أثار اعتراف التحالف العسكري بقيادة السعودية، بإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون اليمنية الواقعة في مدخل مضيق باب المندب، دون علم حكومة عبدربه منصور هادي، تساؤلات عدة بشأن ما يقوم به التحالف وإشارة البعض إلى انحرافه عن هدفه بالتدخل في اليمن.
والأسبوع الفائت، نشرت وكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية، تقريرا، كشفت فيه شروع دولة الإمارات في بناء قاعدة عسكرية سرية في جزيرة ميون قلب مضيق باب المندب، حيث ممر الملاحة الدولية، دون علم الدولة باليمن، وهو ما أحدث ردود فعل غاضبة في الأوساط المختلفة بالبلاد.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين في الحكومة اليمنية، قولهم إن “الإماراتيين يقفون وراء هذا الأمر، وذلك رغم إعلانهم رسميا في 2019 عن الانسحاب من اليمن”.
لكن مصدرا مسؤولا في التحالف قال، إنه “لا صحة للأنباء التي تتحدث عن وجود قوات إماراتية في جزيرتي سقطرى وميون في اليمن”، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وحول الاستحداثات في جزيرة ميون الواقعة مدخل مضيق باب المندب، قال المصدر: “ما يوجد من تجهيزات في جزيرة ميون هو تحت سيطرة قوات التحالف، وفيما يخدم تمكين قوات الشرعية والتحالف من التصدي لمليشيات الحوثي، وتأمين الملاحة البحرية، وإسناد قوات الساحل الغربي”.
من جانبه، نفى وزير الخارجية اليمني، أحمد بن مبارك، توقيع الحكومة اليمنية أي اتفاقيات مع أي دولة أجنبية لبناء قواعد عسكرية على أراضيها.
فيما طالب رئيس البرلمان سلطان البركاني، رئيس الحكومة معين عبدالملك، بتوضيح كتابي إجابة على سؤال وجهه برلمانيان، هما علي المعمري ومحمد ورق، بشأن المعلومات التي تشير إلى تشييد أبوظبي قاعدة عسكرية في جزيرة ميون دون علم الدولة.
“الشرعية سلمت أمر اليمن”
وتعليقا على هذا الموضوع، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عبدالناصر المودع إن “هذا الموضوع ليس جديدا”.
وأضاف في حديث خاص لـ”عربي21″: “فمنذ بداية الحرب سلمت ما تسمى بالشرعية أمر اليمن للسعودية والإمارات، مقابل ضمان مصالح شخوص هذه الشرعية وبالتحديد هادي الذي لا يمتلك قضية أو مشروع سوى البقاء في المنصب دون جهد أو مسؤولية أو محاسبة”.
وتابع المودع: “وعلى هذا الأساس منح ’التحالف‘ هادي موقعا لا يستحقه مقابل أن يتخلى عن سيادة اليمن”.
وانتقد السياسي اليمني، موقف القوى والأحزاب السياسية اليمنية وقال: “إن القوى السياسية التي تعمل ضمن الشرعية الزائفة لهادي عملت نفس ما عمل هو ذاته”، مؤكدا أن نتيجة ذلك، هي أن الدولة اليمنية لم تجد طرفا، غير الحوثيين، قام بالدفاع عن سيادة اليمن.
وبحسب الكاتب والسياسي المودع فإن “ما حدث في موضوع جزيرة ميون في الأيام الأخيرة ترجمة لهذا الواقع”.
“لم يأت لإنقاذ اليمن”
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع أنه “من الخطأ الاعتقاد بأن التحالف جاء لإنقاذ اليمن واستعادة الدولة المختطفة من قبل الحوثيين”.
وتابع حديثه لـ”عربي21″: “التحالف (السعودية والإمارات) جاء للقضاء على مشروع الديمقراطية والتعددية السياسية الذي انتهجته اليمن والقضاء على ميناء عدن (جنوبا)، حتى لا يصحو يوما فيعطل ميناء دبي”.
وأوضح الشجاع أن تحركات التحالف تلك، تأتي في سياق رغبة أمريكية إسرائيلية في إعادة خارطة الشرق الأوسط وتقسيمه إلى “فسطاطين، الأول، فسطاط شيعي تحكمه إيران”، والآخر “فسطاط سني يهرب من إيران إلى حضن إسرائيل”، حسبما ذكره الأكاديمي اليمني.
وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي إلى أن إنشاء القواعد والسيطرة على الجزر كما تفعل الإمارات أو مد أنابيب للنفط كما تفعل السعودية في المهرة (شرقا) هو جزء من الهدف الرئيسي الذي جاء لأجله التحالف.
أما الشرعية، وفقا للشجاع، “فقد اختصرت إلى مجموعة من الأسماء بعضهم يخضعون للإقامة الجبرية والبعض الآخر يعمل كقواد للاحتلال”.
وأكد الأكاديمي والسياسي اليمني أن التحالف جاء لتعزيز بقاء الحوثيين وضرب مقومات الدولة، معززا قوله بـ”حجم الدمار الذي خلفه التحالف في البنية التحتية وضرب مقومات الجيش والإبقاء على قدرات الحوثي وتسهيل وصول الأسلحة إليه وعدم استهداف قياداته”.
ومضى قائلا: “يعتقد التحالف بأن هذه الفوضى التي صنعها ستعمل على بقائه فترة طويلة”، لكنه، لا يدرك أن حراكا شعبيا سينمو وسيتحول إلى ثورة ضد الوجود الإيراني وضد التحالف السعودي الذي أعاق مواجهة المشروع الوطني.
ويوم الخميس الماضي، هاجم البرلماني اليمني، علي عشال، بيان التحالف الذي تقوده السعودية في بلاده حول جزيرة ميون، الواقعة في مضيق باب المندب، والتي تربط البحر الأحمر ببحر العرب وخليج عدن، والاستحداثات الإماراتية على أراضيها.
وقال عشال في تدوينة عبر صفحته على”فيسبوك” إن بيان التحالف حول النشاط الإماراتي على جزيرة ميون “أثبت أن الانحراف (في عمل التحالف) لم يكن عملا شاذا.. وإنما عملا ممنهجا مرضيا عنه”.
ومطلع نيسان/ أبريل الماضي، نشرت صحيفة “عربي21” تقريرا يكشف عن استقدام الإمارات لعمالة أجنبية إلى جزيرة ميون الاستراتيجية، على مدخل مضيق باب المندب، لاستكمال الأعمال الإنشائية لبناء مدرج طائرات ضمن قاعدة عسكرية تابعة لها فيها، وفق ما تحدثت به مصادر يمنية للصحيفة.
وحصلت “عربي21” أيضا على صورة وتسجيل مصور للأعمال الإنشائية التي شرعت فيها الإمارات منذ وقت سابق من العام الجاري، في جزيرة ميون اليمنية الواقعة وسط مضيق باب المندب.
المصدر ؛iuvmpress.news
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال