نتيجة لتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينيّة بشكل كبير ومختلف للغاية في الفترة الأخيرة، بسبب جرائم قوات الاحتلال الإسرائيليّ وارتكابهم أبشع الجنايات الإرهابيّة في قتل وإعدام الفلسطينيين وبالأخص في الضفة الغربيّة المحتلة التي شهدت قبل أشهر تفعيل وسائل المقاومة والمواجهة، أشارت مواقع إخباريّة إلى أنّ نسبة الإسرائيليين المتفائلين بمستقبل الأمن القومي للكيان الصهيونيّ شهدت تراجعا ملحوظا، مع نسبة مرتفعة من عدم الثقة بصحة النتائج التي ستصدر بعد انتخابات الكنيست (البرلمان)، وذلك حسب استطلاع شهريّ بعنوان “مؤشر الصوت الإسرائيلي” الذي يجريه ما يُسمى “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية”، وجاءت تلك النتائج بعد تكرار أسلوب العدو الإجراميّ، مواصلة قواته جرائم الإعدام بدم بارد بحق الفلسطينيين بعد تعنت طويل بعقليته الإجراميّة والإرهابيّة، حيث تعيش أجهزة الأمن التابعة له باعتراف وسائل إعلامه ارتباكاً كبيراً بعثر كل أوراق المسؤولين الأمنيين، نظرًا لكثافة العمليات ونجاحها في إنجاز ضرباتها الموجعة، بعد أن أقرّت تل أبيب مؤخراً بـ”الخطر المحتمل” في الضفّة الغربيّة المُحتلّة واعترافها أنّه “أعلى من الخطر من جهة قطاع غزّة المحاصر”، باعتبارها ترزح تحت الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة والمتصاعدة منذ عام 1967.
في ظل التهديدات الكثيرة التي تواجه الكيان الصهيونيّ ومصيره المستقبليّ باعتراف الإسرائيليين ومحلليهم، تراجعت نسبة المتفائلين حيال الأمن القومي للعدو الصهيوني من 52% في آب/أغسطس الماضي إلى 43% في تشرين الأول/أكتوبر الجاري، وكانت نسبة المتفائلين 45% بين اليهود و30% بين العرب، حيث شهدت عدّة مناطق زيادة واضحة في معدل المقاومة في الضفة، وهي جملة تُسمع كثيراً هذه الأيام في مختلف وسائل الإعلام التابعة للعدو، والتي تشمل مجموعة كبيرة من الإجراءات من إلقاء الحجارة إلى إطلاق النار، على الرغم من أن الكيان يزعم دائما أن الأوضاع في الضفة “تحت السيطرة”، وأن ما يجري من عمليات مقاومة رغم خطورتها، إلا أنها “حالة فردية” يمكن تجاوزها، لكن الوضع مُغاير لما يروج له الكيان، فالضفة لم تعد كالسابق والمقاومة تتطور كمًا ونوعًا، مع ارتفاع احتمالات أن تنفجر الأوضاع أكثر وأكثر في الضفة الغربية بسبب التمادي الإسرائيليّ الصادم، والدليل هو استطلاع الرأي الصهيونيّ.
ومع رغبة الكيان الغاصب العارمة في قمع الفلسطينيين والسيطرة عليهم، واستخدامه أبشع الجرائم المنقطعة النظير والعنصريّة الغريبة الوصف لإنهاء وجودهم، تبين من الاستطلاع الإسرائيليّ أن نسبة المتفائلين بمستقبل ما تسمى “الديمقراطية في إسرائيل” متدنية للغاية، حيث بلغت النسبة العامة 36.8% (38% بين اليهود و30% بين العرب)،ما يظهر بوضوح حقيقة الكيان العارمة في قمع الفلسطينيين والسيطرة عليهم، كما أنّ السياسات الإسرائيليّة ساهمت في ارتكاب جرائم ضد الإنسانيّة لا حصر لها، في أعقاب المنهج العنصريّ بحق أبناء فلسطين وتصاعد إجرام العدو الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الأبرياء.
وفي الوقت الذي أظهر الاستطلاع أن 39% من مجمل الناخبين لا يثقون بنتائج انتخابات برلمان اكيان الاحتلال، التي ستجري يوم الثلاثاء المقبل، وتأكيدهم أن هذه النتائج لن تعكس جيدا التصويت في صناديق الاقتراع، تراجع التأييد بين اليهود والعرب على حد سواء لحل الدولتين، وحيث قال 31% من اليهود إنهم يؤيدون قيام حكومة العدو بالدفع تجاه حل الدولتين بعد الانتخابات، بينما كانت هذه النسبة 44% في استطلاع شباط/فبراير العام 2021، فيما أيد ذلك 60% من العرب، بينما كانت هذه النسبة 79% في شباط/ فبراير 2021، وقد تراجع التأييد لحل الدولتين في جميع الأوسط السياسية للكيان، فقد كانت نسبة التأييد هذه بين ناخبي أحزاب اليمين الصهيوني 29.5% وتراجعت إلى 20%؛ وكانت 59% بين ناخبي أحزاب الوسط وتراجعت الآن إلى 49%؛ وكانت 85% بين ناخبي أحزاب اليسار الصهيوني وتراجعت الآن إلى 69%.
وبالاستناد إلى أنّ الجميع يترقب موعد انفجار “انتفاضة عارمة” في الضفة الغربية ستغير الواقع الحاليّ برأيهم بشكل كبير، لأنّها ترزح تحت الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة والمتصاعدة منذ 55 عاماً، وإثر التصعيد الأمني الكبير في الأشهر الماضية، ارتفعت نسبة الذين يتوقعون اندلاع “انتفاضة فلسطينية ثالثة” في حال عدم التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، ففي حزيران/يونيو 2017، توقع 36% اندلاع انتفاضة ثالثة، وارتفعت هذه النسبة إلى 55% في حزيران/يونيو الماضي، وإلى 62% في تشرين الأول/أكتوبر الجاري، ولا يخفى على أحد أنّ الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة تتصاعد يوماً بعد آخر بحق أهالي الضفة الغربيّة المحتلة منذ يوم احتلالها، حيث تعيش المنطقة أوضاعاً متوترة للغاية وعمليات إطلاق نار تستهدف قوات الاحتلال، في ظل مواصلة سياسة الاستيطان والقتل المروعين التي تنتهجهما الحكومة الإسرائيليّة بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، ما يشي وفقاً لمراقبين باحتماليّة أن تفتح أبواب جهنم على تل أبيب التي اختارت تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، حيث يتوقع أن تنفجر الأوضاع في أي لحظة بسبب الإجرام الإسرائيليّ اللامتناهي، وكانت نسبة اليهود الذين توقعوا اندلاع انتفاضة ثالثة في حزيران/يونيو الماضي 57%، وارتفعت إلى 64% في تشرين الأول/أكتوبر الجاري، كذلك ارتفعت نسبة العرب من 44% إلى 51.5%.
وفيما يتعلق بأداء قوات الأمن الصهيونيّة (الجيش والشرطة والشاباك)، منح المستطلعون اليهود علامة 54%، فيما منح العرب علامة 23%، بعد أن بات الصهاينة بين فكي كماشة المقاومين، ما أدى لعدم تمتع الإسرائيليين حتى “بنصف السلام والراحة” حسب وسائل إعلامهم، ما يعني اعترافاً مهماً بمواجهة صعبة ذات صفات مختلفة ونتائج مذهلة للمقاومة الفلسطينية، حيث إنّ الدوائر الأمنية الإسرائيلية لم تكن مستعدة لقبول ما يحدث إلا بعد فترة طويلة من اندلاع الأحداث، وبعد العمليات الاستشهادية للفلسطينيين، والتي وصلت إلى عمق الأراضي المحتلة، ما يؤكّد الفشل الإسرائيليّ الذريع في الضفة الغربية ونجاح تكتيكات المقاومة هناك وعلى كل الصعد.
وحول اتفاق ترسيم الحدود البحريّة الفلسطينية المُحتلة من الكيان الإسرائيليّ مع الجمهورية اللبنانية، وقيام المقاومة بحماية سيادة لبنان وحقوقه وثروته للحصول على حقه في استثمار ثروته النفطية والغازية، أشار استطلاع المركز الإسرائيلي أن 50% يعتقدون أن تأييد قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية للاتفاق تأثر باعتبارات سياسية، ونسبة اليهود أعلى من نسبة العرب الذين يعتقدون ذلك، فيما قال 33% إن قرارهم كان مهنيا، و17% لم يكن لديهم رأي لديهم حول ذلك، في وقت يحتدِم الخلاف داخل كيان الاحتلال الإسرائيليّ حول الاتفاق على ترسيم الحدود بين لبنان والعصابات الصهيونيّة التي تسيطر على الأراضي العربية، حيُث يستمّر تراشق الاتهامات بين مؤيّدي الاتفاق ومعارضيه، بالرغم من أنّ القاسم المُشترك بينهما هو نجاح نصر الله، في “ليّ ذراع الولايات المُتحدّة الأمريكيّة وكيانها الإسرائيليّ”، وإلزامهما، تحت طائل التهديد والوعيد بفتح معركة شاملة في الشمال، على التنازل ومنح اللبنانيين حقهم وفق القوانين والمعاهدات والمواثيق الدوليّة، درءاً لمعركة المنتصر الأوحد فيها “محور المقاومة”.
في النهاية، يدرك الإسرائيليون جيداً أنّه لا مستقبل لهم في أرض فلسطين العربية، فهي ليست أرضاً بلا شعب، كما كذبوا، حقيقة تؤكّدها استطلاعات الإسرائيليين أنفسهم خاصة بعد أن وافق الصهاينة على إنشاء وطنهم اليهودي على أرض فلسطين العربيّة تاريخيّاً، وزعموا أنّ فلسطين هي “أرض الميعاد” وأنّ اليهود هم “شعب الله المختار”، وأنّ القدس هي “مركز تلك الأرض”، وأنّها “مدينة وعاصمة الآباء والأجداد”، و”مدينة يهوديّة بالكامل”، بهدف الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أراضي الفلسطينيين بأقل عدد ممكن منهم، وقد شجعت الحركة الصهيونيّة بشكل كبير جداً، هجرة يهود أوروبا الجماعيّة إلى أرض فلسطين خلال النصف الأول من القرن العشرين، لهذا يؤكّدون على عبارة “نحن نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حلّ معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال”، حيث بدأ الصهاينة بفهم كامل الخداع الذي تحاول حكومات العدو زرعه في عقولهم.
المصدر: الوقت
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال