ما هو سبب عداءات الغرب مع مسيرة الأربعين وما هو مصدر قلقه المتزايد من استمرار إحياء أربعينية الحسين (ع) ؟ 25

ما هو سبب عداءات الغرب مع مسيرة الأربعين وما هو مصدر قلقه المتزايد من استمرار إحياء أربعينية الحسين (ع) ؟

بعد سقوط حزب البعث العراقي، مسیرة الأربعين التي ترجع جذورها إلى تقاليد الشيعة القديمة وكانت محظورة ومقيّدًة  في عهد صدام تم إحياؤها مرة أخرى. منذ ذلك الحين، كل عام شارك في هذا الاحتفال المذهبي عدد أكبر من الأشخاص الذين شاركوا في العام السابق، وفي كل عام أقيمت هذه المسيرة بجودة وكمية أكبر، حتى مع صعود داعش وانعدام الأمن في العراق، لم يعطل الاحتفال بل تولت قوات الشعب العراقي، والحشد الشعبي وقوات جبهة المقاومة مهمة توفيرالأمن لهذا الحدث الكبير، لدرجة أن مسيرة الأربعين أصبحت أكبر استعراض للقوة الإسلامية والشيعة.

لقد كانت مسیرة الأربعين فريدة من نوعها عبر التاريخ، اجتماعيًا وبناءً على دوافع دينية وخلق الوحدة بين الشيعة، وذلك حینما تتلاشى الفروق وتتحرك القواسم الدينية المشتركة حول شعار “لبيك يا حسين” وتهمش كل الخلافات والشجارات. واليوم، وبفضل الإمام الحسين (ع)، يعتبر العراقيون والإيرانيون بعضهم البعض أشقاء، وخمدت التوترات طويلة الأمد واضمحلت الخطط البريطانية المثيرة للشجار بين العرب والعجم إلى الحد الذي یؤيده أي منطق سليم أنه ليس بوسع أي تفاوض أو معاهدة أو عقد أن ينشئ بالفعل مثل هذه العلاقة الوثيقة بين الشعب العراقي والإيراني‘ بحيث أقربعض العلماء في الولايات المتحدة أن مسيرة الأربعين عطلت تمامًا الخطة الأمريكية الجديدة للشرق الأوسط ووضعت دول إيران والعراق ولبنان وسوريا وغيرها في تركيبة جديدة، وليس فقط هذه الدول لم تتفكك، ولكنها عاشت وحدة مخلصة معا في  ظل مسيرة الأربعين.

وللأربعين رسائل عظيمة لا تتناسب مع مقياس المعادلات البشرية، وهذه نقطة تحول لعالم متعطش للروحانية، عالم جلب الراحة للبشر لكنه يفتقر إلى راحة البال والاعتماد على الحاجات المعنوية والروحية.

في واقع الأمر، يمكن القول إن الأربعين هي مظهر من مظاهر الثقافة الإسلامية. و ديناميكية الثقافة الإسلامية قضية يقر بها جميع العلماء والكتاب الشرفاء، لأن هذه الثقافة هي أفضل حضارة إنسانية تشمل جميع جوانب الوجود الإنساني. ولقد استطاع الأربعين الحسيني أن يكون ملهما وأن يظل أسوة في إحياء الحضارة الإسلامية؛ لأنه ينير الطريق الصحيح من الطريق الخطأ في الحضارة الإسلامية. بينما الغرب لا يريد أن تنطلق حضارة الإسلام من جديد من أي نقطة، وهنا يتضح سبب قلق الغرب من حركة الأربعين العظيمة.

مما لا شك فيه أن مراسم الأربعين والمسيرة إلى كربلاء هي أكبر حركة سلمية واحتجاجية في نفس الوقت للمجتمع البشري على الإطلاق والتي استمرت لحد الان، وهي احتفال للاحتجاج على القهر والتمييز والاستعمار والاستغلال، وسلام على الحرية والترفع عن الدنایا.

وهذه الحركة، بحسب العديد من العلماء والمفكرين المستقلين والحياديين، لها أعداء لا يتسامحون معها؛ إذ إن عظمتها من حیث عدد المشارکین ونظامها في حالة عفويتها وشعبیتها، ورسائلها السياسية والأخلاقية الموجهة إلى الشعوب المظلومة وتحفيز تفكيرها، أرعبت الغربيين وجعلتهم يسعون جاهدين لإيقافها.

لذلك‘ فإن أعداء الإسلام والمسلمين يرون مسيرة الأربعين الكبرى مناورة مهمة لجبهة المقاومة ومكافحة الاستكبار وهم قلقون جدا من انتشارها. وفي السنوات التي سبقت أزمة كورونا، عندما كان يقام هذا الحدث العظيم أكثر روعة وازدحاما كل عام، حاول الغرب بشتى الطرق، منها اللجوء إلی الصمت وعدم التغطية الإعلامية والتشويه والكذب، وكذلك تغطية أخبار كاذبة وهامشية عن وضع الأمن في العراق، تقليل أهمية هذا الحدث الفريد وعظمته.

مع تفشي كورونا وفرض القيود الصحية في العام الماضي، أقيمت مسيرة الأربعين بحضور عدد أقل من عشاق الحسین (ع) وجرّائه سعد الغربيون مما وقع، بيد أن الاحتفال حضره زوار من مختلف المدن العراقية، حيث أحيا الشعب العراقي ذكرى حضور الزوار في السنوات السابقة نيابة عنهم، وأقاموا مسيرة الأربعين بنفس الجودة وكرّموا ذكرى شهداء المقاومة طوال الطريق المفضي إلى كربلاء. في الحقيقة، صحيح أن كورونا منع تواجد عدد كبير من الزوار وعشاق الحسين (ع) وخاصة الإيرانيين في مسيرة الأربعين، ولكن بسبب جريمة اغتيال قادة المقاومة اتصف مراسم الأربعين في العام الماضي، بطابع المقاومة و لون المكافحة والمثابرة.

المصدر ؛iuvmpress.news

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال