يعتبر الخطاب السياسي شكلاً من أشكال التوجه أو المسار في الاستخدام من أجل تحقيق مكسب في صراع أو خلاف سياسي، وتكمن أهميته في أنه أداة ضرورية لعرض وجهات النظر والأطر العامة و رسم السياسة والمبادئ والأيديولوجيات.
ويتميز الخطاب السياسي بأنه خطاب يقوم على عملية الإقناع للجهة الموجه لها الخطاب، بالإضافة إلى تلقي القبول والاقتناع بمصداقيته.
وخطاب المعارضة السورية بكافة مكوناتها يفتقر إلى الأسس والمفاهيم والأشكال والأطر التي تضعها في قالب يمكن صياغته بالشكل والأسلوب كي تخدم البلاد وليس تنفيذ أوامر المشغلين لها لتحظى بأهتمام تلك الدول.
ففي الوقت الذي لم يعد فيه لهذه المعارضة أي وجود وتأثير في سوريا، وبدء الكثير من الدول مراجعة حساباتها وفتح سفارات وقنوات اتصال مع دمشق وارسال وفود ووزراء ومبعوثين سواء بشكل علني أم سري وحديث تركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان، الداعم الأكبر لهذه المعارضة، عن رغبته بلقاء الرئيس السوري بشار الأسد والكثير من التطورات المتسارعة التي تصب جميعها في ما يتوافق مع قرارات دمشق الوطنية ومساعيها للحفاظ على انجازاتها طيلة ١٠ سنوات من الحرب التي تسببت بها هذه المعارضة اللا وطنية، خرج المدعو معاذ الخطيب الرئيس السابق لما يسمى “الائتلاف السوري المعارض” ليطلق مباردة التي هي أشبه بأمنيات هاوٍ لا علم له بما حدث ويحدث في سوريا و لمن اليد الطولى في اتخاذ المبادرات الوطنية ومن هم الذين لهم الحق في المشاركة بها.
حيث أطلق أحمد معاذ الخطيب ما أسماها مبادرة جديدة للحل في سورية، قدمها عبر فيديو مصور نشر على قناته في منصة “يوتيوب”.
واتهم الخطيب في مبادرته، الحكومة السورية بالمسؤولية عن الأوضاع التي تعاني منها البلاد، متناسياً أنه ومن دفعه إلى اطلاق هذه المبادرة هم المسؤول الأول والأخير عن ما آلت إليه الأوضاع في البلاد ووصلت إلى هذه الحالة.
ودعا الخطيب إلى “افساح المجال لحكومة “تكنوقراط” من شأنها إنقاذ البلاد من الأزمات الاقتصادية والإنسانية” بحسب تعبيره.
وأوضح الخطيب أن “البلاد ستقدم على مصير أسوأ مما هي عليه الآن إن لم نحدث خرقا ونذهب نحو حل يلم السوريين جميعا، والخاسر الوحيد هو الشعب”.
وانتقد الخطيب وفد المعارضة في اللجنة الدستورية، قائلًا: “ثلاث سنوات لم تكتب اللجنة حرفاً واحداً، والله لو يمتلكون ذرة من الكرامة لعلّقوا مشانق أنفسهم بأنفسهم”.
وأحمد معاذ الخطيب هو رئيس ما يسمى “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، قبل أن يقدم استقالته من المنصب عام 2013. وهو إمام سابق في المسجد الأموي في دمشق، وينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين” بسوريا.
وسبق أن أطلق معاذ مبادرة عام 2013 قوبلت بالرفض من زملائه بالائتلاف في ذلك الوقت، حيث جاء فيها أنه مستعد للجلوس إلى طاولة الحوار مع ممثلين عن الحكومة في مكان محايد.
وبهذا الخطاب الجديد سحب الخطيب، نظريته التي آمن بها وطبقها خلال السنوات الماضية، بأن “الشمس تشرق من موسكو”، بعد ان استغل الكثير من المناسبات لتكون منصة يهاجم من خلالها ما يسمى بـ”الهيئة العليا للمفاوضات” و”الائتلاف الوطني”.
يحمل هذا الرجل المتقلب في الرأي، الدولة السورية المسؤولية عن ما قامت به جماعته والإرهابيون التكفيريون عن تدمير سوريا وقتل الالاف وتهجير الملايين الملايين بقرار من داعمهم التركي والأمريكي.
يثبت معاذ الخطيب في هذه المبادرة و في كل مرة ومنذ مقالة الشمس تشرق من موسكو، مروراً بمؤتمر القمة العربية في الدوحة عام 2013، ورفضه التدخل الخارجي، وصولاً لآخر كلمة له، أنه حصان طروادة الخشبي بإمتياز ومجرد أداة للتنفيذ لا غير.
فمن لا يزال يطالب بتشكيل مجلس “تكنوقراطي” لإدارة البلاد للتحضير لمرحلة انتقالية بدون الرئيس بشار الأسد، يبدو أنه منفصل عن الواقع ولا غرابة أن تكون حال “المعارضة السورية” العميلة على هذا الوضع الباهت ما دام أمثال معاذ الخطيب من “جهابذتها”.
وفي جولة سريعة على آراء ما يسمون أنفسهم بالمعارضة يعتبرون معاذ الخطيب ليس سياسياً و ليس لديه خبرة سياسية وغير قادر على تحليل الواقع بشكل منطقي.
مبادرة الخطيب وخطابه بعيدان جدا عن واقع الساحة السياسية في سوريا، فسوريا اليوم تختلف كثيرا عن السنوات السابقة.
وفي ضوء التوجه التركي الجديد، عادت الأنظار تتوجه إلى تشرذم المعارضة وعدم وجود رؤية واضحة لديها، والأهم من كل ذلك غياب الجسم السياسي المبادر الذي يمكن أن يبحث عن البدائل ومن هذا المنطلق انبرى الخطيب ليقص أحلامه الصبيانية.
فالخطيب وأمثاله يعرفون أن أي تقارب سوري تركي – إذا حدث- يتطلب من المعارضة البحث عن تحالفات جديدة غير تركيا مثل الانفتاح على الدول الأوروبية، والولايات المتحدة، وهذا بحاجة الى وجود جسم سياسي قوي، ولكنه غير موجود.
وعليه يرى البعض أن ظهور معاذ الخطيب في الوقت الراهن يأتي في ظل الحديث عن هذه القاءات المحتملة بين تركيا وسوريا، والتساؤلات حول مصير المعارضة السورية خاصة وأن أنقرة تحمل لواء الدعم لهذه المعارضة، لذلك يحاول الخطيب تسليط الضوء عليه لربما يجد لنفسه مكاناً فيما يحدث وسيحدث.
المصادر:
1-https://cutt.us/Q9mWD
2-https://cutt.us/4TCvM
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال