لقد كان لِخبر السماحِ لألمانيا بإرسال دبابات ليوبارد
المتطورة إلى ساحات المعارك في أوكرانيا انعكاسات وتداعيات عديدة. وعلى الرغم من أن
دبابات ليوبارد متطورة ولديها دروع قوية، يجب ألا ننسى أن صواريخ الكورنيت الروسية
(التي قامت إيران بتصنيعها أيضًا) أثبتت فعاليتها في معارك 33 يومًا وحرب اليمن وخرقت
دروع دبابات الميركافا 4 ودبابات أبرامز المتطورة للغاية.

للأسباب المذكورة أعلاه، ومن وجهة نظر المؤلف، فإن إرسال دبابات
ليوبارد 2 المتطورة إلى القتال في أوكرانيا سيكون له تأثير على المستوى التكتيكي والعملياتي
وبالطبع النفسي لكن لا تستطيع مع كل تطورها أن تعطي الأوكرانيين مكانة متفوقة من الناحية
الاستراتيجية.

فيما يتعلق بنتائج هذا القرار تجدر الإشارة إلى عدة نقاط ؛

1- مع بداية الحرب في أوكرانيا دمرت أمريكا
العلاقات كليّا بين أوروبا و روسيا وجعلت اعتماد القارة الخضراء  على الولايات المتحدة من حيث الطاقة.

والآن ومع الدعم المقدم بالأسلحة والمساعدات المادية يمكن لأوروبا
أن تزيد من إضعاف خصمها التاريخي وهو الروس.

2 - الإجراءات الأخيرة للأوروبيين ستجعل الروس
أكثر اعتمادًا على الصين وإيران. في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أصبح الروس
قريبين جدًا من الغرب وأوروبا وحققوا العديد من الإنجازات، ولكن مع استراتيجية الأمريكيين
تم قطع هذا الارتباط تمامًا الآن ويفكر حكام الكرملين في مقاربات القرن العشرين والعالم
ثنائي القطب.

قطب واحد هو أمريكا وأوروبا والقطب الآخر هو دول آسيوية مثل
الصين والهند وإيران وروسيا وحتى أمريكا اللاتينية ...

3- ستستفيد إيران من الإجراءات الجديدة للأوروبيين
لأن هذا البلد كان في حالة عزلة في السنوات الماضية وكان الروس يفضلون التعامل مع الدول
الغربية نسبيًا لما وجدوه من فوائد في التعاون مع أوروبا.

لكن الوضع الآن معكوس وتتمتع إيران بامتيازات خاصة بالنسبة للسياسة
الخارجية لروسيا لأن أولوية هذه القوة الشرقية هي الانتصار في حرب أوكرانيا ولا يمكن
لأي قوة عسكرية أخرى أن تحل محل إيران بالنسبة للروس لأن هذا البلد يمتلك جيشًا متطوراً
ذو قدرة عالية و ذو تجربة ناجحة في ضرب مخططات الغرب وقد ثبت ذلك بالطبع في سوريا والعراق
واليمن ولبنان.

في النتيجة، تعاونت موسكو مع طهران بدافع الضرورة والحاجة (وليس
بالضرورة بالود ) وأُجبرت على مراعاة اعتبارات الجانب الآخر، إن شراء الأسلحة العسكرية
وبيع الطائرات المتطورة مثل سوخوي  35 ليست سوى جزء من هذه
المصلحة .

لقد أدرك الروس أنهم لا يستطيعون التفكير في أفق واضح للتعاون
مع الغرب على المدى الطويل ولهذا السبب سيعودون إلى سياساتهم في القرن العشرين.

وسيتعين على بوتين أن يأخذ في الاعتبار رأي طهران في الخلافات
الدولية ومجلس الأمن المتعلق بإيران إلى حد كبير لأنه يحتاج هذا البلد لمواصلة الحرب
طويلة الأمد في أوكرانيا وربما سيغير تعاون إيران قواعد المعركة ؛ وهذا شيء تذوقه الروس
في الأشهر الأخيرة.

في النهاية  تجدر الإشارة
إلى أن الحرب في أوكرانيا ستؤدي إلى انهيار النظام أحادي القطب وإنشاء نظام ثنائي القطب
إذا فشلت الاستراتيجيات الأمريكية.

أفضل السيناروهات لإيران هو فشل أوكرانيا وهزيمتها واستمرار
الحرب والمأزق الاستراتيجي ليبقى الروس في هذا الوضع الصعب هم المسيطرون ويمدوا يدهم
للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

من ناحية أخرى سيؤدي هذا السيناريو إلى استمرار الولايات المتحدة
وأوروبا في النظر إلى الأزمة الأوكرانية باعتبارها الأولوية الرئيسية للسياسة الخارجية
وسيبعد إيران عن أعين السياسيين في الوقت الحالي.