تحول العراق بعد الغزو الأمريكي له، إلى مراكز استيطان عسكري للأكراد في منطقة الشرق الاوسط. فهؤلاء الأكراد ينشطون تارة ثم يخمدون تارة أخرى، لأن هناك جهات تحرك هذه الجماعات الكردية في شمال العراق لا سيما على الحدود مع إيران لزعزعة الأمن في المنطقة ولأهداف معينة ومكشوفة.
تعتبر هذه الجماعات المتمركزة في كردستان العراق منظمات ارهابية تحصل على الدعم من قبل مسعود البارزاني المدعوم بدوره من أمريكا والكيان الصهيوني.
وقد تسببت تحركات هذه الجماعات بالإحراج للحكومة العراقية مع دول الجوار وخاصة إيران، وباتت تلك التحركات مصدر قلق للمواطن العراق أيضاً، لذلك كان الأجدر بالحكومات العراقية المتوالية اخراج الأحزاب الإرهابية المناهضة لدول الجوار من أجل استباب الامن.
إن ما يجري في المنطقة يهدف لزعزعة الاستقرار بشكل عام وفي ايران بشكل خاص، فالولايات المتحدة الامريكية هي التي تدير كل هذه الجماعات وتحركها بشكل صريح، حيث أقامت الولايات المتحدة الامريكية والكيان الاسرائيلي قواعد للتجسس ومقار لتدريب العملاء والمخربين في كردستان العراق لتقوض سيادة دول جوار العراق ومن بينها إيران.
تتعامل إيران بمنتهى الدقة والحزم مع الجماعات الإرهابية المتمركزة على الحدود مع اقليم كردستان، لذلك إن ما قام به حرس الثورة الإسلامية من استهداف المراكز التي تهدد الاراضي الإيرانية مثل قواعد وأماكن تدريب العملاء والجواسيس التي تديرها الاستخبارات الاسرائيلية، كان قد تم التحذير منه خلال الأشهر السابقة وبشكل مستمر وتنبيه الحكومة العراقية وكردستان العراق به.
حيث أثبتت الحكومة الإيرانية بالدليل القاطع أن الفصائل الكردية الإرهابية قامت بإثارة أعمال الشغب ونقل الأسلحة الى المدن الكردية في إيران، الأمر الذي استدعى تدخلاً عسكرياً نفذه الحرس الثوري.
ففي أواخر أغسطس 2022 أي قبل شهر من اندلاع اعمال الشغب في إيران، أعلن حزبان كرديان إيرانيان معارضان يتخذان من إقليم كردستان العراق مقرا لهما، اندماجهما من جديد بعد انفصالهما لمدة 16 عاما، وهما (الحزب الديمقراطي الكردستاني) و(الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني)، ونشر الحزبان بيانا أعلنا فيه عن توحدهما تحت مسمى “الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني”، وأعلنا أن “هذا الإعلان يعبّر عن رحلة جديدة في النضال ضد نظام جمهورية إيران “.
كما اعتقل الحرس الثوري مجموعة من الانفصاليين الإرهابيين واعترفوا بأنهم تلقوا الدعم من إقليم كردستان لإثارة أعمال الشغب وإشعال الداخل الإيراني.
واستضافت أربيل أحزاباً كردية – إيرانية مسلّحة تعمل ضدّ طهران الأمر الذي دفع إيران الى ضرب مواقع هذه الجماعات لحماية أمن إيران ولمنع تسلُّل عناصر المعارضة الكردية – الإيرانية وتهريب السلاح إلى إيران.
يبدو أن الولايات المتحدة وإسرائيل اعتقدتا بأنها الفرصة المناسبة لزعزعة إيران وعلى ما يبدو بأنّ البوابة الوحيدة للتدخل تأتي عبر الحدود المشتركة مع العراق.
ولطالما كشفت الأجهزة الأمنية في إيران مجموعات تابعة لإسرائيل دخلت إيران وعملت على تجنيد مجموعات كبيرة في الداخل الإيراني وذلك للقيام بعمليات تخريبية في المفاعلات النووية الإيرانية.
وأبرز هذه الأمثلة كان عبارة عن مجموعة استخبارات إسرائيلية دخلت عبر الحدود العراقية وقامت بتجنيد عدد من الأشخاص لضرب مفاعل “فوردو” النووي. ومع اندلاع أعمال الشغب في إيران يبدو بأنّ العمليات أخذت منحاً جديداً إذ رغبت الولايات المتحدة وإسرئيل إلى تهريب العناصر الإنفصالية المسلحة وتهريب السلاح إلى إيران للشروع في عمليات مسلحة ضد قوات الأمن في إيران والعمل على تحويل إيران إلى سوريا أخرى.
حيث تولى أحزاب كوملة” و”الديمقراطي الكردي” و”باك” في كردستان العراق، عملية تقديم الدعم العسكري لأكراد إيران، وذلك بحسب ما كشفته الاستخبارات الإيرانية . و الهدف زعزعة الأمن والاستقرار في الضفة الشرقية من الحدود الإيرانية العراقية.
وبحسب الخبير العسكري الإسرائيلي نير دفوري في تقريره على القناة 12 في يوليو 2021: ان “بعض الهجمات المنسوبة لإسرائيل في العراق نفّذها الأكراد بشكل عام، وأن مجموعة من وحدات النخبة في إسرائيل عادت قبل سنوات قليلة من حملة تدريبية في المنطقة الكردية، رغم أن إسرائيل على مدى عقود هي الوحيدة التي قدمت الدعم والتدريب للأكراد في العراق”.
يضم كردستان العراق العديد من المباني التابعة للموساد الإسرائيلي وهو ما أكده مسؤول أميركي كبير تم اقتباس أقواله في تغريدة على موقع صحيفة “نيويورك تايمز”، إذ اعترف أن المبنى الذي تم استهدافه من قبل الحرس الثوري في آذار الماضي هو “مركز تدريب تابع لإسرائيل”.
وقال الكاتب ريتشارد سيلفرشتاين، المدون المتابع للشأن الإسرائيلي، في مقال له نشرها في “ميدل إيست أي” أن “علاقة إسرائيل الدائمة مع أكراد العراق منحتها ميزة استراتيجية في صراعها مع إيران” وأن هذا منح إسرائيل “نقطة انطلاق لمهاجمة إيران”.
يبدو أن الحكومة العراقية استمعت للمناشدات الإيرانية الداعية إلى إعادة انتشار قوات الجيش العراقي على الحدود مع إيران من جهة إقليم كردستان العراق، للحيلولة دون تسلل عناصر إرهابية لإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار في الدولة الجارة.
وفي المقابل أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أمس الاثنين، في مؤتمر صحفي، ترحيب بنشر العراق قواته على الحدود مع اقليم كردستان.
وقال كنعاني، ان اقليم كردستان العراق جزء من الأراضي العراقية ويجب على الحكومة العراقية أن تفي بمسؤولياتها القانونية.
وعليه يمكن القول، إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تزال تفتح المجال للحكومة العراقية المركزية بالقيام بواجباتها القانونية تجاه جيرانها وطرد تلك الجماعات الإرهابية، كما أنها تبقي على خيار اجتثاث جذور تلك التنظيمات الإرهابية الخطيرة ومواصلة ضربها حتى نزع سلاحها بالكامل.
المصادر:
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال