت أعمال مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الثالثة والثلاثين، والتي ركّزت على الحرب في غزة والصراع في السودان والأوضاع في سورية وليبيا والصومال ولبنان، بالإضافة إلى التحديات الإقليمية. و كانت قد انطلقت يوم الخميس 16/ آيار أعمال القمة العربية الـ33 في العاصمة البحرينية المنامة، بحضور عدد من القادة العرب والضيوف الأجانب.

ناقشت القمة صياغة موقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني مع استمرار الحرب على قطاع غزة لأكثر من 7 أشهر، والأزمة الإنسانية في السودان، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالعمل العربي المشترك، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية. [1]

وانعقدت عدة لقاءات على هامش القمة العربية في العاصمة البحرينية المنامة بين الرؤساء العرب ومن ضمنها لقاء جمع بين الرئيس السوري بشار الأسد والأمير محمد بن سلمان واستعراض الرئيسان العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها بما يخدم البلدين والشعبين الشقيقين ويساهم في استقرار المنطقة ودفع التعاون بين الدول العربية إلى الأمام، بالإضافة إلى بحث عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك. حضر اللقاء الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة والأمير تركي بن محمد بن فهد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء والأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، والأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني الدكتور مساعد بن محمد العيبان. [2]

الملاحظ في هذه القمة وكما أعلنت مصادر إعلامية رسمية من دمشق أن كلمة الرئيس الأسد تم إدراجها ضمن الكلمات الخمسة الأولى لخطاب الرؤساء العرب أي بعد الكلمات الترحيبية والراعية للقمة، ولكن يبدو أن الرئيس الأسد قرر عدم إلقاء كلمة خطابية في القمة العربية، واكتفى بمشاركته في الاجتماعات الثنائية وعقد لقاءات مع الرؤساء العرب لبحث القضايا التي تشغل العرب حالياً وأهمها حرب غزة والتطورات التي تشهدها المنطقة وكيفية تفعيل الجهود العربية في التأثير على الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة من أجل إيصال المساعدات المستعجلة لأهلنا في غزة وفك الحصار عن الفلسطينيين.

كما بحث السيد الرئيس تعزيز العلاقات بين سورية والدول العربية وخاصة بعد الانفتاح العربي على سورية وعودتها إلى الجامعة العربية وكيفية التخفيف من أعباء الحصار المفروض على سورية، والجدير بالذكر أن البيان الختامي للقمة العربية تطرق للأزمة السورية وضرورة حلها وأكد على ضرورة وحدة الأراضي السورية وإنهاء الأزمة بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254. [3]

تعزيز العلاقات السورية السعودية
فيما يخص نية السعودية، التي وضعت نصب أعينها تحقيق "رؤية 2030" بعيداً عما قد يوصف بأي تشنّجات وتوتّرات في المنطقة، كان لا بدّ من تحسين العلاقة مع الرئيس السوري بشار الأسد، ولتحقيق أهدافها التنموية، رأت القيادة السعودية أنه لا بد من الخروج من موقع المواجهة واعتماد سياسة "تصفير المشاكل"، ولا سيما أن الإعلان عن عودة العلاقات السعودية السورية، جاء بعد إعلان مماثل حول تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية بوساطة صينية.

وقد قال مراقبون حينها إن هذه الخطوة السعودية تجاه كل من إيران وسورية، جاءت نتيجة تراجع الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، كما أنها خطوة تزامنت مع أجواء مصالحات عدة، كالمصالحة الخليجية مع قطر والمصالحة الخليجية مع تركيا.

إن العلاقات السورية السعودية حالياً تشهد تطوراً ملحوظاً بمراحل مختلفة وذلك منذ أن عادت العلاقة بين الدولتين وتم إعادة فتح السفارات لكلا البلدين وتبادل البعثات الدبلوماسية. وهذا ما تم بحثه بين الرئيسين في لقائهما الأخير على هامش القمة وكيفية تعزيز العلاقات بين البلدين في كافه المجالات، ومن الملاحظ مؤخراً أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين قد تفعلت بتبادل الوفود الاقتصادية والتجارية؛ فعلى صعيد الطيران المدني مثلاً وافقت السعودية الأسبوع الماضي على فتح الطريق الجوي والمطارات أمام الطيران السوري وتفعيل الرحلات الجوية من دمشق إلى الرياض وهذا سيشجع رجال الأعمال في كلا البلدين للتفكير في الخطط الإستثمارية والتجارية. [4]

مستقبل العلاقة بين البلدين
بالتاكيد مازالت السعودية ترى أن لسورية دور مهم جداً في القضايا العالقة وخاصة القضايا السياسية في المنطقه ولها دور فعال في التطورات الأخيرة لحرب غزة التي تدار بالتنسيق بين فصائل المقاومة في فلسطين و دول محور المقاومة ومنها سورية وايران وحزب الله في لبنان.

ويمكن استنتاج أن الأولوية الحالية لدى الرياض بعد عودة العلاقات مع دمشق تتمثل في أن يكون لديها تعاون حقيقي ضد الإرهاب و لحماية الأمن القومي الاستراتيجي السعودي وتخفيف التوترات السياسية والقضاء على المجموعات المسلحة المتطرفة وأن ينعم البلدان بعلاقات استراتيجية بينية على مستوى الاقتصاد والتجارة، والتخطيط لمرحلة قادمة يتطلب أن تكون دمشق والرياض فيها يداً بيد، وبالطبع من يقرأ تاريخ هذه العلاقة قبل الأزمة السورية يعلم جيداً أهمية كل بلد للأخر في جميع المجالات، ومن يظن أن تطور العلاقة بين سورية والسعودية قد يتأثر بسبب العلاقات القوية بين دمشق وطهران يكون مخطأ، لإن مايهم السعودية في هذه المرحلة هي توسيع علاقاتها وتصفير مشاكلها وخاصة بعد الإتفاق السعودي الإيراني الذي خفف كثيراً من حدة المواجهات في المنطقة.

إن سورية بلد مهم للممكلة العربية السعودية على المستوى الشعبي والسياسي والتاريخي وحتى للمستقبل، وبالتالي فإن الأولوية للمملكة العربية السعودية في علاقاتها مع سورية هي إعادة الاستقرار وتعزيز سبل تطوير هذه العلاقة وخاصة في مجال التنمية الإقتصادية وخلق جو مناسب لفسح المجال أمام الرئيسان الشابان لإعادة البلدين كما كانا في السابق.

وبالطبع نتجت عن هذا اللقاء الأخير أصداء إيجابية في جو ساده الارتياح كما في معظم اللقاءات الثنائية مع باقي الرؤساء العرب، وما تأمله دمشق من الأشقاء العرب أن تكون توصيات هذه القمة وقراراتها قابلة للتطبيق الفعلي وأن يأخذ الدور العربي إلى جانب الدعم الإقليمي في المنطقة مسار الجدية في حل القضايا العربية وخاصة القضية المشتركة بين العرب والمسلمين وهي القضية الفلسطينية.

د.حسام السلامة


[1] arabic.rt.com/middle_east/1565413-الأسد-يبحث-مع-بن-سلمان-سبل-تعزيز-العلاقات-بين-سوريا-والسعودية
[2] https://www.spa.gov.sa/N2104216
[3] https://www.bbc.com/arabic/live/c72p251k0x5t
[4] www.almodon.com/arabworld/2024/5/15/دمشق-تستأنف-الرحلات-الجوية-مع-البحرين-والسعودية
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال