ما هو التغيير الذي سيطرأ على سياسة التدخل الأمريكية بعد الخروج من أفغانستان؟ 13

ما هو التغيير الذي سيطرأ على سياسة التدخل الأمريكية بعد الخروج من أفغانستان؟

بعد انسحاب الأمريكيين من أفغانستان، كانت هناك همسات عن أسلحة أمريكية باقية في البلاد وبدأ الأمريكيون أنفسهم يعترفون بأنهم تركوا الكثير من الأسلحة في أفغانستان، وحتى تم نشر إحصائيات عنها  في وسائل الإعلام.


إن التخلي عن هذه الكمية التي لا بأس بها من الأسلحة الحديثة في أفغانستان ليس بالأمر التافه، لأن هذه الأسلحة نفسها يمكن أن تزيد من جشع الجماعات الأفغانية المختلفة للحرب وتقود البلاد إلى خوض حرب سافرة.


وأشعل الأمريكيون فتيل حربً استمرت 20 عامًا في أفغانستان منذ 11 سبتمبر 2001، ما أدت إلى فقد 2 تريليون دولار من الضرائب المفروضة على الشعب الأمريكي في أفغانستان وكلفت الولايات المتحدة تكاليف كثيرة. وحسب ما يراه كثير من المحللين أن فشل السياسة الأمريكية في أفغانستان لا يختلف فقط عن مثله في حرب فيتنام، بل إنه أكثر عارًا. لأن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، على عكس تجربة فيتنام، لم يكن نتيجة الهزيمة في ساحة المعركة، بل هوتغيير في إستراتيجية الولايات المتحدة من الوجود العسكري إلى الانسحاب العسكري في المناطق المتنازع عليها.


لكن ترْكَ الكثير من المعدات العسكرية  في أفغانستان يعني  في الواقع تحول في استراتيجية الولايات المتحدة من الحضورالمادي في المنطقة إلى الحضور السري. وليس هناك شك في أن الولايات المتحدة تمتلك الرقم القياسي العالمي لتجارة الأسلحة، وشركات إنتاج الأسلحة مثل بوينغ، لوكهيد مارتن، رايثيون، جنرل داينمكس، نورثروب غرومان وما إلى ذلك، هي في أيدي أقوى المستثمرين الأمريكيين الذين يديرون السياسة و فضلا عن ذلك، يقودون الاستراتيجية العسكرية للولايات المتحدة وفقا لمصالحهم.


كما لعبت المجمعات الصناعية العسكرية الأمريكية باستخدام آليات مختلفة، دورًا بارزًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة وقادتها إلى التدخل في مناطق ودول مختلفة من العالم. ومنذ أن دخلت الإدارة الأمريكية الحرب العالمية الثانية لصالح هذه المجمعات، كانت هناك أمثلة عديدة على دور وتأثير المجمعات الصناعية العسكرية في السياسة الخارجية التدخلية للولايات المتحدة؛ بما في ذلك الحروب على أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا.


والحرب سوق مربحة لتجار الأسلحة، وكانت صفقات الأسلحة من قبل تجار الأسلحة دائمًا محور اهتمام تجار الحرب وأمرائها؛ لذلك، في عالم اليوم، سيكون غياب الحرب حلما بعيد المنال لشعوب العالم، لأن تأثير صناع السلاح الكبار في الشؤون السياسية وصنعهم للقرارات الكبرى لا يمكن إنكاره. والأهمية والمكانة الدولية لمنطقة غرب آسيا جعلتا هذه المنطقة دائمًا واحدة من أكثر المجالات تحديًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، بحيث يكاد يكون من المستحيل تعزيز القوة المهيمنة للولايات المتحدة دون تعزيز موقعها وهيمنة سياساتها في المنطقة الاستراتيجية لغرب آسيا.


لذلك، من خلال المحاولات الرامية إلى تعزيز الحزام الأمني وتسليح دول منطقة غرب آسيا ثم فرض الحرب عليها، بما في ذلك أفغانستان والعراق، والمساعدة في ظهور الجماعات الإرهابية وإنشائها في المنطقة، كانت الولايات المتحدة دائما بصدد تعزيز هيمنتها على المنطقة.


والآن، عشية ذكرى هجمات 11 سبتمبر والهجوم على مركز التجارة العالمي، الذي أصبح ذريعة للأمريكيين للتواجد في أفغانستان ومحاربة طالبان، سقطت أفغانستان مرة أخرى في يد طالبان. في الواقع، يبدو أن الأمريكيين قد غيروا سياستهم الخارجية التدخلية بطريقة جديدة ويؤدي انتشار الأسلحة في أفغانستان إلى تصاعد الصراعات كل يوم. واستمرار الحرب الأهلية بين طالبان والجماعات الأفغانية الأخرى يزيد من حاجتها إلى المزيد من الأسلحة. وصحيح أن الأسلحة المتبقية في أفغانستان متطورة، ولكن وفقًا للأمريكيين أنفسهم، إنها ليست فعالة بما يكفي لأن بعضها معطل ويحتاج إلى الإصلاح والبعض الآخر بحاجة إلى دعم ومهارات يفتقر إليها طالبان والقوات الأفغانية الأخرى. وبالتالي فإن الأفغان يحتاجون إلى مساعدة الأمريكيين لاستخدام وشراء المعدات وإصلاحها، وهي قضية إذا ما ظهرت واستمرت فسوف تنجم عنها توترات عدیدة في أفغانستان ویصبح الأفغان أكثر اعتمادًا على الولايات المتحدة وسوف يتم استعمارهم نوعا ما من قبل أمريكا وبشكل خفي.


وبهذه الطريقة، يمكن للأمريكيين إدارة الحرب الأهلية عن بُعد والتي أشعلوها بمساعدة تراثهم المتبقى في أفغانستان ومواصلة استراتيجيتهم المستمرة لزعزعة استقرار المنطقة وفرض التكاليف على روسيا وإيران والصين.


المصدر ؛iuvmpress.news

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال