تداولت وسائل إعلام عديدة أنباء عن حالة رفض شعبي لزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد إلى المنامة حيث قام متظاهرون بإحراق إطارات في وقت مبكر أول أمس الخميس، وتظاهر المئات رفضا للزيارة، كما تم تداول وسم «البحرين ترفض الصهاينة» على وسائل التواصل الاجتماعي مما دفع السلطات البحرينية إلى رفع درجة التشديد الأمني في العاصمة.
إضافة إلى كونها أول زيارة رسمية لوزير إسرائيلي إلى البحرين، فهي أيضا زيارة لافتتاح سفارة لتل أبيب في المنامة، وهي خطوة تسجل ذروة التطبيع الذي بدأ مع اتفاق رعاه جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تحت مسمى «اتفاق أبراهام» والذي تناظر، حينها، مع ضغوط أمريكية وإسرائيلية هائلة على الفلسطينيين وقرارات لتصفية أهم قضايا المسألة الفلسطينية، وعلى رأسها قضايا القدس واللاجئين وحل الدولتين، ودعم غير محدود لسياسات بنيامين نتنياهو، واليمين الإسرائيلي الاستيطاني.
أكد ناشطون بحرينيون في تصريحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي على اعتبار اتفاقات التطبيع العربية الأخيرة مساهمة في جرائم الاحتلال الإسرائيلي فأشار باقر درويش، رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان، إن طائرة لابيد هي «طائرة ملطخة بجرائم قتل الفلسطينيين» وقال حقوقي بحريني إن «لا مكان للحياد في القضية الفلسطينية. إما أن ترفض التطبيع وإما أن تكون شيطانا».
تطرح أشكال التفاعل الشعبي البحريني مع الزيارة رفضا واعيا لاتفاقات أبراهام، وإصرارا على كون التطبيع الجاري، وعلى كافة الصعد، مع إسرائيل، ليس مجرد تعاون اقتصادي أو سياحي أو أمني أو رياضي، بل هو، في صلبه، مشاركة فاعلة في تصفية القضية الفلسطينية، وفي حصار الفلسطينيين وقمعهم، وتأييد لجرائم الاحتلال ضدهم.
غير أن الحماس الشعبي البحريني المتفاعل مع آلام الفلسطينيين، ورفض التطبيع مع جلاديهم وسجانيهم، يطرح، حين نقارنه بأشكال تعاطي شخصيات معروفة من دول خليجية أخرى مع قضايا التطبيع و«اتفاقات أبراهام» مسألة إشكالية، فقد لاحظ كثيرون نوعا من الإسفاف والابتذال في إعلان الفرحة بالتطبيع والشماتة بالفلسطينيين، فقد بدأ بعض المتحمسين للتطبيع بزيارات بائسة للقدس والأقصى والمناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، تحت حراسة الإسرائيليين، وقام بعض «الفنانين» بتأليف أغان لتمجيد إسرائيل، وقامت عارضة أزياء في بلد خليجي برفع العلم الإسرائيلي، وحاول متمول كبير شراء ناد إسرائيلي معروف بعنصرية جماهيره الفاقعة ضد العرب والمسلمين، وكتب كتاب عرب في صحف إسرائيلية، وتولى بعضهم مسؤوليات تحريرية في بعضها، إلى آخر ما في هذا السياق المثير للعجب.
تعيد أشكال التظاهر والاحتجاج والتصريحات البحرينية المدافعة عن الفلسطينيين والرافضة للتطبيع مع دولة والغة في دمائهم أمور البداهة السياسية التي ترى الرابط بين أشكال القمع المحلية والنزوع لتوطيد العلاقات مع إسرائيل، كما ترى، وبوضوح شديد، أن تشديد العلاقات مع إسرائيل هو، بالضرورة، تشديد للخناق على الفلسطينيين.
من غير المعقول ولا الطبيعي ولا الأخلاقي أن يتم اعتبار ما يجري مع إسرائيل «سلاما» في الوقت الذي تنصب فيه حمم إسرائيل على رؤوس الأبرياء، وأن تفتتح سفارة لتل أبيب، في الوقت الذي تتابع «الدولة اليهودية» (كما ترى نفسها) المقتلة المستمرة منذ نكبة فلسطين عام 1948.
البحرينيون قاموا عمليا بإعادة تذكيرنا بالبداهات الأساسية، كما أنهم كشفوا، الروابط التي تربط الشعب البحريني، ونضاله لمجتمع مدني ديمقراطي، بالشعب الفلسطيني، ونضاله لانتزاع حقوقه المشروعة وتأسيس دولته الوطنية المستقلة.
المصدر: القدس العربي
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال