حالة من الحزن طوت عام ٢٠٢٢ نتيجة الدماء التي سالت دفاعاً عن الأرض والتي سطرها 224 شهيداً في كافة المناطقة الفلسطينية ، ليكون 2022 عام نسف الحدود بامتياز ، فترجل الأبطال في النقب وبئر السبع و”تل أبيب” جنين ونابلس وطوباس ورام الله والخليل وغزة وغيرها من المناطق التي توحدت في وجه الاحتلال والمخططات الخطيرة التي حيكت صوب المسجد الأقصى.
وها هي منذ بداية عام ٢٠٢٣حكومة الكيان الإسرائيلي اليمينية المتطرفة التي يقودها بنيامين نتنياهو تواصل حربها المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني وفقا لبرنامجها وخططها العنصرية المعلنة التي تتعارض مع المواثيق والقوانين الدولية والقرارات الأممية الصادرة بشأن القضية الفلسطينية، حيث تتصاعد وتيرة الاعتداءات على الفلسطينيين بشكل خطير، ففي خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من العالم الجديد ارتقى17 شهيدا خلال مداهمات واقتحامات قوات الاحتلال للبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، وأربعة من بين هؤلاء الشهداء أطفال، آخرهم، كان استشهاد طفل لا يتجاوز عمره 14 عاما، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي بمخيم الدهيشة في بيت لحم، فضلا عن حملات الاعتقالات، واستمرار سياسة التهويد وهدم المنشآت والمنازل الفلسطينية وتشريد أصحابها، والمصادقة على المزيد من قوانين التمييز العنصري، بهدف تكريس الاحتلال، وشرعنة مخططات الضم التدريجي للضفة الغربية المحتلة، بجانب الانتهاكات والممارسات الاستفزازية خصوصا تلك المتعلقة بالمقدسات الإسلامية والمسيحية.
وبدوره طالب محمد اشتية رئيس الوزراء الفلسطيني، دول العالم بالتدخل لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، داعيا رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو المجتمع الدولي للتدخل لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي والمجتمع الدولي إلى التحرك والعمل على حماية حقوق شعب بلاده. وحمل اشتية في بيان صحفي ، حكومة الاحتلال كامل المسؤولية عن استمرار الجرائم البشعة، التي يمارسها جنودها، دون أدنى اعتبار للقوانين والأعراف الدولية. وفي سياق متصل، أدان رئيس الوزراء الفلسطيني، استهداف قوات الاحتلال لمستشفى مدينة /جنين/ الحكومي وتهديد حياة المرضى، مطالبًا منظمة الصحة العالمية وجميع المنظمات الحقوقية الدولية بإدانة الجريمة والتدخل لوقفها.
من جانبه ،استنكر المجلس الوطني الفلسطيني، جريمة الاحتلال الإسرائيلي التي وقعت في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، والتي أفضت إلى استشهاد فلسطينيين اثنين، محملا حكومة الكيان الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو، المسؤولية الكاملة عنها.
وطالب المجلس في بيان صحفي، الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، بتحمل مسؤولياتهم تجاه الشعب الفلسطيني ووقف الجرائم التي ترتكب بحقه. واستشهد في وقت سابق فلسطينيين اثنين وجرح آخرون خلال حملة اعتقالات نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة.
وسبق أن توقع مراقبون فلسطينيون بأن العام الجاري سيشهد مزيدا من التصعيد الميداني ووجود عدد من الشهداء خاصة في الضفة الغربية وشرق القدس في ظل قدوم حكومة إسرائيلية جديدة هي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
ورأى المراقبون أن تصاعد ممارسات وإجراءات الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو ضد السلطة والشعب الفلسطيني تدفع بتفجير الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس في رام الله أحمد رفيق عوض إن التصعيد المتزايد منذ قدوم حكومة نتنياهو إلى سدة الحكم “ينذر بانفجار كبير للأوضاع الميدانية على الأرض” في الضفة الغربية والقدس وقد تمتد إلى مواجهة عسكرية مع قطاع غزة.
ويضيف عوض أن الممارسات الإسرائيلية اليومية بحق الفلسطينيين من خلال سياسة القتل وهدم المنازل ومصادرة الأراضي واقتحامات المسجد الأقصى تخلق “أجواء من التوتر وتزيد من فرص اندلاع انتفاضة جديدة يدفع ثمنها الإسرائيليون”.
ويتابع أن حكومة نتنياهو “ترغب في تفكيك السلطة الفلسطينية وتدير ظهرها لمفاوضات عملية السلام وتستبدل ذلك بعمليات القتل، ولكنها لن تستطيع القفز عن الفلسطينيين وإسقاطهم عن طاولة المفاوضات”.
ويشير عوض إلى أن القيادة الفلسطينية في “ذروة اشتباك سياسي ودبلوماسي في المحافل الدولية مع حكومة نتنياهو التي تحاول حسم الصراع من خلال ضم الضفة الغربية وتحويل الدولة الفلسطينية إلى معازل”.
وإلى جانب التصعيد الميداني الذي تسببه الحكومة اليمنية الأكثر تطرفاً ، أقر المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في إسرائيل (الكابنيت) في السادس من يناير الجاري إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية على خلفية توجهها لمحكمة العدل الدولية في لاهاي من بينها اقتطاع مبلغ 39.6 مليون دولار أمريكي من أموال الضرائب الفلسطينية.
كما شملت، بحسب بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تجميد تصاريح البناء في منطقة (ج) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة في الضفة الغربية، وسحب التسهيلات الممنوحة للشخصيات الفلسطينية (في أي بي).
وطالت عملية سحب التسهيلات وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، بالإضافة لإلغاء تصاريح دخول ثلاثة من قيادات حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) إلى إسرائيل وهم نائب رئيس الحركة محمود العالول وعضو لجنتها المركزية عزام الأحمد ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح عقب زيارتهم الفلسطيني كريم يونس في بلدة عارة لتهنئته بالإفراج عنه بعد اعتقاله 40 عاما في السجون الإسرائيلية.
وصاحب ذلك دخول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير في الثالث من يناير الجاري المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة تحت حماية مشددة من قوات الشرطة الإسرائيلية لدقائق معدودة، الأمر الذي قوبل بتنديد فلسطيني رسمي وشعبي.
وانتقدت الرئاسة الفلسطينية في بيان صحفي على لسان الناطق باسمها نبيل أبو ردينة ما وصفته بـ”ضبابية” موقف الولايات المتحدة الأمريكية من “التطرف” الإسرائيلي، مهددة بـ “رد فعل فلسطيني مختلف”.
وقال أبو ردينة إن “حالة التوتر مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الساعية للاستيطان والضم خلقت جوا من عدم الاستقرار، ووضعا محفوفا بالمخاطر، سيكون لها تداعيات خطيرة”.
وفاز نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتشدد بـ 64 مقعدا في الانتخابات التي أجريت في الأول من نوفمبر الماضي، وأدت حكومته الجديدة اليمين الدستورية في 29 ديسمبر الماضي لتكون أكثر حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل.
وقال نتنياهو قبل يوم من تكليفه إن “للشعب اليهودي حق حصري لا جدال فيه في جميع مناطق أرض إسرائيل”، مشيرا إلى أن حكومته ستعمل على “تعزيز وتطوير الاستيطان في جميع أنحاء أرض إسرائيل في الجليل والنقب والجولان والضفة الغربية”.
وبذات السياق يرى بعض المحللين أنه استمرار عدم المساءلة والعقاب والصمت الدولي، وخصوصا ممن وصفهم رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بـ «حماة إسرائيل» في الأمم المتحدة والمنصات الدولية، شجع حكومة الكيان الإسرائيلي، على مواصلة ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني والتي وصلت الى حد قتل الأطفال واعدام المدنيين بدم بارد، الامر الذي يرقى الى اعتبارها جرائم ضد الإنسانية.
وأكد المحللون إن استمرار مسلسل الجرائم الاسرائيلية المتصاعدة في ظل حالة اللامبالاة والصمت الدولي وعدم المساءلة والعدالة، وغياب أي أفق لعملية سياسية، يعني ان الأوضاع في المنطقة مقبلة على تطورات خطيرة قد تهدد الاستقرار الاقليمي حتى العالمي، خصوصا وأن الشعب الفلسطيني لم يعد أمامه من خيارات سوى المقاومة الشاملة للتصدي لهذا العدوان الإجرامي والدفاع عن حقوقه.
المصادر:
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال